وجدت تركيا نفسها أمام حرب أهلية ومواجهة علنية مع ادانات أميركية وأوروبية ومن الأمم المتحدة لحملات القمع التي تشنها ضد المعارضة وبلغت ذروتها باعتقال الرئيسين المشاركين لحزب الشعوب الديمقراطي صلاح الدين دميرطاش وفيغان يوكسك داغ ونائب رئيس الكتلة النيابية للحزب، إدريس بالوكان.&

وأصدرت محكمة صلح الجزاء الثانية في ولاية دياربكر، جنوبي تركيا، قرارا بسجن دميرطاش وفيغان يوكسك داغ، اليوم الجمعة، بعد توقيفهما من قبل الشرطة وأخذ إفاداتهما، على خلفية رفضهما في وقت سابق المثول أمام النيابة العامة، وتقديم إفاداتهما في تحقيقات تتعلق بمكافحة الإرهاب.&

اعادة انتخاب

وكان حزب الشعوب الديمقراطي الكردي في تركيا، الذي حصل على أكثر من خمسة ملايين صوت في الانتخابات العامة 2015، اعاد انتخاب صلاح الدين دميرطاش وفيجان يوكسك داغ، رئيسين مشاركين للحزب خلال المؤتمر العام الثاني الذي عُقد في كانون الثاني/ يناير 2016 في أنقرة.

وحزب الشعوب الديمقراطي هو ثالث أكبر الأحزاب في البرلمان التركي حيث يسيطر على 59 مقعدا من مقاعد البرلمان وعددها 550 مقعدا.

ويتمتع أعضاء البرلمان في تركيا بشكل طبيعي بالحصانة من الملاحقة القضائية لكن الحصانة رفعت عن كثير من أعضاء البرلمان ومن بينهم نواب الحزب المؤيد للأكراد في وقت سابق هذا العام.

تهم ارهابية&

وكانت نيابة ديار بكر جنوب شرقي تركيا، إلى المحكمة حبس الرئيس المشارك حزب الشعوب الديمقراطي، صلاح الدين دميرطاش على ذمة تحقيقات متعلقة بمكافحة الإرهاب.

وكان دميرطاش تم توقيفه في منزله بديار بكر الليلة الماضية، ضمن حملة توقيفات بحق نواب حزب الشعوب الديمقراطي ممن لم يذهبوا للإدلاء بإفادتهم في النيابات العامة التركية التي تجري تحقيقات تتعلق بمكافحة الإرهاب.

وجرى في وقت سابق اليوم توقيف 12 من نواب الحزب في إطار الحملة بينهم الرئيس المشارك لحزب الشعوب الديمقراطي، صلاح الدين دميرطاش، والرئيسة المشاركة يوكساك داغ، ونائب رئيس الكتلة النيابية للحزب، إدريس بالوكان.&

وقالت وكالة أنباء (الأناضول) إنه مع التأكيد على وجود النائبين فيصل صاري يلدز وتوغبا هزر أوزتورك، خارج البلاد، تتواصل عملية البحث عن النائب نهاد آقدوغان بعد صدور قرارات توقيف بحقهم.&

زعزعة الدولة&

ويواجه النواب الموقوفون، تهما، كـ "الترويج لمنظمة بي كي كي الإرهابية"، و" الإشادة بالجريمة والمجرمين"، و" تحريض الشعب على الكراهية والعداوة"، و" الانتساب لمنظمة إرهابية مسلحة"، و"محاولة زعزعة وحدة الدولة".&

ومن التهم التي تتضمنها ملفات التحقيق بحق دميرطاش، "تأسيس منظمة بهدف الجريمة"، و"العضوية في منظمة إرهابية"، و"ارتكاب جريمة باسم المنظمة"، و"إهانة الجمهورية التركية"، و"الدعاية لمنظمة إرهابية"، و"إهانة الشعب التركي والجمهورية والبرلمان وجيش الدولة وتشكيلات الأمن"، و"الإساءة لرئيس الجمهورية"، و"تحريض الشعب على الكراهية والعداوة"، فضلًا عن العديد من التهم الأخرى.&

