انتشرت قوات الأمن في الشوارع والميادين الرئيسية في مصر، تحسبًا لما يعرف بـ"ثورة الغلابة" المتوقع خروجها غدًا الجمعة، احتجاجاً على غلاء الأسعار وتردي الأحوال المعيشية للمصريين، بناء على دعوة عناصر محسوبة على جماعة الإخوان المسلمين.

إيلاف من القاهرة: تحسبًا لخروج المصريين في مظاهرات غاضبة غدًا الجمعة "11/11"، أو ما يعرف بـ"ثورة الغلابة"، انتشرت قوات الأمن في مختلف الميادين والشوارع الرئيسية بالعاصمة القاهرة، ومختلف المدن الكبرى بالمحافظات.

وانتشرت القوات والآليات العسكرية في ميادين التحرير بوسط القاهرة ورابعة العدوية ونهضة مصر والجيزة، وأغلقت بعض الشوارع المؤدية إليها، كما انتشرت القوات في محيط المباني الرسمية الحيوية، ومنها مقر الحكومة بشارع قصر العيني، ومقر وزارة الداخلية القديم، كما كثفت القوات من تواجدها داخل وفي محيط مبنى الإذاعة والتليفزيون المعروف بـ"ماسبيرو"، وأغلقت بعض الشوارع المؤدية إليه، وأخليت الجراجات وأماكن انتظار السيارات المحيطة بالمباني المهمة، خشية استخدام إحداها في احداث تفجيرات إرهابية.

وزادت قوات الأمن من اجراءاتها المشددة في مترو الأنفاق، وأخضع ضباط الشرطة بعض من يشكون فيهم للتفتيش الذاتي، وتفتيش الحقائب الخاصة وفحص أجهزة الهاتف المحمول.

واتخذت قوات الأمن المصرية اجراءات مشددة في محيط السفارات الأجنبية، ولاسيما السفارة الأميركية بحي جاردن سيتي بالقاهرة، وأغلقت بعض الشوارع المؤدية إليها، وأخضعت المشاة للتفتيش.

ولأن الدعوة إلى المظاهرات خرجت من مواقع التواصل الاجتماعي، تعرضت شبكة الإنترنت إلى تباطؤ شديد منذ أمس الأربعاء، ويجد مستخدمو الانترنت في مصر صعوبة بالغة في التعامل مع الشبكة سواء تصفح المواقع أو تحميل وتنزيل المواد.

فشل&

وقال مصدر أمني لـ"إيلاف" إن الدعوة للتظاهر ضد غلاء الأسعار خرجت من موقع فيسبوك، مشيرًا إلى أن التحريات الأمنية تشير إلى أن ياسر العمدة مطلق الدعوة شاب يعيش في تركيا، وينتمي إلى جماعة الإخوان المسلمين التي وصفها بـ"الإرهابية".

وأضاف المصدر أن تحريات الأمن الوطني ترى أن الدعوة فشلت، وليست هناك أية مؤشرات على خروج كثيف من قبل المصريين للتظاهر في الميادين العامة، لافتاً إلى أنه لم يتقدم أي مواطن إلى وزارة الداخلية للحصول على تصريح بالتظاهر أو تنظيم وقفات احتجاجية، ضد قرارات الحكومة الاقتصادية.

وأشار المصدر إلى أن ياسر العمدة المسؤول عن الدعوة يعمل في قناة الشرق الإخوانية، التي تبث من تركيا.

وقال مطلق الدعوة للتظاهر، ياسر العمدة، في مقطع فيديو بثه عبر صفحته الشخصية وصفحة "حركة غلابة"، إن الدعوة لمظاهرات "11/ 11" قائمة، ولم يتم تأجيل الدعوة للخروج. وأتهم أجهزة المخابرات والأمن المصرية بمحاولة افشال الدعوة.

