ثار جدل في العراق اليوم حول إعدامات خارج نطاق القضاء جرت جنوب الموصل... ففيما اتهمت منظمة العفو الدولية الشرطة العراقية بارتكابها داعية لتحقيق عاجل في الأمر وتنحية جميع المشتبه بارتكابهم جرائم حرب من مناصبهم لحين انتهاء التحقيق، نفت الشرطة ارتكاب أي جرائم ضد المدنيين. &&

إيلاف من لندن: أوضحت منظمة العفو الدولية في تقرير لها الخميس، اطلعت "إيلاف" على نصه، أن باحثيها زاروا عدداً من القرى تقع إلى الجنوب والجنوب الغربي من الموصل، في بلدتي الشورى والقيارة بمحافظة نينوى، وقاموا بجمع الأدلة التي تشير إلى أنه قد تم إعدام ستة أشخاص خارج نطاق القضاء، أواخر أكتوبر الماضي، وذلك عقب الاشتباه - فيما يبدو - بوجود صلات لهم مع التنظيم المسلح الذي يطلق على نفسه اسم "الدولة الإسلامية".

اعدام رميًا بالرصاص

وقالت لين معلوف، رئيسة قسم البحوث ونائبة مديرة المكتب الإقليمي لمنظمة العفو الدولية ببيروت، "نفذ رجال يرتدون زي الشرطة الاتحادية عمليات قتل غير مشروعة، بعد أن قبضوا على سكان قرى جنوب الموصل، وقتلوهم عمداً مع سبق الإصرار كما تعرض السكان، في بعض الحالات، للتعذيب قبل أن يتم قتلهم بما يشبه الإعدام رمياً بالرصاص".

وأضافت معلوف أن "القانون الدولي يحظر تعمد قتل الأسرى، وغيرهم من الأشخاص العزل، ويعتبره بمثابة جريمة حرب ومن الأهمية بمكان أن تجري السلطات العراقية تحقيقات عاجلة وشاملة ومحايدة ومستقلة في هذه الجرائم التي تخالف أحكام القانون الدولي، وأن تقدم المسؤولين عنها لساحة العدالة".&

وأشارت إلى أنّ ثمة خطرًا حقيقيًا، في ظل غياب التدابير التي تكفل قمع ومعاقبة مثل هذه الانتهاكات الخطيرة، بأن نشهد تكرار وقوع جرائم حرب من هذا النوع في قرى عراقية أخرى مع استمرار عملية الموصل".

دعوة لحماية الشهود

وأشارت المنظمة إلى أنّ عمليات القتل تلك على إثر المواجهات المسلحة التي اندلعت بين تنظيم "الدولة الإسلامية" والقوات العراقية في بلدة الشورى، في21 أكتوبر ويظهر أن القوات العراقية قد افترضت حكماً أن من بقي في هذه المناطق هم من مقاتلي تنظيم "الدولة الإسلامية" لا سيما بعد تفريغ المنطقة من سكانها، ووقوع قتيل واحد، على الأقل، في ذلك الصباح بين صفوف القوات العراقية.&

وطالبت بالسلطات العراقية بكفالة حماية الشهود على هذه الجرائم وأفراد عائلاتهم، وضمان عدم تعرضهم لاعتداءات انتقامية أو تخويفية. واوضحت انه يُعتقد بأن عناصر من القوات العراقية المشاركة في النزاع ضد تنظيم الدولة، ولا سيما عناصر وحدات الجيش العراقي، ومقاتلين ينتمون لاثنتين من ميليشيات "الحشد العشائري"، وقوات الشرطة الاتحادية والمحلية قد تواجدوا في تلك القرى، أو مروا بها، أثناء تنفيذ عمليات التعذيب، والإعدام خارج نطاق القضاء. وقالت ان بعض التقارير تشير إلى أن أحد كبار قادة "عمليات تحرير نينوى" قد تواجد في محيط المنطقة في ذلك الوقت.

تعذيب ومعاملة سيئة

وتفيد المعلومات، التي حصلت منظمة العفو الدولية عليها، بأن نحو 10 رجال من قريتي نعناعة ورصيف، وبينهم فتى يبلغ من العمر 16 سنة، قد تعرضوا صبيحة يوم 21 أكتوبر للتعذيب وغير ذلك من ضروب المعاملة السيئة عقب تسليم أنفسهم لمجموعة صغيرة من الرجال الذين يرتدون زي الشرطة الاتحادية في منطقة تُعرف باسم "نص تل". وقام العشرة برفع الراية البيضاء، ورفعوا قمصانهم كي يثبتوا عدم ارتدائهم أحزمة ناسفة، ولم يشكلوا تهديداً للشرطة العراقية.

ووصلت التعزيزات بعد فترة وجيزة، واقتيد الرجال العشرة مشياً على الأقدام إلى منطقة مفتوحة في الصحراء على بعد نحو كيلومتر واحد، وتقع على الطريق الواصل بين بلدتي القيارة والشورى، وتوجد فيها علامة فارقة هي عبارة عن عربة متنقلة معطلة. وأقدم مقاتلون بزي الشرطة الاتحادية على ضرب مجموعة الرجال بالكوابل (الأسلاك الكهربائية) وأعقاب البنادق، وسددوا لهم اللكمات وركلهم، ونتف لحاهم، لا بل وقد أشعلوا النار في لحية أحدهم.

