يتحدث مواطنون ايرانيون عن عامين من رئاسة حسن روحاني، ذلك الرئيس الذي وصف بالاعتدال والذي وعد ناخبيه بالنعيم، لكن الحال اليوم مازال على ما هو عليه، ويبدي كثيرون ندمهم لتصديق الرئيس الذي لم يفلح في تحقيق وعوده.


عبدالإله مجيد من لندن: في حي خان آباد قرب البازار الكبير في طهران يقضي علي البالغ من العمر 39 عاماً يوماً صيفياً قائظاً بالاتكاء على دراجته النارية العتيقة.

وكانت الانتخابات الرئاسية جرت بعد فترة وجيزة على الافراج عنه من السجن حيث امضى اربع سنوات بتهمة السرقة.

رجل صلب؟

اقترح شقيق علي الأكبر التصويت لصالح حسن روحاني باعتباره "رجلا صلباً".

إيرانيات يتجمهرن أمام محكمة في اصفاهان للاحتجاج على تعرض نساء لهجمات بالأسيد من قبل متشددين - AFP بتاريخ 22 اكتوبر 2014

وقال علي "ان البلد كان في حالة يُرثى لها والكل يعيشون وضعاً مزرياً".

واضاف انه خرج من السجن قبل شهرين على الانتخابات وان شقيقه قال له ان روحاني سيوفر مزيدا من فرص العمل. "لذا صوتنا له وشجعتُ بعض اصدقائي من السجن على التصويت له ايضا"، كما يؤكد علي.

آمال ضائعة

في آب/اغسطس انتهت السنة الثانية من ولاية روحاني وما زال علي ينتظر تحقيق الآمال التي عقدها على رئاسة روحاني.

ويلاحظ علي قائلا "قبل عامين كنا نجلس هنا حول دراجتي النارية ندخن وها نحن نفعل الشيء نفسه الآن".&

كان علي يعمل ميكانيكي سيارات ويعرف شيئاً بسيطاً في الكهرباء مثل تصليح مكيفات الهواء والمراوح وآلات عصر الفواكه قبل ان ينحرف الى السرقة.

وقال علي لصحيفة الغارديان "طفتُ على مئة مكان ابحث عن عمل، أي عمل ولكن بلا جدوى. فالحرفيون والصناع لم يعودوا يأخذون متدربين لأنهم لا يملكون المال لدفع اجور المتدربين".

وتابع علي قائلا "ان روحاني قال لنا انه سيوفر لنا فرص عمل لكنه تركنا معلقين في الهواء".

حتى الأفيون لم يعد يكفي !

أدمن علي على المخدرات في السجن ولكنه تمكن من الاقلاع في شتاء 2013.

وحين يتعلق الأمر بالمخدرات فان الايرانيين يتعاطون عادة الافيون والهيروين ولكن جيل الشباب الايراني أصبحوا اليوم يحتاجون الى مادة اقوى.

وقال علي ان هناك كثيرين مثله اقلعوا عن تعاطي المخدرات لكنهم عاطلون والبطالة هي أقصر الطرق للعودة الى الادمان.

عائلة إيرانية تحتج على حكم قضائي جائر... واصلت الشرطة وقوات البسيج قمع المعارضين والمواطنين تحت حكم روحاني - صورة من فايسبوك

ويرى علي "ان روحاني متعاطف مع المواطنين ولكن القادة لا يسمحون له بعمل اي شيء".

واشار الى ان هناك آلافاً مثله مستعدين للعمل "من الفجر حتى الساعة العاشرة ليلا".

يعيش علي مع والدته في بيت صغير بالايجار. وهو يقول ان الأسعار ارتفعت خلال عامين من رئاسة روحاني بحيث "لا أستطيع شراء فاكهة أو قطعة لحم لأمي أو اصطحابها الى السينما بين حين وآخر".

عمل علي في مصنع لمدة ثلاثة اشهر بلا اجور ثم قررت الادارة تسريحه قائلة ان لديها الكثير من العمال.

ودعا علي وزارة العمل الى التحرك متسائلا "ألم يأت روحاني الى الحكم لهذا السبب؟ ألستُ مسلماً؟ أي نوع من الحكم الاسلامي هذا؟"

أين الثروة ؟

تابع علي المفاوضات النووية باهتمام واعرب عن تفهمه لحرص روحاني على التوصل الى اتفاق.

وقال لصحيفة الغارديان "نحمد الله على التوصل الى اتفاق فان روحاني عمل جاهدا من اجله وحين يعيش المرء في ظل العقوبات لا يتحرك الاقتصاد والآن بعد ان عادت& مياه النهر الى مجاريها عليه ان يتيح للمواطنين ان يشربوا منها وألا يسمح بذهاب الثروة الى جيوب الأثرياء".