وتدعو صفحة "ثورة الغلابة" على موقع فيسبوك المصريين للخروج في مظاهرات تسميها تارة "11/11" وتارة أخرى "ثورة الغلابة"، وترفع شعار "اغضب.. احشد.. انزل.. 11/ 11".

ورحبت جماعة الإخوان المسلمين رسميًا بالدعوة وقررت المشاركة في المظاهرات، وقال المتحدث باسم جماعة الإخوان طلعت فهمي، في تصريح له إن "الجماعة مع الشعب المصري، وأضاف "نحن معكم ولن نقرر دونكم، فإن قررتم الخروج والثورة فنحن في القلب منكم، وإن رأيتم غير ذلك فنحن في انتظاركم في الميدان ثابتين ننتظر قراركم"، ودعا فهمي المصريين إلى "استكمال ثورتهم وانتزاع حقوقهم".

مجهولة

وبالمقابل، تبرأت القوى السياسية في مصر من الدعوة للتظاهر، وقال تحالف أحزاب الكرامة والتحالف والتيار الشعبي، إن "الدعوة مجهولة المصدر لنزول المواطنين فى 11 نوفمبر، تثير الكثير من الريبة لدينا، وقد ساهمت في الانتشار الواسع لهذه الدعوة، خطابات الذعر والتهديد والتهويل في بعض وسائل الاعلام، ومما يزيد الشك في هذه الدعوة أن تروج لها أجنحة من بعض القوى المضادة للثورة سواء المتسترة بالدين او فلول نظام مبارك".

وأضاف في بيان له، "إن أحزاب التحالف تعلن عدم دعوتهم للنزول في &"11 / 11" وعدم استجابتهم لهذه الدعوة، التي لا تحمل أية رؤية أو قيادة أو أهداف واضحة، وكأنها دعوة لتفريغ الغضب المتراكم . ويؤكدون في نفس الوقت، على حق الجماهير الدستوري والانساني في التعبير والاحتجاج والتظاهر المنظم والسلمي، من أجل الدفاع عن حقوقها المهدرة، التي تجور عليها سياسات الحكم في انحياز قاس ومتسارع، لصالح الأقلية على حساب الأغلبية".

وأضاف: "الغضب والاحتقان الاجتماعي يتزايد بشكل لا تخطئه عين في أوساط الجماهير الشعبية، نتيجة ضعف تلبية الاحتياجات الأساسية، وارتفاع الاسعار والغلاء الفاحش، أضافة لانهيار الآمال والأوهام التي راهنت على النظام الحاكم الذي انحرف أكثر فأكثر عن أهداف ودستور 25 /30 وانحاز لأهداف القوى المضادة للثورة".

بينما قال الدكتور مدحت نجيب رئيس حزب الأحرار، إن "11 نوفمبر سوف تشهد الموت الاكلنيكي لكل أعداء الوطن في الداخل والخارج لأنه لم ولن تنجح فرغم كل الصعوبات الاقتصادية والغضب الشعبي من الحكومة إلا أن الشعب متفهم التحديات والمؤامرات التي تحاك ضد مصر".

وأضاف لـ"إيلاف" أن اعلان جماعة الاخوان الارهابية مشاركتها في هذا اليوم أكد لأغلبية الشعب ان الدعوات غرضها خبيث ومؤامرة على مصر وليست ثورة غلابة كما يتشدقون ويدعون"، متوقعًا أن تفشل دعوة المظاهرات في "11 نوفمبر وستشهد نهاية الاخوان وحلفاء الأميركيين في مصر داخلها وخارجها".

وحسب دراسة أعدها الدكتور عادل عامر، رئيس مركز المصريين للدراسات السياسية والاجتماعية، فإن "مطلقي الثورة الجديدة اختاروا قضية أكثر جاذبية للناس وركزوا على مسألة الغلاء وارتفاع الأسعار، وشكلوا حركة جديدة أطلقوا عليها "حركة غلابة" أطلقت الدعوة إلى الثورة للتنديد بغلاء الأسعار. وسعت الحركة، أو هكذا حاولت، إلى النأي بنفسها عن الانتماء إلى جماعة الإخوان المسلمين، ربما لشعور القائمين عليها بمدى رفض الشعب لـلإخوان".

