إيلاف من دبي: "نفاياتنا التي نتعامل معها على أنها أكبر مشكلة، هي أكبر مورد". بهذه الجملة، يفتتح المهندس البيئي والصناعي اللبناني زياد أبي شاكر وثائقيًا بعنوان "صفر نفايات في لبنان".

لا.. ليس خيالًا

ليس هذا الوثائقي فيلمًا من الخيال العلمي، بل هو علم من نسج الخيال بالنسبة إلى اللبناني الذي بعد ثلاثة أعوام من تراكم جبال النفايات في شوارع العاصمة بيروت والمدن والبلدات والقرى في طول لبنان وعرضه، وبعد خروج رائحة النفايات اللبنانية من نطاق البلد الجغرافي ومجاله الجوي إلى الدول المجاورة، وبعد عشرات الاجتماعات والفضائح، والاتفاقات الكاذبة لترحيل النفايات أو بيعها وتقاسم أموالها حصصًا، ما وجدت دولته اللبنانية، ممثلةً بخطة وزير الزراعة اللبناني (وغياب وزارة البيئة!)، إلا أن تعيد فتح مطمر الناعمة بالقوة، وأن تنشئ مطمرين آخرين في برج حمود والشويفات (كوستا برافا) لعامين، ريثما يتم استيراد أربع محارق لحرق النفايات... وتستمر الرائحة في إزكام الأنوف إلى أجل غير مسمى.

إعادة تدوير كاملة

بالنسبة إلى هذا اللبناني، ما يمر في هذا الوثائقي هو من نسج الخيال فعلًا. فالمهندس أبي شاكر يقول إن ما في كيس النفايات نفايات عضوية، وفي البلد بنية تحتية صناعية ملائمة لمعالجتها وإعادة تدويرها بيسر وسهولة.&

في الوثائقي مقاطع شيقة من معمل لإعادة تدوير البلاستيك من دساكر من القوارير البلاستيكية إلى ألياف البوليستير التي يُعاد استخدامها. أما أواني البلاستيك الملونة فترسل إلى معمل لتقطيعها قطعًا صغيرة، وتحول بعد معالجتها إلى أدوات بلاستيكية أخرى كصناديق الخضار والفاكهة أو أحواض النباتات أو خراطيم الري.

&

لبنانيون يتظاهرون ضد أزمة النفايات

&

في معمل آخر، تعالج مخلفات الورق والكرتون لتكون مواد أولية لصناعات قائمة في لبنان. هذا معمل من أربعة موجودة في لبنان، بإمكانات كبيرة.

وثمة معامل تتعامل مع "السكراب"، أو المخلفات المعدنية، تكبسها وتقولبها وتصنع منها قضبانا حديدية للبناء. وكذلك الزجاج الذي يكسّر ويُصنع منه أوان زجاجية جديدة.

تعيش ثلاثة آلاف أسرة لبنانية من الصناعات التدويرية الموجودة اليوم في لبنان، والتي يمكن أن توفر فرص عمل أكثر إن عزّزت ورُفدت بما تحتاج إليه من دعم.&

المطلوب إدارة ملائمة

في منطقة بيت مري، أقيم مصنع فرز وتصنيف النفايات، ضمن مبادرة "صفر نفايات، وضمن سياسة اللامركزية المطلوب تعزيزها في المناطق اللبنانية، كي تؤدي البلديات واتحادات البلديات دورها الطبيعي في فرز النفايات وتصنيفها وتحويل العضوي منها إلى سماد.&

&

&

الجميل في هذا الوثائقي هو الجزء الذي يظهر فيه كيف تتحول "تلّة" النفايات إلى متنزه بيئي نظيف عابق برائحة الأزهار، من خلال استخدام هذا السماد العضوي.&

يقول ناجي قديح، المختص بالسموم، في الوثائقي إن تركيبة النفايات اللبنانية بسيطة، فيها جزء كبير عضوي قابل للمعالجة المفيدة بتكلفة منخفضة، وجزء قابل لإعادة التدوير، علمًا أن البنية التحتية المطلوبة لإعادة التدوير موجودة في لبنان، "وعلينا أن نضع نظام الإدارة الملائم لاسترداد هذه الموارد، بتكلفة منخفضة جدًا، على الموازنة العامة وعلى الصحة العامة، على البيئة في لبنان".

&

أكوام من النفايات في شمال شرق بيروت

&

أما "العوادم"، أي المواد التي لا تسترد لإعادة استخدامها فتعالج بتقنية "إيكو-بورد" التي طورها مركز سيدر إنفيرومنتال للأبحاث والتطوير البيئي اللبناني، وتقوم على "فرم" العوادم ووضعها في قوالب لتحويلها إلى ألواح صلبة تبقى كما هي 500 عام، وتستخدم في "الزراعة المُدُنية"، أي الزراعة التي تستخدم اليوم في إتمام المشروعات الخضراء في المدن، وفي إنشاء المتنزهات البيئية العضوية.&
&