قال علي انه متفائل بالمستقبل ولكنه خائف ايضا مشيرا الى "ان البطالة وغلاء المعيشة كالنار والبنزين. فان ارتفاع الأسعار هو بمثابة صب الزيت على نار البطالة واحياناً افتقد الى السجن فهناك على الأقل قدر أكبر من النظام وكل شيء أكثر هدوء. اما هنا في الخارج فكل شيء يبعث على الغم والاكتئاب.& وإذا لم يتمكن روحاني من تصحيح الأوضاع فإني قد أعود الى الجريمة".

لا حريات مع روحاني !

وفي حين ان استياء علي من روحاني ينصب على توفير فرص العمل فان لدى مرجانة التي تعيش في احد الأحياء الراقية شمال طهران مشاكل من نوع آخر مع النظام.& وقالت مرجانة (40 عاما) لصحيفة الغارديان "أنا في حرب مع الشرطة بشأن الحجاب الذي ارتديه منذ كنتُ في السادسة عشرة. وأعطيتُ صوتي لروحاني لتحسين الاقتصاد وإبعاد هؤلاء البلهاء عن الشوارع ولكنهم هذا العام وحده اخذوني في سياراتهم ثلاث مرات".

وتابعت مرجانة قائلة "ألم يقل روحاني انه يريد اعادة حكم القانون؟& فليتحرك بهذا الشأن! هل كثير ان نطلب من شخص واحد ان يلتزم بكلمته هنا؟"

وأكدت مرجانة انها تحب روحاني واشادت بتمكنه من التوصل الى الاتفاق النووي ولكنها اضافت ان الاقتصاد والأمن القومي ليسا كل شيء "فأنا امرأة متعلمة ولدي حقوق ويُفترض بالرئيس ان يدافع عن حقوق الناس وان يمنع الشرطة والباسيج من عمل ما يحلو لهم بالناس في الشارع. ليس المفترض به ان يجرنا الى الجنة ولكنه يجب ألا يتركنا عالقين في جهنم".

تفاؤل حذر

ايرانيون آخرون ابدوا وجهات نظر مغايرة.& فعباس (42 عاما) الذي يدير محلا لبيع منتجات سامسونغ في شارع جمهوري يقول ان الأوضاع تتحسن بعد الأيام العصبية التي عاشها بسبب تشديد العقوبات الاميركية والاوروبية في عام 2012 بحيث انه كاد ان يشهر افلاسه.

شباب إيراني يتحدى جحافل من قوات البسيج - فايسبوك

واعتبر عباس ان استقرار العملة كان "نهضة اقتصادية للايرانيين حتى لو لم يفعل رووحاني شيئا. فهناك الآن قدر من النظام في السوق وأخذ الناس يعودون ببطء الى حياتهم الطبيعية".

وقال عباس "ان روحاني رئيس كان عند كلمته وحين يُفرج عن الأموال بعد الاتفاق النووي من المؤمل ان يستمر سعر الدولار في الهبوط وتعود السوق الى الانتعاش".& واضاف "أنا متفائل بالعامين الأخيرين من رئاسة روحاني وإذا رشح لولاية ثانية سينال صوتي".

مزيدا من النضال

في حديقة لالة وسط طهران جلس محمد رضا (79 عاما) الذي شهد انقلاب 1953 على حكومة مصدق مع اصدقاء قال انه يعرفهم ويلتقيهم منذ سنوات المراهقة.&

وابدى رضا رأيه بالوضع قائلا لصحيفة الغارديان "ان الايرانيين يخرجون للتصويت كل اربع سنوات منذ 35 عاما ثم يعودون الى بيوتهم ويجلسون منتظرين. ولكن الامور لا تتحق بهذه الطريقة بل عليهم ان يجروا نقاشات متواصلة وان يعملوا ويعقدوا اجتماعات".

واقتبس رضا من السينمائي الايراني علي حاتمي قوله "أنا لا أُعبر عن امنياتي بل احققها". واضاف رضا "ان على الناس ان يكونوا هكذا في السياسة. وهذا ما يفعله الأجانب فهم يدخلون حلبات مختلفة ويطرحون مطالبهم ويناضلون من أجلها. وما التصويت إلا لحظة من ملايين اللحظات المهمة الأخرى. انهم لا يجلسون في بيوتهم ويطلبون من الرئيس أو رئيس الوزراء اصلاح كل شيء بل يحتجون ويشاركون مباشرة والرئيس يوفر لهم الحماية القانونية".&&

&