فيما تتسع الحملة التضامنية مع مؤسسة المدى الإعلامية العراقية في مواجهة دعوى قضائية رفعها ضدها المالكي، فقد تحدته إدارتها بالتأكيد على عدم السكوت عن سياساته التي وصفتها بالكارثية، رغم إحالة رئيس تحريرها ونائبه إلى محكمة تحقيق قضايا النشر والإعلام.

إيلاف من لندن: أعربت مؤسسة «المدى» عن تقديرها لحملة التضامن التي أطلقها ويساهم فيها عبر مواقع التواصل الاجتماعي العشرات من الصحافيين والإعلاميين والمثقفين والشخصيات الاجتماعية والسياسية استنكاراً للدعوى القضائية التي أقامها نائب رئيس الجمهورية رئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي ضد رئيس تحرير صحيفة المدى فخري كريم ونائبه علي حسين بتهمة السب والقذف وهي تهمة وصفتها بالكيدية.

وأشارت المؤسسة في بيان صحافي توضيحي اطلعت على نصه "إيلاف" الاثنين، الى&أن هذه الدعوى هي واحدة من عدة قضايا كان المالكي وسواه من المسؤولين في الدولة قد أقاموها في أوقات مختلفة ضد صحيفة المدى ومؤسستها وسبق أن مثل كريم أو ممثلوه أمام القضاء عن تلك القضايا التي شملت أيضاً زملاء آخرين.&

وأكدت أن فخري كريم سيمثل هذا الاسبوع امام المحكمة المختصة في القضية الأخيرة التي تجري حملة التضامن بشأنها الآن، والتي رفعها المالكي ضد الصحافي علي حسين اثر مقال انتقد فيه سياسات المالكي.

وأشارت المؤسسة إلى أنّ الهدف من الدعوى هو اسكات الصوت الوطني المؤثر للمدى و"التغاضي عن السياسات المدمرة التي انتهجت في عهد رئيس الوزراء السابق (المالكي)، والتي تتجلى نتائجها الكارثية في احتلال داعش الارهابي لثلث مساحة البلاد وموت عشرات الآلاف من خيرة ابناء العراق وبناته وسبي آلاف أخرى ونزوح الملايين الذين ما انفكوا يعيشون محنة رهيبة في المخيمات، فضلاً عن ضياع مئات مليارات الدولارات التي جرى تهريبها إلى خارج البلاد على ايدي الفاسدين والمفسدين ما جعل الدولة العراقية تقف على حافة الافلاس والانهيار والقاء المجتمع العراقي في اتون ازمة اقتصادية ومالية طاحنة".

وشددت مؤسسة المدى على أنها ستبقى متمسكة بموقفها الثابت في نقد السياسات والاجراءات الخاطئة للحكومة وسواها من مؤسسات الدولة، ولن تتوانى عن تسمية الاسماء بمسمياتها مهما كانت مواقع ومناصب المسؤولين عن السياسات والاجراءات الخاطئة ولن ترهبها الدعاوى الجزائية الكيدية ولا آية إجراءات تعسفية أخرى.&

المالكي شخصية خفيفة الظل

وآخر ما كتبه الصحافي علي حسين عن المالكي مقال قال فيه "السيد نوري المالكي شخصية خفيفة الظل ويعشق النكتة".

وأضاف أنّ المالكي وفي الوقت الذي سلم فيه الموصل إلى داعش و"لطش" اكثر من 120 مليار دولار اختفت بقدرة "فخامته" من الحسابات الختامية لموازنات الثماني سنوات، التي قضاها في الحكم، وجد أن الموما اليه علي حسين كان وراء كل مشاكل العراق ولهذا لابد من مطاردته حتى النفس الاخير.. الدعوى القضائية رقم 5 التي يقيمها ضدي فخامة نائب رئيس الجمهورية متوهمًا انه سيجبرني على السكوت سأنفذ اوامره واتوقف عن الكتابه عنه بشرط أن يخبرنا اين اختفت الـ 120 مليار دولار".

حملة تضامنية واسعة

وتشهد شبكات التواصل الاجتماعي حملة تضامن واسعة مع الصحافي علي حسين، ويواصل إعلاميون ومثقفون وسياسيون تأكيدهم على ضرورة الدفاع عن حرية الكلمة، مشيرين إلى أنّ دعوى المالكي&اعتمدت على قانون سن في زمن النظام السابق.

