في ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تعاني منها مصر، جمدت الولايات المتحدة الأميركية 108 ملايين دولار مساعدات اقتصادية، وانتقدت السلطات المصرية القرار، بينما اعتبره خبراء دبلوماسيون أنه يأتي في اطار الضغوط على مصر من أجل التبعية لها في اتخاذ القرار السياسي.

إيلاف&من&القاهرة:&أثار قرار وزارة الخارجية الأميركية تجميد 108 ملايين دولار مساعدات اقتصادية غضب المصريين، لاسيما أن القرار يتزامن مع أزمة طاحنة تمر&بها&البلاد. وقالت "الخارجية الأميركية"، إنها أعادت توجيه 108 ملايين دولار إلى تونس، كانت مرصودة كدعم اقتصادي لمصر عام 2015، بسبب تأخير أعاق تنفيذ العديد من البرامج"، وفقا لبيان الخارجية الأميركية.

وانتقد وزير الخارجية المصري، سامح شكري القرار. وقال إن الولايات المتحدة الأميركية قلصت المساعدات "أكثر من مرة، حيث نزلت من 800 مليون دولار إلى 400 مليون دولار".

قرار أميركي

وأضاف في تصريحات له: "إن الإدارة الأميركية& اتخذت قرارًا من جانب واحد"، مشيرًا إلى أنها "لم تتشاور بشكل كافٍ مع مصر، كما أنها لم تأخذ بعين الاعتبار الطبيعة الرمزية لبرنامج المساعدات، وهذا الطلب الجديد من شأنه أن يكون ثالث تخفيض لبرنامج المساعدات الاقتصادية، لتصل إلى 75 مليون دولار".

وتتلقى مصر مساعدات من أميركا تقدر بـ 2.1 مليار دولار سنويًا، منها 815 مليون دولار معونات اقتصادية، و1.3 مليار دولار معونات عسكرية، وذلك منذ توقيع اتفاق السلام مع إسرائيل في العام 1979.

وأثار القرار غضب واسع في مصر. وقال السفير محمود عبد العزيز، مساعد وزير الخارجية السابق، لـ"إيلاف" إن القرار ليس جديدًا، مشيرًا إلى أن أميركا تقف ضد مصر منذ الإطاحة بنظام حكم جماعة الإخوان في 3 يوليو 2013. وأوضح أن أميركا جمّدت مساعدات اقتصادية وعسكرية لمصر أكثر من مرة، بل ورفضت إعادة طائرات أباتشي كانت تخضع للصيانة لديها.

وحسب وجهة نظر عبد العزيز، فإن مصر تتخذ الكثير من المواقف الدولية، التي ليست على هوى أميركا، ومنها موقفها من الأزمة السورية، وموقفها من التدخل الغربي في ليبيا، إضافة إلى التدخل الأميركي في المنطقة ككل.

ثمن استقلال قرارها

وقال إن مصر تدفع ثمن استقلال قرارها الوطني منذ ثورة 30 يونيو، لافتًا إلى أن القرار جاء في ظل اوضاع اقتصادية ضاغطة، ما يؤشر إلى& أنه مقصود من أميركا لزيادة الضغوط على مصر. وأضاف أن "مصر لن تركع لأميركا، وستظل ثابتة على مواقفها".

وقال الرئيس عبد الفتاح السيسي في تصريحات سابقة، إن "مصر تدفع ثمن استقلال قراراتها".&وحسب وجهة نظر السفير السابق جمال عياد، فإن العلاقات بين مصر وأميركا تشهد توتراً لا يخفى على أحد، مشيرًا إلى أن أميركا منزعجة من تطور علاقات مصر الدولية سواء مع الصين أو روسيا، إضافة إلى الخروج من التبعية لها كما كان في عهود سابقة.

وأوضح لـ"إيلاف" أن توقيت تنفيذ القرار يثير العديد من علامات الاستفهام، ويؤشر إلى وجود سوء نوايا لدى الأميركيين تجاه مصر، لاسيما أنهم يعرفون جيدًا أنها تمر بأزمة اقتصادية طاحنة.

واتجهت مصر ناحية الشرق، وارتبطت بعلاقات قوية مع روسيا في أعقاب ثورة 30 يونيو 2013، وأبرمت صفقات تسليح ضخمة مع روسيا في&سبتمبر&2014،&تقدر&قيمتها&بـ3.5 مليار دولار، إضافة إلى اتفاق لإنشاء برنامج نووي بقيمة 25 مليار دولار، وأجرت مناورات مشتركة مع الجيش الروسي في الاسبوع الماضي.

ووصف السيسي في مقابلة مع رؤساء تحرير الصحف الرسمية في الأسبوع الماضي، علاقات مصر مع روسيا بأنها "قوية ومتميزة ، وتحرص مصر عليها في إطار سياسة التوازن التي تنتهجها في علاقاتها الدولية".

اتصالات مستمرة مع بوتين

وأضاف: "إن العلاقة وثيقة بيني وبين الرئيس فلاديمير بوتين، واتصالاتنا مستمرة ولا تنقطع، وقد التقيت معه أكثر من مرة في الفترة الماضية، آخرها خلال حضورنا قمة مجموعة العشرين في الصين".

ويشوب العلاقات بين مصر وأميركا توترًا ملحوظًا في بعض الملفات منذ اسقاط حكم الإخوان في 3 يوليو 2013، واعتبرت الإدارة الأميركية أن عزل الرئيس السابق محمد مرسي ومحاكمته "انقلاب عسكري"، وجمدت مساعدات عسكرية اقتصادية، ثم عادت وأفرجت عنها لاحقًا، بل وزادت فيها بمعدات تساعد الجيش المصري في حربه ضد الجماعات الإرهابية في سيناء، ومنها مدرعات مضادة للألغام وطائرات "إف 16" وأباتشي.

غير أن ملف حقوق الإنسان يظل نقطة الخلاف المحورية بين البلدين، وأبدت الخارجية الأميركية انزعاجها من اصدار محكمة مصرية قرار بتجميد أموال مجموعة من النشطاء الحقوقية في 18 سبتمبر الماضي، وقالت في بيان لها: "إن الولايات المتحدة منزعجة من قرار محكمة مصرية بتجميد الأصول المالية لبعض منظمات حقوق الإنسان الرائدة التي تعمل على تسجيل الانتهاكات والتعسفات، وتدافع عن الحريات المنصوص عليها في الدستور المصري"، معتبرة أن "مثل هذا القرار يأتي في ظل خلفية أكبر نطاقا تتمثل في غلق مساحة المجتمع المدني".