نصر المجالي: عرض الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في مؤتمره الصحافي الكبير التقليدي في موسكو، اليوم الجمعة، العديد من القضايا والملفات الساخنة محليا واقليميا ودوليا، ويعتبر هذا المؤتمر فرصة كبيرة للصحافيين لإلقاء أسئلتهم حول المواضيع التي تخص الساحتين الروسية والدولية، حيث تم رسميا اعتماد حوالى 1300 صحافي.&

ووصف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في المؤتمر الذي امتد لأربع ساعات، تنفيذ الاتفاق حول تسوية قضية حلب، بأنه كان أكبر عملية إنسانية في العالم المعاصر، مؤكدا أن الخطوة الثانية هي وقف إطلاق النار في كامل أراضي سوريا.

وأشاد بوتين، بالدور المحوري الذي لعبته روسيا وتركيا وإيران في إجلاء المسلحين والمدنيين من شرق حلب وعدد من البلدات الأخرى في الأراضي السورية. لكنه شدد على أنه كان من المستحيل إجراء مثل هذه العملية واسعة النطاق دون الإرادة الطيبة من جانب الرئيس السوري بشار الأسد.

وأكد بوتين استعداد روسيا لتطوير هذه الصيغة الثلاثية لتسوية الأزمة في سوريا، مؤكدا أن الباب ما زال مفتوحا أمام دول أخرى للانضمام إلى الجهود. ومن هذه الدول التي يجب أخذ مصالحها في الاعتبار وضمان مشاركتها، أشار الرئيس الروسي إلى الأردن والسعودية ومصر. وأكد أنه لا يجوز تسوية مثل هذه المسائل دون دور للولايات المتحدة.

اكبر اجلاء

واستطرد قائلا: "يدور الحديث عن إجلاء أكثر من 100 ألف شخص من حلب. وأريد أن أشدد على أن ذلك يعد أكبر عملية إنسانية دولية في العالم المعاصر".

وأضاف: "فعلا، لعب الرئيس التركي والقيادة الإيرانية، دورا هائلا في تسوية الوضع حول حلب، علما بأن هذه العملية كانت مرتبطة بعمليات المبادلة ورفع الحصار عن عدد من البلدات التي تقطنها أغلبيات شيعية".

وشدد على أن إجراء مثل هذه العملية من دون مشاركة روسيا، كان أمرا مستحيلا. وأشار إلى أن تنفيذ الاتفاق جرى في مرحلته النهائية في ظل وقف إطلاق النار.

وأكد أن المرحلة الثانية للجهود على الاتجاه السوري يجب أن تتعلق بعقد اتفاقية وقف إطلاق النار في كامل الأراضي السورية، لتبدأ بعد ذلك، مباشرة، مفاوضات حول التسوية السياسية.

مفاوضات استانا&

وأضاف: "إننا اقترحنا العاصمة الكازاخستانية أستانا كمنصة محايدة لإجراء المفاوضات. ويوافق على هذا الاقتراح الرئيسان التركي والإيراني، وكذلك الرئيس (السوري بشار) الأسد. ووافق الرئيس (الكازاخستاني نورسلطان) نازاربايف على تقديم مثل هذه المنصة".

أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن روسيا تواصل تطوير ثلاثية النووي التابعة لجيشها بمراعاة صارمة لكافة الاتفاقات الدولية التي وقعت عليها.

سندافع بالصواريخ

وجدد بوتين، التزام روسيا باتفاقية الحد من الأسلحة الهجومية الاستراتيجية، وعبر عن دهشته من رد الفعل العنيف من قبل واشنطن على تصريحات سابقة له حول أهمية ثلاثية النووي (القوات النووية البرية والبحرية والجوية) بالنسبة إلى الأمن القومي الروسي، وحول كون روسيا أقوى من أي معتد محتمل في الوقت الراهن.

وأوضح الرئيس أنه لا يحاول إنكار التفوق العسكري الأميركي في جميع المجالات تقريبا، أما تصريحاته التي جاءت خلال اجتماع مع قيادة وزارة الدفاع الروسية، الخميس، فتؤكد أن موسكو لا تخشى من أي هجوم من جهة الولايات المتحدة.

وتساءل بوتين قائلا: "لماذا بدأ مسؤولون من الإدارة الأميركية الحالية يؤكدون أنهم الأقوى؟ فعلا، لديهم عدد أكبر من الصواريخ والغواصات وحاملات الطائرات، ونحن لا نحاول إنكار ذلك، بل نقول إننا أقوى من أي معتد، وهذه هي الحقيقة".

