أثارت مشاهد عمليات سحل جثث عناصر داعش التي نقلتها بعض القنوات الفضائية العراقية الجمعة ردود&فعل متباينة في الشارع العراقي. فمنهم من رحب ببثها ورأى أنها القصاص العادل لمبتكري هذه الأساليب، وآخرون شجبوا بشدة مقابلة اللا إنسانية بمثيلتها.

إيلاف من بغداد: رأى البعض أن السحل ثقافة عراقية مرفوضة، فيما رحّب البعض الآخر بالخطوة، مؤكدًا على ضرورة سحل عناصر داعش، لأنهم يستحقون ذلك، لكونهم فعلوا ذلك مع مواطنين وجنود عراقيين، بينما اعترض آخرون على بث هذه العمليات على شاشات الفضائيات، لأنها تتنافى مع حقوق الإنسان.

وأيّد العديد من العراقيين عمليات سحل جثث عناصر داعش بعد هزيمة التنظيم في الموصل، فيما رفضها آخرون، لأنها تتنافى مع التعاليم الإسلامية السمحاء. مشيرين إلى أنهم يعتبرون الداعشي "كالكلب العقور ولا تجوز المثلة فيه"، لكن الغالبية اعترضت على بثها في التلفزيون، ليست لكونها مقززة فقط، بل لكونها تتنافى مع أبسط حقوق الإنسان. وقد جاء في ردود الذين أيّدوا عمليات السحل أن هؤلاء الدواعش عاثوا في البلاد والعباد فسادًا وقتلًا، لذلك هم يستحقون أبشع طرق التنكيل والانتقام بهم، وحتى الحرق، فهم لا يستحقون الدفن في الأراضي العراقية، لأنهم يدنسونها.

وكان عدد من القنوات الفضائية قد قام ببثّ قيام أهالي إحدى تلك المناطق في الموصل بسحل جثث عناصر داعش في شوارع منطقتهم، تعبيرًا عن غضب ورفض هذا التنظيم وأفكاره وتعليماته، التي أجبرت أهالي تلك المناطق على تنفيذها.

مشاهد مقززة&
فقد أعرب كريم ماجد حسن، موظف، رفضه لمشاهد السحل، وقال: لا أعتقد أن أي إنسان يمتلك صفة الإنسان يقبل بأن يشاهد مشاهد السحل التي أراها "مرعبة ومقززة"، ولا يجوز إطلاقًا نشرها من خلال القنوات الفضائية، لأنها تسيء إلى المشاهد العراقي قبل غيره، فهي "تمثل حيوانية الإنسان ومدى احتقاره لذاته".

أضاف: "لا نريد لأجيالنا الحالية أو القادمة أن تتعلم هذه الثقافة، ثقافة السحل، بل نريد لهم الارتقاء بإنسانيتهم، وأنا شخصيًا أرفض نشر صور الجثث والدماء على شاشات التلفزيون، لأنها تنطبع في ذاكرة الأطفال، وسيكون لها أثر سيئ عليهم مستقبلًا".

الأكثر بشاعة&
أما نجلة علي، موظفة، فقد أبدت استياء من هذه الظاهرة، وقالت: من أبشع الصور التي أكرهها ولا أطيق مشاهدتها هي سحل الجثث، وهي دليل على أن الإنسان تخلى عن إنسانيته تمامًا ليمارس هذا السلوك البشع.

أضافت: أعتقد أن الجبناء وحدهم من يفعلون هذه الأفعال، فهم ينتظرون الجثث ويستعرضون عليها بطولاتهم الوهمية. تابعت: أما بث عمليات السحل في التلفزيون فهي الأسوأ والأكثر بشاعة وانتهاكًا لإنسانية الإنسان الجالس في بيته، وأدعو من منبركم جميع القنوات إلى ألا تبث هذه البشاعة.

ما يريده الإعلام المغرض
من جانبه، قال مصطفى سعدون، من المرصد العراقي لحقوق الإنسان‏: إستخدم داعش مقاطع الفيديو التي تظهر السحل، فبثت بعض قنواتنا مقاطع السحل. نحن دولة، وهم عصابة، لا يُمكن أن نُقلدهم أو يكون رد فعلنا بشعًا مثلهم. نحن لدينا مؤسسات تقاتل، وهم لديهم قاذورات تجمعت وكونت هذا التنظيم. نحن نعرف الحرب وأخلاقيتها، وهم لا يعرفون سوى الحرب والدمار فقط. نحن ملتزمون بقوانين وطنية ودولية، وهم لا يُلزمهم أي شيء. أضاف: ما يُريده داعش والإعلام المغرض، هو إنجاح فرضياتهم والمقارنة بين قواتنا الأمنية والإرهاب.

مرفوض دينيًا ودنيويًا
إلى ذلك أبدت الناشطة في حقوق الإنسان نداء عباس رفضها لعمليات السحل ورفضها لبثها، وقالت: عمليات السحل تتنافى أولًا مع تعاليم الدين الإسلامي، وثانيًا مع مبادئ حقوق الإنسان، فلا يمكن القيام بأي فعل بالضد من جثث الموتى، وإن كانوا من الدواعش، لأن هذا مرفوض دينيًا ودنيويًا.

أضافت: على الرغم مما يقال من أن عملية السحل ثقافة عراقية، إلا أننا يجب أن نستنكرها، ونثقف الأجيال الجديدة بضرورة رفضها واستهجانها، مثلما نعلمهم مبادئ حقوق الإنسان، لكي يكونوا على معرفة واعية بها.

محاولة لقتل المعاني النبيلة
فيما استغرب مدير تحرير جريدة المدى علي حسين توقيت بثّ الفيديوهات بالتزامن مع الفرح العراقي بالانتصار، وقال: لم أستطع إكمال مشاهدة فيديو سحل الدواعش في أحد أحياء الموصل، وتساءلت مع نفسي: لماذا يصرّ البعض بقصد أو ربما من دون قصد على إفساد روعة المنجزات التي تحققها القوات العراقية على أرض المعركة ببثّ مقاطع الفيديو المقززة تلك، التي يحاول البعض من خلالها اختطاف معركة القضاء على الإرهاب، بمشاهد لصبية وشباب فرحين بسحل جثث الإرهابيين، لتشكّل هذه الصورة في الإعلام العربي عمليّة تشويه للصورة الرائعة التي بدت عليها قواتنا الأمنية، وهي تبث الفرحة في نفوس أهالي الموصل.

أضاف: كان توقيت بثّ الفيديوهات لافتًا، وبدا وكأنّه يدعم ذلك الخطاب المتهافت لبعض الفضائيات العربية، التي أرادت أن تقول للعالم إنّ معركة الموصل طائفية، وإنّ الذين سيدخلون المدينة وحوش بلباس قوات أمنية، وقد قلت في هذا المكان قبل شهر إننا مطالبون جميعًا بأن نسعى إلى تثبيت صورة شديدة النقاء لهذه المعركة التي يخوضها الشعب العراقي بكل أطيافه ضد عصابات داعش.&

وتابع: غير أنّ المفزع، هنا، أنّ هناك جمهورًا يطرب لمثل هذه الفيديوهات، على بشاعتها، ويعتبرها انتصارًا، فيما هي، في حقيقة الأمر، ليست أكثر من محاولة لقتل المعاني النبيلة لمعركة تحرير الموصل، إذ تخطف الأنظار من العمليات البطولية لقواتنا الأمنية، وتظهر "الإرهابي" في صورة الضحية، وتقدم وجهًا آخر للمعركة، التي نريد لها جميعًا أن تبقى وتستمر ناصعة.
&