&وأضاف عامر في دراسته التي أرسلها لـ"إيلاف" أن "من تابع الصفحة الرسمية للحركة على موقع "فيسبوك يجدها تعتمد مفردات وصياغة هي نفسها التي لطالما استخدمتها الجماعة في تحريض أنصارها للنزول إلى الشارع من دون أن يستجيب الناس"، مشيرًا إلى أن "حركة الغلابة ليست الأولى التي يسعى الإخوان من خلالها إلى استغلال الظرف الاقتصادي الذي تمر به مصر للتحريض على الحكم وتأليب الناس عليه".

لا ثورة

وأوضح أنه "في العام 2014، وبعد أقل من ثلاثة شهور من وصول السيسي إلى سدة الحكم، ظهرت حركة تسمى "ضنك" للمتاجرة بالصعوبات التي يعانيها المصريون وبينها الانقطاع المتكرر للكهرباء في حينه، وتقليص الدعم على المحروقات، وتزامن ذلك مع دعوات "التحالف الوطني لدعم الشرعية" الذي يضم الإخوان وجماعات أصولية متطرفة أخرى، إلى تنظيم تظاهرات ضخمة تحت شعار "ثورة الغلابة" احتجاجاً على تردي الأوضاع المعيشية، لكن الغلابة لم يثوروا والثورة لم تقم".

&وتابع: "في منتصف العام الماضي، أُطلقت حركة جديدة تُدعى "عصيان"، دعت إلى تظاهرات أمام قصر الاتحادية في الذكرى الأولى لرئاسة السيسي. وتضامنت مع تلك الدعوة في حينه حركة أخرى تطلق على نفسها اسم "شباب ضد الانقلاب"، وقبلها كانت حركة تسمى "تحرر" دعت إلى التظاهرات في أبريل العام الماضي، وبعدما صدق بعض الإخوان أن "الانقلاب يترنح" وأن "مرسي راجع القصر يوم الأحد العصر"، وجدوا أنهم لا يشاركون إلا في وهْم، وأن حكم السيسي يترسخ ومرسي يتنقل من محكمة إلى أخرى ومن سجن إلى آخر".

&ووفقًا لدراسة عامر فإن "اللافت أن الإخوان كانوا حددوا مواعيد أخرى لثورات تركزت غالبيتها في أوقات لها علاقة بالأحكام التي صدرت في حق مرشد الجماعة أو مرسي نفسه، أو باقي زعماء الجماعة وقادتها، ورغم الدعم السياسي والزخم الذي تتولاه قنوات الإخوان الفضائية التي تُبث من دول تدعم الجماعة، إلا أن أحداً لم يخرج إلا لمطاردة الإخوان ووقف أفعالهم العدوانية في الشوارع".

&ولفت إلى أن "قاموس الإخوان وحلفائهم من الثورجية ونخبة الفضائيات في حاجة إلى تصحيح لتعود مفرداته إلى أوضاعها الطبيعية لدى باقي البشر، فالدولة المصرية تترسخ ولا تترنح، ومرسي لن يعود إلى الحكم لا الأحد المقبل ولا أي يوم آخر، ولن تقوم ثورة في مصر".

واعتبر أن "التظاهر بهدف المشاركة والحضور دون التنسيق والإعداد الجيد يعد انتحارًا وسذاجة سياسية لا يمكن غفرانها مستقبلاً".

وأشار إلى أن "المشكلة التي قد يواجهها السيسي إذا ما ترشح في الانتخابات الرئاسية المقبلة أنه لن يجد مرشحاً آخر ينافسه بعدما تجاوز المرشح السابق حمدين صباحي عدد مرات الرسوب".&
&