كما توجد العديد من التهم في ملفات التحقيق بحق يوكسك داغ منها "تأسيس منظمة بهدف الجريمة"، و"الترويج لمنظمة إرهابية"، و"التحريض على ارتكاب جريمة"، و"إهانة الحكومة والدولة وأجهزة القضاء وتشكيلات الجيش والأمن التركية"، إضافة إلى "الإشادة بالجريمة والمجرمين".&

تنديد واستنكار&

وفور توالي أنباء الاعتقالات، أعرب البيت الأبيض عن قلقه العميق إزاء الاعتقالات في صفوف القيادات الكردية في تركيا، وقال توم مالينوفسكي المكلف حقوق الإنسان في وزارة الخارجية الأميركية على تويتر:" عندما تهاجم الديموقراطيات مسؤولين منتخبين، من واجبها تبرير تصرفاتها والحفاظ على الثقة بالنظام القضائي".

كما صدرت بيانات تنديد واستنكار، من دول أوروبية ومن الامم المتحدة، وقال مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة إن اعتقال نواب منتخبين من ثالث أكبر حزب في البرلمان واحتجاز أو وقف أكثر من 110 آلاف مسؤول عن العمل منذ محاولة الانقلاب الفاشلة في يوليو تموز "يتخطى حدود المقبول".

واستدعت كل من ألمانيا والدنمرك دبلوماسيين أتراكا بشأن اعتقالات النواب الأكراد فيما قال رئيس البرلمان الأوروبي مارتن شولتز إن تلك الإجراءات "تشكك في أسس العلاقة المستدامة بين الاتحاد الأوروبي وتركيا".

أنباء سيئة&

وقالت كاتي بيري مقررة البرلمان الأوروبي لشؤون تركيا على تويتر "أنباء سيئة للغاية من تركيا. مرة أخرى. الآن احتجاز أعضاء من حزب الشعوب الديمقراطي."

وقالت فيدريكا موغيريني مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي على تويتر إنها "قلقة للغاية" من الاعتقالات ودعت إلى اجتماع لسفراء الاتحاد الأوروبي في أنقرة.

ومن ناحيته، دان وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير هجوم ديار بكر، لكنه قال إن معركة أنقرة ضد الإرهاب لا يجوز استخدامها لتبرير إسكات المعارضين السياسيين.

وتابع خلال مؤتمر صحافي: "المعركة ضد الإرهاب لا يمكن أن تستخدم كمبرر لإسكات المعارضة السياسية أو حتى وضعهم خلف القضبان"، وفق وكالة "رويترز".

دولة قانون&

وفيما يعتقد أنه ردا على حملات التنديد، صرح رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم للصحفيين قائلاً: "تركيا دولة قانون... لا أحد فوق القانون... ما تم كان في إطار سيادة القانون".

وأضاف أن النواب احتجزوا بسبب رفضهم الشهادة في قضايا جنائية واتهمهم بتشجيع "الإرهاب". وقال "السياسة يجب ألا تكون ستارا لارتكاب جرائم."

واتهم وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو أعضاء الاتحاد الأوروبي يوم الجمعة بدعم حزب العمال الكردستاني المسلح ورفض انتقادات الاتحاد لاعتقال النواب المؤيدين للأكراد قائلا إنها "غير مقبولة".

هجوم&

وبعد ساعات من اعتقال نواب الحزب الديموقراطي، أسفر هجوم بسيارة ملغومة نفذه من يشتبه في أنهم مسلحون أكراد من حزب العمال الكردستاني عن مقتل تسعة أشخاص وإصابة أكثر من 100 آخرين قرب مركز للشرطة في مدينة ديار بكر بجنوب شرق البلاد حيث احتجز بعض النواب الأكراد.

وقال حزب الشعوب الديمقراطي إن الاعتقالات تهدد بالتسبب في حرب أهلية. وحقق الحزب إنجازا تاريخيا بعد أن أصبح أول حزب كردي يفوز بعشرة بالمئة من الأصوات ويدخل البرلمان.

وفي تسجيل مصور على موقع مقرب من حزب العمال الكردستاني على الإنترنت قال مراد قريلان القيادي الكبير بالحزب إن الحزب سيصعد صراعه ضد تركيا وأضاف من "المهم جدا" أن يرد الأكراد على احتجاز نواب حزب الشعوب الديمقراطي.
&