موقف ترامب

وأضاف بوتين أنه لا يرى شيئا جديدا في تصريحات الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب حول عزمه على تعزيز القدرات النووية للولايات المتحدة. وذكر بأن ترامب تحدث عن نيته هذه بالتفصيل خلال حملته الانتخابية.

ويرى الرئيس الروسي أن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب فاز في انتخابات الرئاسة الأميركية لأنه أدرك "مزاج المجتمع" وعمل في إطار هذا النموذج حتى النهاية، مؤكدا أنه "لم يثق أحد، باستثنائنا، بأنه سيفوز".

وقال بوتين إن الإدارة الأميركية الحالية وكذلك قيادة الحزب الديمقراطي الأميركي تحاول تحميل قوى خارجية المسؤولية عن فشلها. وأكد الرئيس الروسي: "أن ذلك غير صحيح. ويدل على وجود مشاكل بنيوية لدى الإدارة الحالية".

وأشار إلى أن الدعوات الموجهة للمجمع الانتخابي الأميركي بشأن عدم التصويت للرئيس المنتخب دونالد ترامب "خطوة لتقسيم الأمة"، مضيفا أن "اثنين من أعضاء المجمع الانتخابي لم يصوتا لترامب، بينما لم يصوت أربعة آخرون لصالح كلينتون"، مشيرا إلى أن ذلك كان خسارة أخرى لهؤلاء الذين دعوا إلى الامتناع عن دعم ترامب.

القرصنة

وقال الرئيس الروسي إن مجموعة القراصنة (الهاكرز) الذين اخترقوا البريد الإلكتروني للحزب الديمقراطي الأميركي، كشفوا عن التلاعب بالرأي العام في الحزب الديمقراطي ضد المرشح الآخر (بيرني) ساندرز، مشيرا إلى أن "رئيسة اللجنة القومية للحزب الديمقراطي قدمت استقالتها، وذلك يعني أنها أقرت أن القراصنة كشفوا عن الحقيقة".

دروس الانتخابات

وأعرب الرئيس بوتين عن أمله في أن المجتمع الأميركي سيستخلص دروسا من الانتخابات الرئاسية الأخيرة في البلاد، مشيرا إلى أن النظام الانتخابي في الولايات المتحدة عفا عليه الزمن وأن ذلك يمثل مشكلة للبلاد.

وقال بوتين إن مسألة تحسين العلاقات الروسية الأميركية ستتصدر مباحثاته مع الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترامب في أول لقاء لهما، مشيرا إلى أن العلاقات بين البلدين تدهورت ووصلت إلى أدنى مستوياتها.

وأكد الرئيس الروسي وجوب التفكير معا في كيفية تحسين العلاقات الروسية الأميركية، مضيفا أنه من الصعب الآن الحديث عن تحديد موعد لمثل هذا اللقاء قبل أن يكمل الرئيس الأميركي المنتخب تشكيل فريقه أولا.

أوكرانيا

وبشأن الأزمة الأوكرانية أعلن الرئيس بوتين أن "رباعية النورماندي" آلية غير فعالة لتسوية الأزمة، إلا أنها الآلية الوحيدة وسيستمر العمل في إطارها. وقال إن الوضع سيتدهور بسرعة في حال فشل هذه الآلية، مؤكدا ضرورة تجنب ذلك.

ودعا الرئيس الروسي إلى تبادل الأسرى في منطقة دونباس في شرق أوكرانيا وفقا لمبدأ "الجميع مقابل الجميع"، كما دعا كييف إلى العفو عن جميع السجناء من سكان دونباس الذين تعتبرهم السلطات الأوكرانية "مدانين بشكل قانوني".

وقال: "إذا (تحدثنا عن) مبدأ "الجميع مقابل الجميع" فإنه يجب اتخاذ قرار بشأن العفو عنهم وإخلاء سبيلهم، وإلا فإنه سيكون من الصعب جدا التوصل إلى اتفاق".

كما أكد الرئيس بوتين أن كييف يجب أن تفكر في ألا يُعتبر الجيش الأوكراني جيش احتلال في دونباس، أي في أراضي البلاد نفسها.

من جهة أخرى، اشترط الرئيس الروسي العفو عن المخرج الأوكراني أوليغ سينتسوف الذي صدر بحقه في روسيا حكم بتهمة تدبير أعمال إرهابية في القرم، وكذلك المواطن رومان سوشينكو المتهم بالتجسس، اشترط ذلك بتوقف كييف عن أي أعمال عدوانية ضد روسيا.

وقال بوتين إنه يؤيد قيام الاتحاد الأوروبي بإلغاء التأشيرات لمواطني أوكرانيا، مشيرا إلى أن التأشيرات في أوروبا مفارقة تاريخية من أيام الحرب الباردة، داعيا إلى التخلي عن استخدام التأشيرات في أوروبا عموما.