جثث ورؤوس مقطوعة

وأُجبر الضحايا على الاستلقاء على بطونهم أرضاً، وأُطلق الرصاص بين أرجلهم، بالتزامن مع كيل الشتائم لهم، باستخدام عبارات طائفية، وتوجيه الاتهام لهم بأنهم ينتمون لداعش.. حيث تم حينها فصل كل من أحمد محمود داخل، ورشيد علي خلف من قرية نعناعة رفقة رجل ثالث، من قرية تلول ناصر، عن باقي أفراد المجموعة؛ وعمد رجال بزي الشرطة الاتحادية حينها إلى ضربهم ضرباً مبرحاً، قبل أن يردوهم قتلى برصاص بنادقهم. وتم العثور على بقايا الرفات المتحللة في نفس المنطقة بعد مرور خمسة أيام على الواقعة، وعُثر على رأس رشيد علي خلف مفصولاً عن جسده.

وكانت آخر مرة التي شوهد فيها حسين أحمد حسين من قرية الرصيف على قيد الحياة بتاريخ 21 أكتوبر، حيث قامت مجموعة من الرجال بزي الشرطة الاتحادية بتقييد يديه واقتياده إلى منطقة قريبة من العربة المهجورة وضربوه بأعقاب البنادق وانهالوا عليه لكماً وشتماً. وعُثر على جثته في مكان قريب بعد نحو أسبوع من الحادثة.

ونقل مقاتلو تنظيم الدولة أثناء تقهقرهم المئات من النساء والأطفال والمسنين من سكان قريتي نعناعة والرصيف إلى قرية حمام العليل قسراً، وذلك في محاولة لاستخدامهم كدروع بشرية، على ما يبدو. واستخدم مقاتلو تنظيم الدولة مكبرات صوت المساجد يوم 19 أكتوبر لتلاوة أوامر توعز لسكان القريتين بمغادرة منازلهم، ولكن يظهر أن بعض الشباب قد تمكنوا من المكوث بعد أن اختبأوا في المبانئ المهجورة أو تلك التي هي قيد الإنشاء.

وكان حسين داخل من بين القلة التي تحدت أوامر تنظيم الدولة، وعُثر عليه بعد وصول القوات الحكومية بتاريخ 21 أكتوبر مقتولاً عقب إصابته برصاصتين في منطقتي الصدر والذقن، وذلك بعد وقت قصير من مغادرته منزله على مقربة من مبنى شركة كبريت المشراق في بلدة الشورى، وهو المبنى الذي أضرم مقاتلو التنظيم النيران فيه قبيل مغادرتهم القرية كما عُثر على حسين معصوب العينين وجذعه عارٍ، ما يوحي بأنه قد احتُجز قبيل إعدامه خارج نطاق القضاء.

ويظهر أن ذات اليوم قد شهد إطلاق النار على بشار حمادي أثناء فراره باتجاه قوات تضمنت رجالاً بزي الشرطة الاتحادية، حيث كان منهمكاً برفع ثيابه كي يثبت عدم حمله لأية متفجرات. وتفيد المعلومات التي حصلت منظمة العفو الدولية عليها إلى أنه قد تعرض لإطلاق النار من على بعد 50 متراً، وتُركت جثته ملقاة على الأرض، حيث عُثر عليها بعد مرور أسبوع. ودُفن جميع هؤلاء القتلى دون تشريح جثثهم بمجرد العثور عليها.

دعوة لتحقيق فوري

واوضحت المنظمة ان هذه ليست المرة الأولى التي توثق فيها وقوع عمليات إعدام خارج نطاق القضاء على أيدي رجال يرتدون زي الشرطة الاتحادية في العراق فقد سبق توثيق مقتل 16 رجلاً وفتى من عشيرة الجميلات اثناء عمليات استعادة الفلوجة والمناطق المحاذية، في 27&مايو 2016 وبعد قيام هؤلاء بتسليم أنفسهم إلى مقاتلين ارتدى بعضهم زي الشرطة الاتحادية.

وطالبت معلوف السلطات العراقية بالتحقيق فوراً "في هذه التقارير المقلقة التي تتحدث عن ارتكاب عمليات إعدام خارج نطاق القضاء وتعذيب".. ودعتها الى ضرورة تنحية جميع الأفراد المشتبه بارتكابهم جرائم حرب وغير ذلك من الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان من مناصبهم ريثما تتوصل التحقيقات القضائية إلى نتائج قطعية".

الشرطة العراقية تنفي

وردا على تلك الاتهامات فقد نفت قيادة قوات الشرطة الاتحادية على الفور ما ذكرته منظمة العفو الدولية بارتكابها جرائم قتل طالت عددًا من المدنيين في منطقة الشورة بمحافظة نينوى او غيرها وقالت إن "قواتنا ملتزمة التزامًا تامًا بتعليمات القائد العام للقوات المسلحة (حيدر العبادي) وخطة العمليات المشتركة وتمسكها بالقيم والمبادئ الانسانية في حماية المدنيين وممتلكاتهم وتقديم كل المساعدات الممكنة لهم خلال عمليات تحرير مناطق جنوب الموصل وتطهيرها من قبضة التنظيم الارهابي".

واكدت أن قيادة قوات الشرطة الاتحادية قدمت مختلف المساعدات الانسانية التي تجاوزت 150 طنًا من مواد الطحين والمواد العينية الاخرى، اضافة الى تخصيص كوادرنا الطبية لتقديم الدعم الطبي للاهالي .. موضحة انها تمكنت من انقاذ واجلاء اكثر من 10 الاف عائلة كانت محتجزة لدى الارهابيين كدروع بشرية.

يذكر أن القوات العراقية المشتركة وبمساندة طيران الجيش والتحالف الدولي تواصل يومها الخامس والعشرين على التوالي عملية استعادة الموصل من قبضة تنظيم داعش، وذلك بعد إعلان القائد العام للقوات المسلحة حيدر العبادي فجر السابع عشر من الشهر الحالي انطلاق عملية تحرير نينوى وعاصمتها الموصل التي يحتلها التنظيم منذ يونيو عام 2014.