واشنطن: رفض دونالد ترامب السبت الدعوات لانسحابه كمرشح الحزب الجمهوري للرئاسة الاميركية بسبب الفضيحة التي طالته اثر نشر شريط فيديو يروي فيه كيفية تحرشه بالنساء، مؤكدا انه لا يستسلم ابدا.

وتسببت هذه الفضيحة له بانتقادات اكثر من اي وقت مضى فيما يجد نفسه معزولا وسط حزبه الجمهوري فيما تسود حالة اضطراب قوية لدى فريق حملته عشية مناظرته الثانية الحاسمة امام منافسته الديموقراطية هيلاري كلينتون.

وقال ترامب لصحيفة "وول ستريت جورنال" السبت "انا لا استسلم ابدا" وذلك اثر دعوات بعض الجمهوريين الى انسحابه من السباق.

واضاف "لن انسحب ابدا"، نافيا وجود اي ازمة في حملته الرئاسية. وقال "احظى بدعم رائع في حين ان هيلاري كلينتون مرشحة تحفل بعيوب رهيبة" في اشارة الى منافسته الديموقراطية.

ولم تساهم الاعتذارات التي قدمها ترامب في تخفيف حدة العاصفة التي اثارتها اقواله.

وقال ترامب في شريط فيديو بث على فيسبوك ليل الجمعة السبت "لم اقل ابدا انني كنت شخصا مثاليا". واضاف انه يشعر "بالاذلال" متعهدا ان يصبح "رجلا افضل".

وفي شريط نشر على حسابه على تويتر قال "الذين يعرفونني يعرفون أن هذا الكلام لا يعكس من أنا. وسبق أن قلت: أخطأت وإنني أعتذر".

لكنه بقي على خطه الهجومي، فجدد اتهاماته لزوج منافسته الرئيس الأسبق بيل كلينتون بـ"اساءة معاملة نساء" في تسعينات القرن الماضي، وحمل على هيلاري كلينتون التي اتهمها بـ"مضايقة ضحاياه ومهاجمتهن واهانتهن وتخويفهن".

وختم "سنتحدث في ذلك خلال الايام المقبلة. أراكم في المناظرة".

ويعتقد ان ذلك كان الاعتذار الاول الذي يقدمه ترامب خلال 16 شهرا من الحملة الرئاسية حيث اثارت مواقفه من النساء جدلا متكررا.

واندلعت الفضيحة الجمعة مع نشر صحيفة "واشنطن بوست" فيديو يعود الى العام 2005 حين كان ترامب رجل أعمال ونجما تلفزيونيا عمره 59 عاما، يروي فيها بكلام بذيء ومهين اسلوبه في التحرش بالنساء اللواتي يشتهيهن، ولو بدون موافقتهن.

ويقول ترامب لمقدم برامج في التسجيل الذي تم بدون علمهما داخل حافلة "حين تكون نجما، يدعنك تفعلها. يمكنك القيام بأي شيء" ويضيف "تمسكنهن" بعضوهن، مستخدما كلمة بذيئة.

ومضى ترامب يقول أنه لا يسعه الامتناع عن تقبيل النساء الجميلات.

وتنذر هذه القضية الجديدة بمناظرة صاخبة مساء الاحد وخصوصا ان الملياردير الاميركي اعتبر خاسرا في المناظرة الاولى مع منافسته الديموقراطية.

ذهول الجمهوريين

ردود الفعل من الجمهوريين على شريط الفيديو لم تتأخر، وذهب بعض المسؤولين الى حد مطالبته بالانسحاب من الحملة فيما قرر آخرون سحب دعمهم له.

وقد سبق أن شهد الملياردير أسابيع مجحفة في سياق حملته، ولا سيما في آب/أغسطس، غير أنه تمكن في كل مرة من تخطي هفواته وأخطائه.

لكن الفرق هذه المرة أن هذه التسريبات ترد قبل شهر فقط من موعد الانتخابات، في وقت باشر الأميركيون الإدلاء بأصواتهم في عمليات الانتخاب المبكرة.

