يفتتح القضاء التركي الاربعاء محاكمة الداعية والمفكر الاسلامي فتح الله غولن الذي انتقل في خلال سنتين من وضع الحليف المميز الى العدو اللدود للرئيس رجب طيب إردوغان على خلفية فضيحة فساد هزّت النظام التركي.


اسطنبول: سيحاكم الامام غولن (74 عاما) الذي يعيش في مأمن منذ اكثر من 15 عاما في الولايات المتحدة، امام محكمة في اسطنبول مع عشرات الشرطيين بتهمة "تشكيل منظمة ارهابية" والقيام بـ"محاولة انقلاب عسكري".

ويتهم إردوغان الذي يتولى الرئاسة منذ 2003، الداعية غولن الذي ساعده في تشديد قبضته على تركيا، بالغدر به من خلال التسلل الى دوائر الدولة واختلاق الاتهامات بالفساد الموجهة الى حكومته الاسلامية المحافظة وعائلته بالذات في كانون الاول/ديسمبر 2013.

وفي ختام مرافعة تضمنت 1453 صفحة طلب المدعي العام المكلف الملف إنزال عقوبة السجن المؤبد بحق الداعية وقائدين سابقين للشرطة.

لكن غولن الذي لن يمثل شخصيا امام القضاة، نفى بشكل قاطع على الدوام هذه الاتهامات. ومطاردته لا تشكل برأيه سوى دليل اضافي على الانحراف الاستبدادي للرجل القوي في تركيا.

وحتى قبل بدء الجلسات ندد محاميه نورالله البيرق بملف فارغ، وقال "لا يوجد اي دليل على تشكيل اي منظمة ارهابية. والاتهامات لا تستند الا الى ادعاءات ومجرد تصريحات. وهذا ليس كافيا".

واضاف المحامي "ان الدليل الوحيد الذي يمتلكونه هو اتصال هاتفي اجراه موكلي مع شرطي في اليوم الذي اندلعت فيه الفضيحة. وفي تلك المكالمة لا يوجد اي اشارة الى اي أمر موجه من موكلي الى اي شخص".

ويلاحق المتهمون الـ 66 الآخرون، معظمهم من عناصر الشرطة، بتهمة الانتماء الى منظمة مسلحة ويواجهون عقوبات بالسجن لمدد تتراوح بين 7 و30 سنة.

حرب حتى الموت

والمحاكمة التي ستبدأ الاربعاء ليست الاولى بحق غولن، لكن يبدو انها تحظى بأكبر تغطية اعلامية لانها مرتبطة مباشرة بالتحقيق القضائي في قضية الفساد -المغلقة منذ ذلك الحين- التي أدت الى اندلاع حرب حتى الموت بين رفيقي الدرب سابقا.

وتسببت هذه الفضيحة ايضا برحيل اربعة وزراء وشكلت مادة دسمة لشبكات التواصل الاجتماعي التي تناقلت مقتطفات من المكالمات الهاتفية المحرجة لإردوغان ونجله بلال.

ورغم الضرر الذي لحق بإردوغان عندما كان رئيسا للوزراء في تلك الآونة الا ان ذلك لم يحل دون فوزه في الانتخابات البلدية في آذار/مارس 2014، وبعد خمسة اشهر من ذلك انتخب على رأس الدولة.

لكنه شن انتقاما حملة تطهير غير مسبوقة في اوساط المقربين من الامام غولن شملت خاصة دوائر الشرطة والقضاء وشبكته الواسعة من المدارس والشركات ووسائل الاعلام اضافة الى المنظمة غير الحكومية المعروفة باسم "حزمت" اي "الخدمة" بالتركية.

وبعد بنك آسيا الشبكة المصرفية العاشرة في البلاد، وضع القضاء التركي في تشرين الاول/اكتوبر تحت وصايته مجموعة كوزا-ايبك المالكة لصحيفتين وشبكتي تلفزة في تدبير أثار التنديد واعتبر انتهاكا لحرية الصحافة.

وبحسب وكالة الاناضول التركية القريبة من الحكومة، فقد اعتقل حوالى 1800 شخص يشتبه في انهم من المقربين من الداعية بينهم 750 شرطيا منذ العام 2014. وينتظر 280 منهم محاكمتهم في السجن.

وفي كل اطلالاته لا يوفر إردوغان الفرصة ليكيل الاتهامات وينعت شبكة غولن بكل الآفات متوعدا& النيل منها. وقال في الايام الاخيرة "ان قادة هذه العصابة وكل الآخرين سيحالون الى القضاء".

وقبل اسبوعين قال وزير العدل التركي بكر بوزداغ متوجهًا الى غولن "ليأتِ الى تركيا وليمثل امام المحكمة"، مضيفا "ان تركيا بلد ديمقراطي ودولة قانون".

لكن بالرغم من مطالبها فشلت الحكومة التركية حتى الآن بالحصول على موافقة على تسليم غولن حتى انها رفعت مؤخرا دعوى ضده امام القضاء الاميركي.