حلب: أعلنت الامم المتحدة الجمعة تأخير عمليات اجلاء جرحى من مدينة حلب السورية بغياب "الضمانات" اللازمة، في اليوم الثاني من هدنة اعلنتها موسكو من جانب واحد، فيما لم تسجل اي مغادرة لمدنيين او مقاتلين من الاحياء الشرقية المحاصرة. 

واعلنت موسكو الجمعة تمديد الهدنة للمرة الثانية لمدة 24 ساعة اضافية، بعدما كانت اعربت عن "قلقها" لرفض المقاتلين الجهاديين مغادرة الاحياء الشرقية. 

وتهدف الهدنة الانسانية، التي دخلت حيز التنفيذ صباح الخميس، بحسب روسيا الى فتح الطريق أمام اجلاء مدنيين ومقاتلين راغبين بمغادرة الاحياء الشرقية عبر ثمانية ممرات، اثنان منها للمقاتلين، هما طريق الكاستيلو شمال حلب وسوق الهال في وسط المدينة.

الا انه لم يُسجل منذ بدء الهدنة خروج اي من المدنيين او المقاتلين او الجرحى من الاحياء الشرقية، بحسب ما ذكر مدير المرصد السوري لحقوق الانسان رامي عبد الرحمن لوكالة فرانس برس.

وقال مراسل فرانس برس في الاحياء الشرقية انه لم يشاهد اي حركة عبور لمدنيين ومقاتلين من الاحياء الشرقية عبر معبر سوق الهال.

كما اكد مصور لفرانس برس من الجهة الغربية بعدما جال على معبري الكاستيلو والهال عدم خروج اي احد.

الا ان الجيش الروسي تحدث عن خروج ثمانية مقاتلين وسبعة مدنيين فقط.

واظهرت كاميرات وضعها الجيش الروسي وتبث مباشرة عبر الموقع الالكتروني لوزارة الدفاع، الجمعة انعدام الحركة على معبر سوق الهال، في حين توقف عدد من سيارات الاسعاف عند معبر الكاستيلو وشاحنات فارغة قرب سواتر ترابية، بالاضافة الى عدد من الجنود.

ودعا الجيش السوري في رسائل هاتفية، تلقاها سكان الاحياء الشرقية، الاهالي للخروج بين يومي 21 و23 "للحفاظ على حياتكم"، كما دعا المقاتلين للمغادرة مؤكدا على ضمان "مسارات امنة للخروج الى ادلب وتركيا".

واتهم الاعلام الرسمي السوري الفصائل المقاتلة في الاحياء الشرقية بمنع الراغبين بالخروج. 

الامر الذي كرره الجنرال سيرغي رودسكوي المسؤول في هيئة اركان الجيش الروسي الجمعة اذ اتهم من وصفهم بـ"الارهابيين" باستهداف الممرات الانسانية.

وتخلل اليوم الاول من الهدنة الخميس اندلاع اشتباكات متقطعة وتبادل قصف المدفعي عند احد المعابر المحددة لخروج المقاتلين.

- "ضمانات امنية" -

وبعد هدوء استمر حتى الرابعة بعد ظهر الجمعة، افاد الاعلام السوري بمقتل شخص واصابة ثلاثة اخرين بقذائف اطلقها "ارهابيون" على الاحياء الغربية.

وأوقفت الطائرات الروسية والسورية قصف الاحياء الشرقية الواقعة منذ صباح الثلاثاء تمهيدا للهدنة.

واعلن الجنرال رودسكوي الجمعة انه "بطلب من مندوب الامم المتحدة ومنظمات دولية اخرى، اتخذ الرئيس الروسي قرار تمديد الهدنة الانسانية في منطقة حلب 24 ساعة من الساعة الثامنة حتى 19,00 بالتوقيت المحلي يوم 22 تشرين الاول/اكتوبر" اي من الساعة 5,00 حتى 16,00 ت غ.

وكانت الهدنة محددة في البداية ليوم واحد لمدة 11 ساعة في حلب، قبل ان يجري تمديدها الخميس للمرة الاولى لمدة 24 ساعة اضافية.

وكانت الامم المتحدة اعربت الخميس عن املها في ان تتمكن من اجلاء الدفعة الاولى من الجرحى (200 جريح) من الاحياء الشرقية بدءا من الجمعة بعدما حصلت على موافقة روسيا والنظام السوري و"مجموعات مسلحة في المعارضة" لتنفيذ ذلك.

الا ان المتحدث باسم مكتب الشؤون الانسانية في الامم المتحدة ينس لاريكي في جنيف اعلن الجمعة انه "للاسف لم يكن من الممكن بدء عمليات اخلاء المرضى والجرحى صباح اليوم الجمعة كما كان مقررا نظرا لعدم توفر الظروف اللازمة". 

واضاف انه لم يتم تقديم "الضمانات المتعلقة بالظروف الامنية".

وفي بيان مشترك، وصف الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية والفصائل المعارضة مبادرة الامم المتحدة بـ "القاصرة" لانها "لم تتضمن دخول أي مساعدات إنسانية، وتقتصر على إخراج حالات حرجة مع مرافقين، وسط ضغوط أمنية وعسكرية وإعلامية" من روسيا والنظام السوري.

ولم تدخل اي مساعدات انسانية الى الاحياء الشرقية منذ السابع من تموز/يوليو الماضي.

- "جرائم ذات ابعاد تاريخية" -

وفي موسكو، اعرب وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الجمعة عن "قلق روسيا الشديد" جراء رفض عناصر جبهة فتح الشام (جبهة النصرة سابقا قبل فك ارتباطها مع تنظيم القاعدة) مغادرة الاحياء الشرقية.

وقال في مؤتمر صحافي "نحن قلقون جدا بسبب رفض مقاتلي جبهة النصرة مغادرة المدينة رغم اشارات حسن النية التي ابدتها موسكو ودمشق والرامية الى اعادة الوضع الى طبيعته في المدينة".

وتقدر الامم المتحدة وجود 900 مقاتل من جبهة فتح الشام في شرق حلب في وقت يتحدث المرصد عن وجود 400 مقاتل فقط من اصل نحو 15 الف مقاتل معارض.

وتطالب موسكو واشنطن بالضغط على الفصائل المعارضة لفك ارتباطها عن مقاتلي فتح الشام.

وفي جنيف، اتهم المفوض السامي لحقوق الانسان في الامم المتحدة الجمعة "كل أطراف" النزاع في سوريا "بانتهاكات للقوانين الانسانية الدولية" التي تشكل برأيه "جرائم حرب".

وقال في افتتاح دورة خاصة لمجلس حقوق الانسان مخصصة للوضع الانساني في حلب في جنيف ان "حصار حلب وقصف شرق حلب ليسا مجرد مأساة بل يشكلان جرائم ذات ابعاد تاريخية". 

واضاف ان "مدينة حلب القديمة اصبحت اليوم مسلخا".

كما اصدر مجلس حقوق الانسان مساء الجمعة قرارا شدد فيه على ضرورة وقف الغارات الجوية السورية والروسية على مدينة حلب، وطالب باجراء تحقيق لتحديد المسؤولين عن انتهاك حقوق الانسان في المدينة السورية.

وتبنى المجلس المنعقد في جلسة طارئة بطلب من 16 دولة، قرارا يستهدف بشكل محدد النظام السوري و"حلفاءه"، وبشكل خاص روسيا وايران. ونال القرار 24 صوتا مقابل سبعة في حين امتنعت 16 دولة عن التصويت.