وأشاروا إلى أنّ ذلك يعني أن العراق ما زال "يعيش زمن الصوت الواحد والدكتاتوريات المتعسفة التي الجمت لسنوات طوال السن الناس واخرستهم".. وقالوا إن "حملة الدعاوى القضائية ضد الصحافة وحرية الكلمة لابد من وضع حد لها والا حاصرتنا جميعًا"... مشددين بالقول "لنعلن موقفًا مساندًا من قبل كل الإعلاميين.. اوقفوا ترهيبكم لحرية الرأي والكلمة".

دعوات لرد الدعوى

&ومن جهتهم، طالب نحو مئة منظمة وشخصية سياسية وحقوقية برد الدعوى ضد الصحافي لعدم سلامتها واستخدامها سكينًا لطعن الجهود المدنية التنويرية ولعدم اتفاقها والقانون، وكذلك لوائح حقوق الإنسان.&

وأشارت هذه الفعاليات في بيان صحافي تسلمت "إيلاف" نصه إلى أنّ حملتها هذه تأتي من أجل ردّ الدعوى القضائية الباطلة قانوناً في أسبابها ودواعيها والمتعارضة مع الجوهر الحقوقي الدستوري في مآربها.

فعلى خلفية مقالة كتبها الصحافي العراقي علي حسين في صحيفة المدى حول تصويت بعض الكتل البرلمانية في مجلس النواب على قرار يحد من الحريات الشخصية في العراق.. مؤكدين على أن حرية الرأي والتعبير وحق النقد هو أمر يمثل حقاً ثابتاً كفله الدستور العراقي والمواثيق الدولية.

واعتبروا الدعوى تأتي بقصد مصادرة حرية الرأي وتمثلُ انتهاكاً صارخاً للدستور العراقي وقمع الفكر التقدمي الحر وفرض ثقافة ظلامية متخلفة في العراق. وتشكيل محرقة لكل العناصر التنويرية في المجتمع.&وطالبوا برد الدعوى "لعدم سلامتها واستخدامها سكينا لطعن الجهود المدنية التنويرية ولعدم اتفاقها والقانون وكذلك لوائح حقوق الإنسان"، بحسب قولهم.&

المالكي على رأس ماكنة الفساد

ومن جهته، اعتبر مركز "مترو" الكردي للحريات الصحافية الدعاوى ضد الصحافيين وسيلة لترويعهم ومنعهم من ايصال المعلومة للرأي العام، وقالت إن دعوى المالكي ضد صحيفة المدى& علي حسين تمادٍ آخر في سوء الاستغلال هذا، وانتهاك صارخ للدستور العراقي وللمواثيق الدولية الناظمة لحقوق الانسان.

وأضاف المركز في بيان صحافي حصلت على نصه "إيلاف" ان المشتكي أي المالكي كان احد الذين ساهموا في دوامة العنف المستشري ونهبوا ثروات طائلة من المال العام وافقروا شرائح واسعة من المواطنين وانتهكوا حقوقهم المدينة والانسانية.. كما انه كان على رأس هذه المنظومة الفاسدة او من كبار المتنفذين فيها لسنين. وهو الذي في عهده تغولت عصابات داعش حين سلمها ثاني اكبر مدن العراق وثلث مساحة البلد وفي عهده استشرى نهب المال العام وهدره وانتهاك الحريات والحقوق إلى حدود مفزعة.

ورفض المركز بشدة "المحاولات الرامية لقمع حرية الرأي والتعبير وحق نقد الشخصيات العاملة في الشأن العام عن طريق رفع الدعاوى القضائية تهدف لاسكات الاقلام الحرة، التي ترفض مسايرة ومهادنة الفاسدين او بيع اقلامها لهم". ودعا القضاء العراقي إلى "رفض النظر في الدعوى لعدم انسجامها مع روح الدستور العراقي الذي يكفل حرية الرأي والتعبير وحق النقد، فيحمي بذلك الصحيفة والكاتب الصحافي من تعسف يسيء إلى حق التقاضي ويحوله إلى اداة ارهاب لأسكات الصوت الحر الناقد والامعان في تضليل وتعمية الرأي العام".

يذكر أنّ المالكي حين كان يتولى رئاسة الحكومة العراقية قد تبادل ورئيس مؤسسة المدى للصحافة فخري كريم في اواخر عام 2012 الاتهامات بالكذب، ما دفع الاول للجوء إلى القوة العسكرية ومحاصرة منزل الثاني.

فبعد مقال افتتاحي لكريم في المدى اتهم فيه المالكي بالدكتاتورية والفساد ومواقف ضد سنة البلاد، رد المالكي قائلاً "إن مقال المدى تضمن اقوالاً كاذبة". وكان كريم نشر افتتاحية في جريدة المدى تحت عنوان "من يردع المالكي ويكبح جماحه ويضبط إيقاعه المختل؟..الرئيس حامي الدستور.. فماذا ينتظر؟".