تثابر إيران اليوم على تلميع صورة الجنرال قاسم سليماني ليكون وجهها الجديد وعنوان سياستها الجديدة في الشرق الأوسط. هذه المرة، أخوه يتكلم عنه بشغف، ويصفه بالقائد العطوف.


غاندي المهتار: من المسلمات اليوم الاعتراف بما للجنرال الإيراني قاسم سليماني من نفوذ في إيران والعراق وسوريا ولبنان واليمن، لكن أخاه سهراب سليماني يقول إن الإعلام العالمي ظلم الجنرال، قائد فيلق القدس الإيراني في الحرس الثوري، وذلك في مقابلة نشرتها وكالة أنباء فارس الأربعاء، ونقلتها مجلة فورين بوليسي الأميركية.

لا تعرفونه
أثنى سهراب على أخيه، وأعاد إليه صفاته الإنسانية، كما يقول، بعدما صوّرته الروايات الصحافية والتقليدية عقلًا عسكريًا يدير المتطرفين الشيعة، من دون أن تنظر إلى وجهه الآخر، "أي وجه رجل العائلة الحنون" بحسب سهراب.

وسليماني قائد فيلق القدس، أي قائد جناح النخبة في الحرس الثوري الإيراني، هو المكلف الاشراف على التدخل الإيراني في الصراعات الإقليمية، "لذا يمكننا أن نسامحه اليوم لأنه يقضي وقتًا أقل مع عائلته، وكقائدٍ لفيلق القدس لديه القليل من الوقت لتكريسه لعائلته، لكن اهتمامه بعائلته وأصدقائه لا يتضاءل"، كما يقول سهراب، الذي أسهب في حديثه عن التوازن بين رصانة عمل الجنرال وبين الإنسان الذي في البزة العسكرية. يقول: "إنه شخصٌ جاد، شديد الطيبة والعاطفة، وهذا ما لا يصدقه أؤلئك الذين لا يعرفونه جيدًا".

بلا حراسة
وفي تقريرٍ نشرته المجلة نفسها حول صور يظهر فيها الجنرال سليماني مع مقاتلين أكراد، قالت إن ظهوره للرأي العام بهذه الصورة هو نقطة تحول في حياته العسكرية، بعيدًا عن الظل الذي توخاه خلال ردح طويل من مشواره المهني.

تضاف هذه المقابلة مع سهراب إلى قائمةٍ طويلة من الجهود المبذولة لتلميع صورة سليماني، وتمجيد بطولاته، كما تمجيد انتصارات إيران. ففي مقطع فيديو بثته ميليشيا عراقية، يظهر الجنود وهم يرسمون بآلات الرش وجه الجنرال سليماني على الجدران، بينما يصطف آخرون لتحيته بالتحية العسكرية.

وكشف سهراب في المقابلة سرًا مهمًا عن أخيه، قد تثير اهتمام الاستخبارات الأميركية والإسرائيلية. قال: "أخي يرفض التجول بمرافقة حرس شخصي، وقد يكون أمنه سبب مخاوف كثيرة لدى قيادة الحرس الثوري". حتى لو كان الأمر كذلك، إذا كانت الولايات المتحدة وإسرائيل تعلمان مكانه، كما يحدث بين حينٍ وآخر، فإنهما لا تخاطران بإشعال صراعٍ إقليمي لا تعرف نهايته من خلال اغتيال شخص ربما يكون أثمن صيد بين القيادات الأمنية الإيرانية.

تبديل وجوه
يصر سهراب على أن أخاه بطل قومي إيراني، فهو ليس مهتمًا بالسياسة، وهو دائم الانشغال بحبه لإيران. يقول: "لديه علاقات وثيقة بأبناء الشهداء، ولا يهتم لأي فصيل ينتمي هؤلاء الشهداء".

قد لا يكون سهراب مخطئًا في وصف أخيه، وهو أيد وصف مجلة نيويوركر لسليماني بأنه القائد العسكري العطوف. قال: "قبل أن يرسل رجاله إلى المعركة، يعانقهم واحدًا واحدًا لتوديعهم، وفي خطبه يشيد دائمًا بالجنود الشهداء ويتوسل لهم أن يغفروا له عدم استشهاده معهم".

وربما تبشر الضجة المثارة حول سليماني بترفيعه وظيفيًا. فالظروف الإقليمية تحتم عليه ألا يبقى في الظل بعد الآن. وهو منذ وقتٍ ليس ببعيد كان يقود العمليات السرية ضد القوات الأميركية في العراق وأفغانستان. الآن، يستطيع أن يقف امام الكاميرا وأن يوسع قاعدته الجماهيرية، إذ تريده إيران وجهًا ودودًا يساعدها على التخلص من صورتها المتطفلة غير الجديرة بالثقة في الشرق الأوسط.
&