يلاقي الآشوريون المسلمون الذين أسسوا الجمعية الآشورية في جنوب شرق تركيا مصاعب مع جيرانهم وآقاربهم بسبب السؤال عن اصولهم الاثنية. فهم يُعدون بالآلاف ويعتزون بهويتهم الآشورية ويريدون الحفاظ عليها بعد المجازر التي ارتُكبت بحقهم، أو ما يسمونه مذابح «سيفو».

وفي مقابلة اجراها مركز سيفو مع رئيس الجمعية الآشورية ايلم دونين قال انه ولد ونشأ في دياربكر وان والده محمد دونين ولد في قرية شمشم التابعة لمحافظة ديابكر وأمه امينة دونين من مواليد دياربكر وجده باقي دونين ولد ونشأ في قرية اورمان كايا ويتذكر حديث جده عن الابادة الجماعية التي تعرض لها الآشوريون حين كان يروي لأحفاده قصة حياته وكيف نجا من المجزرة.

واشار دونين الى ان عائلته واجداده حرصوا على توعيته باصوله ولهذا السبب لم يجد أي مصاعب مع هويته الآشورية. واضاف «ان هويتي القومية كانت دائماً آشورية» ولكن «أنا وعائلتي مسلمون».

واكد رئيس الجمعية الآشورية ان عائلته وأقاربه كانوا يعرفون هويته القومية وانه لم يواجه أي مشاكل ولكن رد فعل الآخرين من ذوي الانتماءات الاثنية الأخرى في منطقته كان يتسم بالبلبلة. وقال دونين إن موقف البعض منهم كان ايجابياً ولكن البعض الآخر اصبحوا متحاملين عليه.

وتابع دونين قائلاً "أنا مسلم وسأبقى مسلماً وأكن احتراماً كبيراً للمسيحية ولكني مؤمن بأن الاسلام هو خاتم الأديان وسأعيش ما تبقى من حياتي بهذه الطريقة وأبقى مؤمناً بديانتي".

وتطرق دونين الى علاقات الآشوريين المسلمين بالآخرين قائلا "اننا كنا دائماً نحتك بعائلات أخرى من قريتنا ولم تكن لدينا مشاكل في التلاقي وحين كنا نحتك بآخرين من مناطق أخرى لم نجد مشكلة مع هويتنا القومية ولكننا واجهنا بعض التحديات بشأن ديانتنا".

وشرح ايلم دونين اهداف الجمعية الآشورية قائلا "ان غايتنا الرئيسية هي ايجاد آشوريين مثلنا يعتنقون الديانة الاسلامية وكانوا "مختفين" ، ونريد ان نوفر لهم منبراً ليتمكنوا من الافصاح عن هويتهم وتقاسم افكارهم. والأكثر من ذلك اننا نريد ان نعزز هويتنا الآشورية".

واضاف ان الجمعية تضم 100 عضو مسجل من عائلات مماثلة لعائلته، وان الجمعية "على اتصال مع 5000 آشوري مثلنا في تركيا" من خلال شبكات التواصل الاجتماعي وأدوات اخرى مشيراً الى ان اعضاء الجمعية هم من دياربكر وجميعهم من شرق تركيا.

وعاد رئيس الجمعية الآشورية في دياربكر الى الوراء متحدثاً عن مذابح سيفو قائلا ان "سيفو" تعني السيف الذي استُخدم لإبادة الآشوريين في عام 1915. ولهذا السبب سُميت المذابح "سيفو" واصفاً ما حدث بأنه "من أشد الأوقات حلكة في تاريخنا لأننا كآشوريين فقدنا ثلثي امتنا".

وأوضح دونين كيف اعتنقت عائلته الديانة الاسلامية ناقلا عن جده ان عائلة كردية أوت جده مع شقيقته خلال مذابح سيفو وهكذا نجا الاثنان من المذبحة. "وكان جدي في الثامنة وشقيقته في السادسة من العمر يعيشان مع عائلتهما. وكان جدي راعياً وشقيقته تقوم بأعمال المنزل وحين كانا يعيشان مع هذه العائلة أُجبرا على اعتناق الاسلام".

