عودة أبو ردينة: أعلن دونالد ترامب صراحة أن سياسته الشرق أوسطية هي سياسة التعليم من أخطاء سلفيه باراك أوباما وجورج بوش الإبن، وبالتالي تقوم على عدم التدخل ضد الأنظمة، مع المحافظة على القسوة الشديدة ضد داعش.

عيّن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب شخصين سيشكّلان اللاعبين الأكثر قوة في حكومته. فوزير الخارجية المعيّن، ريكس تيلرسون، يعرف المنطقة جيدًا أكثر من معظم أعضاء مجلس الشيوخ.&

والجنرال جيمس ماتيس يعرف المنطقة وقادتها أيضًا. كما سلط ترامب في الأسبوع الماضي في مدينة سينسيناتي بولاية أوهايو الضوء على أفكاره بالنسبة إلى الشرق الأوسط. إلا أن وسائل الإعلام العربية وما يسمى الخبراء العرب في الولايات المتحدة لم يلاحظوا ذلك، بينما لاحظ جيرالد سيب، مدير مكتب جريدة وول ستريت جورنال في واشنطن، أن ترامب لا يشارك باراك أوباما وجورج بوش الإبن النظرة نفسها حيال السياسة الخارجية.&

حقبة جديدة

يقول سيب: «إذا أصغيت بإمعان إلى دونالد ترامب تجد أنه أخبرنا شيئًا مهمًا منذ أيام عن النهج المختلف الذي ينوي اتّباعه تجاه الشرق الأوسط وتهديد التطرف الإسلامي. غفل الكثيرون عن رسالة الرئيس المنتخب لأنّها مرّت وسط صخب إعلانه ترشيح الجنرال ماتيس، أو ماتيس (الكلب المسعور) كما يسميه رئيسه الجديد، لمنصب وزير الدفاع».&

في حديث آخر، غير مرتجل، ألقاه ترامب، قال: «سنكفّ عن محاولة إسقاط الأنظمة والحكومات. وبعد هدر 6 مليارات دولار على صراعات الشرق الأوسط، هدفنا الاستقرار بدلًا من الفوضى، وسنبني شراكات مع أي دولة تنوي الإنضمام إلينا في جهودنا لهزيمة داعش والإرهاب الإسلامي المتطرف، وسنسعى في اتفاقياتنا مع دول أخرى وراء المصالح المشتركة حين يكون ذلك ممكنًا، وسنلاحق حقبة جديدة من السلام والتفاهم والنية الحسنة».&

بحسب سيب، تقدم هذه الكلمات مؤشرات قوية على النهج الذي ستتّبعه إدارة ترامب في منطقة سبّبت مشكلات لكلّ رئيس أميركي، منذ عهد ريتشارد نيكسون.

ويشير ترامب إلى مقاربة مختلفة، ليس عن تلك التي اعتمدها أوباما فحسب، بل أيضًا عن التي اتّبعها آخر رئيس جمهوري، جورج بوش الإبن.

مقاربة جديدة

أما تصريحاته فتعني بوضوح: وضع حد للجهود المبذولة للإطاحة برئيس النظام السوري بشار الأسد، لأنّ ذلك سعي إلى إسقاط النظام في سورية؛ وإنشاء شراكة مع روسيا في المنطقة لأنّ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أثبت أنّه ينوي الانضمام إلى المساعي لهزيمة تنظيم الدولة الإسلامية في سورية؛ وبناء علاقة أكثر دفئًا مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الذي أظهر شراسة لا لبس فيها في محاربته التطرف الإسلامي، مع أن إدارة أوباما قاطعته بسبب تمزيقه الحريات المدنية في مصر؛ وانتهاج سياسة عدائية تجاه إيران تتضمّن محاولة إلغاء الاتفاق الذي أقامه أوباما معها في شأن الأسلحة النووية، لكنّ تغيير النظام في طهران ليس من ضمن أهدافها الصريحة.

يصف ترامب هذه المقاربة بأنّها «سياسة خارجية جديدة تعلّمت أخيرًا من أخطاء الماضي»، وتقترح قسوة تجاه تنظيم الدولة الإسلامية أشد من التي اعتمدها أوباما، وفي الوقت نفسه تدخلًا أقل في المنطقة.
&