&

فيما تتجدد الاحتجاجات الشعبية ضد الفساد وفقدان الخدمات في عموم العراق اليوم، فقد دعا المرجع الشيعي الأعلى في العراق السيستاني الحكومة إلى الضرب بقوة على رؤوس الفاسدين الكبار واسترجاع أموال الشعب التي نهبوها، مشككًا بقدرة السلطة القضائية وهيئة النزاهة على إنجاز الإصلاح من دون تعطيل أو تسويف.. وأكد ضرورة الاهتمام بالقطاعين الزراعي والصناعي المهملين.


أسامة مهدي: قال خطيب جمعة كربلاء (110 كم جنوب بغداد) السيد أحمد الصافي معتمد المرجع الشيعي الأعلى آية الله السيد علي السيستاني في خطبته التي تابعتها "إيلاف" عبر قنوات محلية اليوم ان هناك حاجة ملحّة وضرورية إلى الإسراع في إصلاح مختلف اجهزة الدولة نظرًا إلى المشاكل الكبيرة التي تعانيها البلاد ومعها الشعب العراقي، وهي في الاساس نتيجة لتفاقم الفساد خلال عقد من الزمن، بحيث لا يمكن تجاوز هذه المشاكل الا بإصلاح حقيقي وواسع في جميع مجالات الحياة.

وحذر من انه لا يكفي ان يتناغم المسؤولون مع دعوات المرجعية الدينية إلى الإصلاح، ويؤيدونها خطابيًا وإعلاميًا، وانما العمل بجد وبصورة فاعلة في تحقيق الاصلاح على ارض الواقع، كل من مكانه وموقعه. وقال ان اي مسؤول، ومهما تكن صلاحياته قانونية، فانه لا يمكنه وحده تحقيق الاصلاحات المطلوبة، وانما بتعاون جميع السلطات معه ليتكاتفوا جميعًا لإنجاز هذه المهمة الكبيرة.. مشيرا الى ان المسؤولية هنا تضامنية ويتحملها كل من هم في المواقع الاساسية للسلطة.

الضرب على رؤوس الفاسدين الكبار
واضاف معتمد السيستاني ان من اهم مظاهر الفساد في البلاد هو تكاثر الذين أثروا&على حساب الشعب، واستحوذوا على المال العام بطرق غير مشروعة، مستغلين مواقعهم او مواقع معارفهم في السلطة لتحقيق مآربهم غير المشروعة.

وشدد على أن من واجب الحكومة ضرورة ملاحقة ومحاسبة الرؤوس الكبيرة من الفاسدين واسترجاع الاموال التي نهبوها.. موضحا ان هذه مسؤولية السلطة القضائية وهيئة النزاحة العامة.. لكنه شكك في قدرتهما على ذلك، متسائلًا "هل هما على قدر هذه المسؤولية، ويقومان بها من دون تأخير وتسويف؟". وقال ان الشعب العراقي الذي عانى كثيرا من الفساد الذي ازداد سنة بعد أخرى يتطلع إلى ان تتسارع الخطوات الاصلاحية، وتكون حقيقية وشاملة، تمس جوهر مطالبه في تطهير جميع مؤسسات الدولة وتخليصها من بلاء الفساد الماحق.

ضعف التخطيط الاقتصادي
وعن الازمة المالية التي يشهدها العراق، اشار الصافي الى ان ضعف التخطيط الاقتصادي وعدم وضع استراتيجية متكاملة لاستثمار موارد البلاد غير النفطية هو واحد من اوجه الفساد. واوضح ان البلاد تعاني عدم استخدام مواردها الكبيرة، عدا النفط، ولذلك يجب تنشيط القطاعين الزراعي والصناعي وتوفير فرص عمل للشباب فيهما بدلًا من الزيادة الكبيرة في الوظائف الحكومية من دون الحاجة إلى معظمها.

وشدد على ضرورة تنشيط المسؤولين للقطاع الزراعي من اجل تحقيق الأمن الغذائي وتوفير فرص العمل، ولذلك فإنه من المهم النهوض بهذا القطاع ومواجهة العقبات التي يواجهها ورعاية الفلاحين.

وقال ان القطاع الصناعي يعاني بدوره من الاهمال، وحيث هناك مئات المصانع والمعامل المعطلة، وما يتبع ذلك من وجود الاف العمال العاطلين المطالبين برواتبهم.. داعيا الى الاستفادة من بعض هذه المصانع بعد تأهيلها، وبناء جديدة أخرى، وتحسين وحماية المنتج الوطني من المنافسة الاجنبية وقطع دابر الفساد في هذا القطاع المهم.

واشار معتمد السيستاني في ختام خطبة الجمعة الى ان القضاء على الفساد يحتاج صبرًا وأناة، مستدركا بالقول: لكنه لابد من الإسراع في اتخاذ خطوات حقيقية مقنعة للشعب ومطمئنة إلى أن المسؤولين جادون في الاصلاح والقيام بما هو ضروري من اجل ذلك.

يذكر انه ضمن حملة الاصلاحات التي اعلنها أخيرًا رئيس الوزراء حيدر العبادي، فقد قرر في اواخر الشهر الماضي تقليص عدد المناصب الوزارية الى 22 بدلًا من 33 عبر الغاء ثلاثة مناصب لنواب رئيس الوزراء، واربع وزارات، ودمج ثماني وزارات، وجعلها اربعا فقط. وكانت الحكومة اقرت في التاسع من الشهر الماضي حزمة اصلاحات لمكافحة الفساد وترهل مؤسسات الدولة، ووافق عليها البرلمان، بعد يومين، مرفقا اياها بحزمة اصلاحات اضافية مكملة.

أتت هذه الخطوات الاصلاحية بعد اسابيع من التظاهرات في بغداد ومناطق عراقية عدة، طالب خلالها المحتجون بتحسين الخدمات، لا سيما المياه والكهرباء، ومكافحة الفساد ومحاسبة المقصرين. وتلقى هذه المطالب دعمًا مهمًا من المرجعية الشيعية العليا، بدعوتها للعبادي إلى أن يكون اكثر جرأة وشجاعة ضد الفساد.

ورغم الضغوط الشعبية ودعم السيستاني للاصلاح، إلا أن الطبيعة المتجذرة للفساد في العراق، واستفادة معظم الاحزاب والكتل السياسية منه، قد تجعل من الصعب احداث تغييرات جوهرية، بحسب عدد من المحللين.
&
&