واضاف دونين "ان لدى غالبية اعضائنا قصصاً مماثلة جداً لقصة جدي وشقيقته وكان هناك البعض ممن وقعوا في الأسر والبعض الآخر ممن جرى "شراؤهم" في الأسواق. وهؤلاء أُجبروا على اعتناق الاسلام لأنهم كانوا يعيشون في بيوت مسلمين. وكانت الحكومة وقتذاك والسلطات المحلية تنفذان مذابح سيفو معاً".
وقال دونين إن الآشوريين المسلمين ليسوا احرارًا في التعبير عن اصولهم الاثنية بسبب ردود افعال محيطهم "وهم يواجهون صعوبات". 

واستعرض رئيس الجمعية الآشورية في دياربكر نشاطات الجمعية قائلا انها اتصلت بمئة عائلة ولكنها لا تعرف على وجه الدقة عدد الآشوريين في تركيا بسبب ما سماه "ضغط المجتمع" معرباً عن اقتناعه بأن عددهم "كبير جداً" في ضوء الأبحاث التي اجراها اعضاء الجمعية عن اصولهم في قراهم ومدنهم ومنطقتهم.

وشدد دونين على ان عمل جمعيته "لا يتضمن أي شيء عن الخيار الديني. فالبعض مسلمون والبعض مسيحيون والبعض الآخر غير مؤمنين ، وهدف جمعيتنا الرئيسي هو العثور على الآشوريين الذين يخفون هويتهم".

واعترف دونين بأن ردود فعل الآشوريين الكبار على تأسيس الجمعية لم تكن ايجابية. وقال "ان البعض من شيوخنا نسوا للأسف انهم ينتمون الى الهوية الاثنية نفسها وبدأوا يناقشون ديانتنا. وإذا بدأتَ تحليل فترة مذابح سيفو فان اعتناق الاسلام كان الخيار الوحيد للنجاة وآمل بأن يتابع الآشوريون نشاطاتنا ويدعموننا بمعرفتهم وألا يركزوا على خيارنا في الدين".

وعن ردود افعال الكرد والاتراك وغيرهم من المسلمين حين بدأ تأسيس الجمعية الآشورية قال دونين "أن يكون المرء آشورياً في هذه المنطقة الجغرافية فان الظروف صعبة للغاية ولكن إذا لم ننكر ذاتنا فان المسلمين الآخرين وذوي الانتماءات الاثنية الأخرى سيعترفون بنا في المستقبل وهذا هو هدف جمعيتنا".

وقال دونين ان الآشوريين كانوا "على مدى التاريخ يواجهون العنف والحرب مع اقوام أخرى بسبب هويتهم الاثنية ونحن كآشوريين كنا موجودين في بلاد ما بين النهرين قبل التاريخ المكتوب وما زلنا موجودين. ولكن كثيرين حاولوا افناءنا بأعمال ابادة متعددة وحافظنا كشعب على هويتنا. وأنا واثق من اننا سنناضل ولن نستسلم من أجل بقائنا".

وحين سُئل دونين عن موقفه من الذين يدعون الآشوريين المسلمين الى التخلي عن الاسلام واعتناق المسيحية قال رئيس الجمعية الآشورية في دياربكر انه يأمل بأن "يفهم هؤلاء ان الدين خيار شخصي ومثلما أحترم اصحاب الديانة المسيحية أو غيرها من الأديان الأخرى اتوقع من هؤلاء ان يحترموا ديني ايضاً".

وفي الختام قال ايلم دونين رئيس الجمعية الآشورية في دياربكر "اننا لا نستطيع ان نقرر الماضي ولكن يجب ألا ننساه. الوقت بيدنا ، ولدينا خيارات وحان الوقت لتنحية خلافاتنا جانباً وتوحيد صفوفنا وأشدد مرة اخرى ان هذا هو وقت الوحدة كآشوريين وإسماع العالم صوتنا".

اعدت "ايلاف" هذا التقرير بتصرف عن موقع "سيفو". المادة الأصلية منشورة على الرابط التالي
http://www.seyfocenter.com/english/muslim-assyrians-who-are-they/