نصر المجالي: تتواصل فضائح الجنس المتورط فيها أحد أشهر قارئي القرآن والمقربين من المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي، فصولاً بإحداثها ضجة إعلامية واسعة غير مسبوقة في الأوساط الشعبية والسياسية وأجنحة النظام المختلفة.

وقالت تقارير إن قارئ القرآن في بيت المرشد الأعلى الإيراني، محمد كَندُم نجاد طوسي المعروف بـ(سعيد طوسي)، في جريمة اغتصاب 19 من طلابه الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 12 و14 عاماً خلال السنوات الماضية، هدد بأنه إذا تمت محاكمته، سيفضح أمر 100 آخرين من مسؤولي النظام ويجرّهم إلى المحكمة بتهمة المثلية الجنسية.

ورغم محاولة طهران "لملمة" الفضيحة التي تفجرت منذ العام 2012، إلا أنها وجدت طريقها للانتشار في وسائل الإعلام الغربية، بعد شهادات ثلاث من الضحايا لشبكة (صوت أميركا ـ الفارسي).&

تجاهل حكومي&

وذكرت صحيفة (الغارديان) البريطانية أن الرجال الثلاثة اتهموا سعيد طوسي، الحاصل على جائزتين عالميتين في تلاوة القرآن، بالتحرش الجنسي والاغتصاب عندما كانوا في الـ12 من أعمارهم، لكن السلطات القضائية تجاهلت الدعاوى المقدمة ضده، الأمر الذي وضعها في موقف حرج جدا.

وجاء لجوء الضحايا الثلاثة لإعلام في الخارج وبعد التعتيم الإعلامي والتهديدات والمحاولات المكثفة التي مارسها بعض مسؤولي مكتب خامنئي لـ"لملمة الفضيحة" منذ العام 2012.

وذكر بعض الضحايا، للشبكة التلفزيونية الأميركية أن دعاواهم قوبلت بالرفض من قبل النظام القضائي، فيما تناولت صحيفتا "شرق" و"اعتماد" تقارير تؤكد أن طوسي، الذي يبلغ من العمر 46 عاما، قد قام باعتداءات جنسية. ووصف سعيد طوسي تلك الدعاوى بأنها كاذبة، قائلا إنها تهدف إلى تشويه صورته وصورة المرشد الأعلى الإيراني، علي خامنئي.

وتقول التقارير إن عدد الأشخاص الذين تحدثوا عن اعتداءات جنسية تعرضوا لها من قبل الطوسي بلغ 10 أشخاص من بين آخرين لم يتحدثوا بعد.

وقال أحدهم إن القارئ المشهور للقرآن اعتدى عليه عندما كان على متن طائرة في طريقه إلى مسابقة قرآنية، موضحا: "لقد تلمس جسدي في الطائرة، وتحرش بي، وعندما كنا في الفندق كان من المقرر حجز غرفتين، بينما قام بحجز غرفة واحدة، متعمدا ذلك".

شهادات&

وفي البرنامج التلفزيوني لـ"صوت أميركا الفارسي"، كشف الرجال الثلاثة من ضحايا الاغتصاب أنهم يمتلكون أدلة مكتوبة وصوتية تشير بوضوح إلى ما قام به "قارئ قرآن بيت المرشد"، حيث يعترف بخط يده أنها "غلطة" لن يقوم بتكرارها ثانية.

وفي تسجيل صوتي نشره برنامج "صفحه آخر"، يقول سعيد طوسي إن المرشد خامنئي على علم بالملف واتفق مع رئيس السلطة القضائية صادق لاريجاني على لملمة الموضوع حفظاً لهيبة واعتبار "المؤسسة القرآنية" في البلاد.

وقال شخص آخر: "لقد أخذني إلى الحمام بحجة أنه يقوم بتدليكي وهنا فعل فعلته، وكان عمري حينها 12 عاما". وأضاف أن طوسي كان مرعوبا بعدها وأخذ يتوسل إليه بألا يخبر أحدا.

قال أحد&الضحايا وهو الحائز على المرتبة الأولى لقراءة القرآن في السنوات الماضية إن طوسي قام باغتصابه عندما رافقه في سفر خارجي للمشاركة في مسابقات قرآن، حيث كان من المقرر أن يحجز غرفتين منفصلتين في الفندق، لكنه تفاجأ أن طوسي تعمد حجز غرفة واحدة ارتكب فيها جريمته ضد طفل لم يتعد حينها الـ12 من عمره.

ما لم يكن في الحسبان&

وقال الضحية الثاني، الذي لم يكشف البرنامج عن اسمه مكتفياً بشهادته الصوتية، إنه بعث رسالة عبر الهاتف يسأل من خاله سؤالاً يرتبط بطريقة القراءة، لكن طوسي طلب منه أن يأتي إلى البيت حتى يقوم بتعليمه وهناك "حدث ما لم يكن في الحسبان"، وفق وصفه.

كما أكد الضحايا أنهم أوصلوا شكواهم إلى مسؤولين في بيت المرشد بعد نصيحة مقربين لهم، لكنّ المسؤولين اكتفوا بأخذ "رسالة توبة" اعترف طوسي من خلالها بأنه لن يقوم بتلك الأعمال مرة أخرى.&

قدسية النظام&

يذكر أن نائب وزير الثقافة والإرشاد الإسلامي الإيراني، محمد رضا حشمتي، كان طالب رئيس السلطة القضائية الإيراني بتسريع محاكمة القارئ طوسي، ووضع القضية ضمن أولويات عمله للحفاظ على اعتبار وهيبة المؤسسة القرآنية للبلاد، موضحاً أن العدو يحاول استغلال هذه الفضيحة لضرب قُدسية النظام في إيران.

ولكن نائب وزير الثقافة والإرشاد، كان حذر من نشر أنباء حول فضيحة قارئ القرآن الإيراني الأول، واعتبرها من الترويج للفحشاء.

وطالب حشمتي خلال حديثه لوكالة (إيسنا) للأنباء التابعة لوزارة العلوم والأبحاث الإيرانية، عوائل ضحايا الجريمة بالتحلي بالصبر خلال متابعتهم الملف، مهدداً أن نشر صور وتفاصيل الفضيحة هو جريمة أخرى لا يغفر لها.

تدخل رجال النظام&

وإلى ذلك، كان موقع (آمد نيوز) التابع للإصلاحيين الإيرانيين أشار إلى أن مسؤول العلاقات العامة لمكتب المرشد الأعلى الإيراني علي مقدم، ورئيس السلطة القضائية الإيرانية صادق لاريجاني، والمدعي العام في طهران عباس جعفري دولت آبادي، تدخلوا لصالح سعيد طوسي، وأن القضاء أصدر قرار منع مقاضاة قارئ القرآن الإيراني.&

وأضاف الموقع أن النيابة العامة في طهران فتحت ملفاً قضائياً ضد سعيد طوسي بتهم "الفساد الأخلاقي وارتكاب أعمال تعارض العفّة وإغواء الأطفال لاغتصابهم" في عام 2012.

&وأكد نائب المدعي العام في هذا الملف بأن سعيد طوسي أقرّ بأنه متورط في الجريمة في العام 2012 وبشكل مكتوب، وأن ذلك الإقرار تم ضمه إلى ملفه القضائي. إلا أن إمام جمعة طهران الموقت، كاظم صديقي، كان رفض محاكمة سعيد طوسي، مشددا على أنها ليست في مصلحة المؤسسة القرآنية الإيرانية.