بعد ضغوط شعبية وبرلمانية وإعلامية، أعلن رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون من لشبونة، اليوم الجمعة، إن بلاده ستستقبل "آلافًا آخرين" من اللاجئين السوريين.


نصر المجالي: أكد كاميرون أن بريطانيا استقبلت بالفعل نحو خمسة آلاف سوري، في إطار برامجها القائمة لإعادة التوطين، وأنها ستواصل استقبال المزيد من اللاجئين. جاء موقف كاميرون تحت ضغوط شعبية وصحافية، تصاعدت في اليومين الأخيرين، وقالت مصادر قريبة من رئيس الحكومة البريطانية إنه لم يتم الاتفاق على رقم محدد، غير أن كاميرون قال سابقًا إن المملكة المتحدة ستواصل استقبال آلاف اللاجئين.

وقال كاميرون للصحافيين في لشبونة، بعد لقاء مع نظيره البرتغالي باسوس كويلو، "في ضوء حجم الأزمة، ومعاناة الناس، بوسعي أن أعلن اليوم أننا سنفعل المزيد لإعادة توطين آلاف اللاجئين السوريين".

ومن المتوقع أن يُستقبل اللاجئون الإضافيون من مخيمات الأمم المتحدة في البلدان المجاورة لسوريا، وليس من الأشخاص الموجودين حاليًا في أوروبا. ويجتمع كاميرون كذلك مع نظيره الإسباني لإجراء مباحثات، من المقرر أن تركز على رغبته في إصلاح الاتحاد الأوروبي، غير أن أزمة المهاجرين سوف تلقي بظلالها على المباحثات.

تصاعد الدعوات
يشار إلى أن الدعوات الموجّهة للمملكة المتحدة إلى استقبال المزيد من اللاجئين تصاعدت بعد نشر صورة صبي سوري، عمره 3 سنوات، غرق على شاطئ في تركيا. وكان كاميرون قال يوم الخميس إنه كأب يشعر "بالتأثر العميق" بهذه الصورة، غير أنه قال إن استقبال المزيد من الناس ليس بالحل البسيط. غير أنه يبدو أن موقف كاميرون قد تحول وسط ضغوط من قبل شخصيات عامة وسياسية.

شملت هذه الضغوط رسالة بعثت بها رئيسة وزراء إقليم إسكتلندا نيكولا ستورجين إلى كاميرون، تطالب فيها بأن تقبل المملكة المتحدة مزيدًا من اللاجئين. كما قال وزير الداخلية العمالي السابق، ديفيد بلانكت، إنه يجب أن تستوعب المملكة المتحدة 25 ألفا خلال الأشهر الستة المقبلة.

عريضة التماس
في الوقت نفسه، حصلت عريضة التماس موجّهة إلى كاميرون بقبول المزيد من اللاجئين على توقيع أكثر من ثلاثة أضعاف عدد المؤيدين، وهو 100 ألف، اللازم لاحتمال طرح القضية في البرلمان.

ومنذ عام 2014، قبلت المملكة المتحدة 216 لاجئًا سوريًا في إطار برنامج يستهدف إعادة توطين الفئات الأضعف. كما مُنح قرابة 5 آلاف سوري اللجوء في بريطانيا خلال السنوات الأربع الأخيرة.

موقف الصحافة&
واستمر اهتمام الصحف البريطانية بمعاناة المهاجرين في سعيهم إلى الفرار من الأزمات الدامية في منطقة الشرق الأوسط، ولاسيما سوريا، إلى أوروبا. وأفردت صحيفة (إنديبندانت)، على سبيل المثال، سبعًا من صفحاتها الأولى لتقارير ومقالات رأي حول المأساة.

وملأت الصحيفة صفحتها الأولى بصور بريطانيين متضامنين مع الساعين إلى اللجوء إلى أوروبا في إطار التماس دعمته الإنديبندانت للضغط على رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون لقبول المزيد من المهاجرين.

وتحت عنوان "هل وصلت الرسالة يا رئيس الوزراء"، قالت الصحيفة إنه خلال قرابة 24 ساعة اشترك قرابة 200 ألف شخص في الالتماس. من جهتها، قالت صحيفة (التايمز) إن حالة الغضب إزاء مشهد الطفل السوري الغارق على شواطئ تركيا أجبرت كاميرون على أن يفتح الباب أمام آلاف جديدة من اللاجئين السوريين.

وخصصت (الغارديان) أحد مقاليها الافتتاحيين للأزمة، قائلة إن بريطانيا لا يمكنها فتح حدودها لكل من يهرب من حرب في أي مكان في العالم، لكن ذلك "لا يعد مبررًا لإصرار الحكومة المخجل على إغلاق حدودنا أمام أكبر عدد ممكن من اللاجئين". وخلصت إلى القول: "التزاماتنا الدولية وضميرنا الجمعي يحتم علينا توفير ملاذ عندما تتجلى كارثة إنسانية أمام أعيننا".

&