أوروبا الموحدة&

من جهة أخرى صرح الرئيس بوتين بأن موسكو مهتمة بتطوير العلاقات مع أوروبا، إلا أن موسكو بحاجة إلى شريك موحد يمكن إجراء الحوار معه. وقال بوتين خلال المؤتمر الصحافي السنوي الكبير، "نحن مهتمون بتطوير العلاقات مع أوروبا، وسنسعى إلى ذلك، ونريد بالطبع أن تتحدث أوروبا بصوت واحد، وأن تكون شريكا يمكن الحوار معه. إن ذلك هو ما يهمنا. وإلا فإننا سنبحث عن إمكانيات للحوار على مستوى الدول".

وأشار الرئيس الروسي إلى زيادة المركزية في الاتحاد الأوروبي تثير اعتراضات بعض الدول الأوروبية التي تعارض السياسة الأوروبية الحالية في مجال الهجرة، مضيفا أن تلك الدول غير راضية عن فرض حلول تعتبرها غير مقبولة بالنسبة لها.

وأكد بوتين استعداد موسكو لرفع العقوبات التي فرضتها روسيا على الدول الأوروبية في حال رفع الاتحاد الأوروبي عقوباته ضد روسيا. وقال إن خطوات روسيا بهذا الشأن كانت خطوات مقابلة ردا على العقوبات التي فرضتها الدول الأوروبية ضد الاقتصاد الروسي.

الإرهاب

كما أعرب بوتين عن أمله في استئناف التعاون مع الغرب في مجال مكافحة الإرهاب، قائلا: "تحدثت كثيرا من منبر الأمم المتحدة وقلت إنه يمكن العمل على مواجهة هذا الخطر بفعالية فقط من خلال توحيد الجهود".&

وتساءل: "وإذا تخلى الزملاء البريطانيون كليا عن التعاون مع هيئة الأمن الفيدرالية، فكيف يمكن الحديث عن عمل فعال في مجال مكافحة الإرهاب؟ هذا غير ممكن!"

وقال الرئيس الروسي إن العقوبات في هذا المجال سمحت بتلقي "ضربات قوية"، معربا عن أمله في استئناف التعاون الأمني بين روسيا والغرب.

طائرة الرئيس البولندي

وردا على سؤال حول تحطم طائرة الرئيس البولندي الأسبق ليخ كاتشينسكي في روسيا في عام 2010، دعا الرئيس الروسي إلى الحد من استغلال هذا الموضوع لإثارة التوتر في العلاقات بين روسيا وبولندا.

وأكد بوتين أن روسيا فعلت كل ما بوسعها من أجل التحقيق في أسباب هذا الحادث المأسوي، مشيرا إلى أنه استمع شخصيا إلى تسجيلات محادثات قائدي الطائرة اللذين تعرضا للضغط من شخص مقرب من الرئيس البولندي.

وأشار الرئيس الروسي إلى أن موسكو لم تسلم حتى الآن حطام الطائرة البولندية إلى الجانب البولندي لأن التحقيق بهذا الشأن في روسيا لا يزال مستمرا.

&اغتيال السفير الروسي

قال بوتين انه يتابع كافة القضايا الواسعة، بما في ذلك التحقيق في اغتيال السفير الروسي لدى تركيا. وبخصوص مأساة اغتيال السفير الروسي،& "سنواصل العمل على معرفة كافة ملابسات الجريمة، والكشف عن كافة المجرمين". مأساة اغتيال السفير الروسي في أنقرة هجوم على روسيا والعلاقات الروسية التركية.

قضايا اخرى

- في قضية استقلال الشعب الكردي، قال إنها تتوقف على الأكراد والعراقيين، ويجب على الأكراد العمل ضمن القانون الدولي. 13:39&

- عن الإرهاب والإسلام، أصرّ بوتين على عدم ذكر كلمتي الإسلام والإرهاب في جملة واحدة.&

- حول أسعار النفط روسيا تعول على استقرار أسعار النفط في النصف الثاني من العام 2017 عند المستوى الحالي. روسيا ستقلص حجم إنتاج النفط وفق الاتفاقيات مع "أوبك" وتعول على أن ذلك سيؤثر بشكل إيجابي في أسعار النفط.&

- عن العلاقات الروسية الصينية، قال بوتين إن هناك تعاونا بين بلدينا وشراكة استراتيجية، نطور علاقاتنا في جميع المجالات الإقتصادية والسياسية، ونتعامل بالعملة الصينية (اليوان). لدينا رؤية موحدة في القضايا العالمية.&

&

&