وسارع بعض مؤيدي ترامب إلى التبرير بأن هذا الكلام يعود إلى 11 عاما ولا ينقض المزايا الأخرى التي يتمتع بها رجل الأعمال.

غير أن الذعر عم صفوف الحزب الجمهوري، خشية التعرض لهزيمة نكراء في تشرين الثاني/نوفمبر حيث سيتم تجديد الكونغرس أيضا.

واعرب كبار قادة الحزب الواحد تلو الآخر عن اشمئزازهم وغضبهم ورفضهم لما ورد في التسجيل وفي طليعتهم رئيس مجلس النواب بول راين الذي سارع الى سحب دعوة كان وجهها الى ترامب للمشاركة في تجمع السبت في معقل راين الانتخابي في ويكسونسن.

وقال رئيس مجلس النواب "لقد شعرت بالاشمئزاز لما سمعته اليوم. يجب الدفاع عن النساء وابداء الاعجاب بهن وليس معاملتهن كسلع".

من جهته اعتبر المرشح السابق للانتخابات التمهيدية للجمهوريين ماركو روبيو انها تصريحات "سوقية وكريهة ويستحيل تبريرها".

كما ندد المرشح الجمهوري للرئاسة عام 2012 ميت رومني باقوال ترامب "الشنيعة التي تعتبر مذلة لنسائنا وفتياتنا وتنسف صورة اميركا في العالم".

واعلن عدد من النواب من بينهم نواب ولاية يوتاه المحافظة، انهم لن يصوتوا لترامب، من دون تقديم دعمهم للمرشحة الديموقراطية.

غير ان بعض الشخصيات الجمهورية القليلة مضت الى حد الدعوة الى سحب المرشح من السباق، وهو احتمال غير واقعي.

وكان من المفترض ان يغتنم ترامب المناظرة المقبلة التي تجري في سانت لويس بولاية ميزوري، ليلمع صورته لدى الشباب والاقليات والناخبات ويثبت لهم أنه ليس الشخص المعادي للأجانب والمسيء للنساء الذي يصوره الديموقراطيون.

وكتبت هيلاري على تويتر "النساء لديهن القدرة على وقف ترامب"، مرفقة تغريدتها بفيديو جديد يتضمن مقتطفات من تصريحات ترامب المسيئة للنساء.

وطغت هذه الفضيحة بفداحتها على تسريب موقع ويكيليكس الجمعة وثائق لمقربين من هيلاري كلينتون ولا سيما مقاطع خطاب ألقته المرشحة أمام مصارف اعمال.

ونسبت أوساط كلينتون التسريبات الى موسكو، في اليوم الذي اتهمت فيه واشنطن علنا روسيا بالتدخل في سير الانتخابات الرئاسية الأميركية من خلال عمليات قرصنة.

قلة من الناخبين المترددين

وقال الخبير السياسي في جامعة فرجينيا لاري ساباتو ان شريط الفيديو هذا "طعنة سكين في قلب ترامب، ومن المؤكد ان السؤال سيطرح عليه في المناظرة".

وتابع الخبير ان "ترامب لن يخسر اي صوت من قاعدته الانتخابية، هم لا يكترثون، لكنه لن يتمكن من توسيع قاعدة دعمه".

وتابع نحو 84 مليون شخص المناظرة الأولى في 26 أيلول/سبتمبر والتي نجحت فيها هيلاري كلينتون في الظهور بمظهر يليق بالرئاسة، تاركة دونالد ترامب يكشف نواحي شخصيته التي تثير أكبر قدر من القلق برأي الناخبين المعتدلين، ولا سيما نزقه وسلوكه الانفعالي وقلة معرفته بالملفات.

ولم يعد هناك حاليا سوى 4% من الناخبين المترددين، بحسب استطلاعين لـ" كوينيبياك" و"سي بي إس"، فيما استعادت كلينتون التقدم الذي خسرته لفترة وجيزة في أيلول/سبتمبر، بحيث باتت تحظى بنحو 44% من نوايا الأصوات مقابل 41% لمنافسها.

وقال لاري ساباتو لفرانس برس ان "الانتخابات تستقر، ولم يبق هناك كثير من الناخبين المترددين".