باريس: اتاح تركيز القوات الحكومية السورية على معركة استعادة كامل حلب لتنظيم الدولة الاسلامية تسجيل تقدم في مناطق اخرى بما في ذلك في مدينة تدمر الاثرية وقلص فرص انزال الهزيمة قريبا بداعش، وفق خبراء.

وقال تشارلز لستر من "معهد الشرق الاوسط" الاميركي للأبحاث ان "الوسائل التي زجّت بها (دمشق وحلفاؤها) من اجل استعادة حلب اتاحت لتنظيم الدولة الاسلامية تسجيل سلسلة من الانتصارات الانتهازية" اذ استعاد مدينة تدمر الاثرية في 11 ديسمبر بعد ان خسرها في مارس.

وكتب جوناثان موتنر من "معهد دراسات الحرب" في واشنطن ان روسيا والقوات السورية "وضعت كل ثقلها في حلب لإخراج المعارضة والفصائل المقاتلة منها وقدمت ذلك على الدفاع عن تدمر امام تنظيم الدولة الاسلامية ما زاد من خطر الجماعات السلفية الجهادية في شمال وشرق سوريا".

واضاف ان استعادة الجهاديين لتدمر سلطت الضوء على "عجز القوات الموالية للنظام عن إرساء الامن عبر البلاد من دون الدعم المستمر لروسيا وايران، على الرغم من الانتصار الاخير في مدينة حلب".

- الجهاديون هم المنتصرون -&وقال جان بيار فيليو الاستاذ في كلية باريس للشؤون الدولية ان تنظيم الدولة الاسلامية "يبدو المنتصر الاكبر" بعد استعادة حلب.

واضاف "لم يستعد التنظيم السيطرة فقط على تدمر بل استفاد في حربه الدعائية من اللامبالاة الدولية ازاء حلب والتي شجعت اتباع التنظيم على شن اعتداءات" في الاردن والمانيا على سبيل المثال.

واوقع هجوم على مركز أمني ودوريات للشرطة الاحد في محافظة الكرك جنوب الاردن عشرة قتلى بينهم سبعة من رجال الامن وتبناه تنظيم الدولة الاسلامية. والسبت قتل 12 شخصا في اعتداء بشاحنة على سوق للميلاد في برلين وقتل المشتبه بتنفيذه التونسي انيس العامري الجمعة في ميلانو فيما اظهر شريط مبايعته للتنظيم.

ولا يزال تنظيم الدولة الاسلامية يسيطر على نصف الاراضي التي احتلها في 2014 في سوريا والعراق رغم انه مني في 2016 بخسائر كبيرة على ايدي قوات التحالف الدولي.

وفي شمال سوريا، فقد تنظيم الدولة الاسلامية كوباني ومنبج ودابق ذات الاهمية الرمزية بالنسبة له.

وتتعرض مدينة الباب، معقل تنظيم الدولة الاسلامية شمال حلب، منذ اربعة اشهر لهجوم تشنه القوات التركية وقوات سورية معارضة تتلقى الدعم منها، لاخراجه منها.

لكن الجهاديين لا يزالون يسيطرون على الرقة، عاصمة "خلافتهم" وكذلك على ضفاف نهر الفرات حتى الحدود مع العراق.

وقال دبلوماسي اوروبي انه "بعد معركة حلب باتت سوريا مقسمة بحكم الامر الواقع، الى مناطق غربية يتحرك فيها الروس، ومناطق شرقية يتحرك فيها الاميركيون".

ويتوقع ان تواصل موسكو دعم نظام الرئيس بشار الاسد لاستعادة مزيد من الاراضي من الفصائل المقاتلة فيما تواصل واشنطن محاربة الجهاديين.

وقال الدبلوماسي ان "الروس يريدون استعادة الاراضي السورية المهمة وترك مستنقع الجهاديين للغرب".

وفي 14 ديسمبر، قال اللفتنانت جنرال الاميركي ستيفن تاونسند الذي يقود الحملة الجوية للتحالف الدولي ضد الجهاديين انه اذا لم يعمل الروس على استعادة تدمر، "ستقوم قوات التحالف بما ينبغي فعله".

- الرقة لا تزال تشكل تحديا -&ولكن التحدي الرئيس يظل استعادة الرقة التي ينطلق منها منفذو الاعتداءات في اوروبا والدول العربية.

وبدأت قوات سوريا الديمقراطية وهي تحالف كردي عربي تدعمه القوات الاميركية هجوما لاستعادة الرقة في مطلع نوفمبر.

ولكن تولي الاكراد دورا قياديا في المعركة اثار حفيظة تركيا التي تعتبر وحدات حماية الشعب الكردي السورية التي تقاتل الجهاديين "مجموعة ارهابية". وتشن تركيا حربها الخاصة داخل سوريا في الشمال، مستهدفة تنظيم الدولة الاسلامية والمقاتلين الاكراد.

وتخشى تركيا من ان تمكن معركة الرقة قوات سوريا الديمقراطية من ارساء قاعدة لها في المدينة.

في الاثناء، قال فوليو ان "تركيا قد تعزز عمليتها في سوريا مع ابداء موسكو عدم اهتمام بشأن مصير الرقة وانشغال الولايات المتحدة تماما في معركة الموصل" في العراق.
&