تعيش بغداد هذه الايام اجواء احتفالات عيديّ الميلاد ورأس السنة، فيما بدا لافتًا مشاهدة اشجار عيد الميلاد وثياب سانتا كلوز على ابواب وواجهات العديد من المحال التجارية.

إيلاف من بغداد: على الرغم من الظروف المعيشية والامنية السيئة التي يعاني منها المواطن العراقي، الا انه يصر على الاحتفال بعيدي الميلاد ورأس السنة من خلال شراء مستلزمات الاحتفال التي تتمثل بشجرة عيد الميلاد وملابس سانتا كلوز. لا فرق هنا بين مسيحي ومسلم، وربما يأتي هذا كنوع من الاصرار على التضامن مع المسيحيين للابتهاج باعيادهم التي يحاول الارهاب التأثير عليها، ويمكن القول انه منذ نحو شهر بدأت الزينة تظهر على الواجهات في مختلف اسواق بغداد ومكتبات بيع القرطاسية للتعبير عن البهجة والامل في سنة جديدة مفعمة بالسلام&والفرح.

&ففي منطقة الكرادة، التي ما زالت ترتدي ثياب الحزن والحداد على ضحاياها الذين قضوا في الانفجار المروع قبل اشهر، كان المشهد في بعض المحال التجارية يدعو للتفاؤل والامل، فهناك تشاهد الالوان الحمراء والخضراء تغطي مساحات من المحال التجارية، الحمراء متمثلة بملابس سانتا كلوز والورود ومكملات اشجار عيد الميلاد الخضراء بمختلف احجامها، ومن السهل ان ترى مواطنين يشترون تلك الاشياء وحين تسأل صاحب المحل عنهم يقول: من يشتريها هم من المسيحيين والمسلمين، واكد سليم برهان، صاحب المحل، "ان جريمة الكرادة اطفأت الكثير من الامال لديهم في الاحتفال بأعياد الميلاد ورأس السنة، ولكننا نحاول ان نستعيد بعض الالق التي كانت عليه الكرادة وقد شجعني اصدقاء الى جلب مستلزمات الاعياد، والحمد لله وجدت الناس من مسيحيين ومسلمين يستعدون للاحتفال بشراء هذه الحاجات التي لابد منها للاحتفال" .

وختم حديثه بالقول: "لنحمل غصن زيتون ونحن على أعتاب عام جديد، ولنهتف معًا للأخاء وللسلام وللمحبة، ولنرقص ونغنِ للعراق الواحد ونقول كلنا العراق".

شجرة الامنيات

حين توقفت امام رجل اشترى شجرة عيد ميلاد متوسطة الحجم ووضعها في سيارته. طلبت منه ان يتحدث لي، رفض واعتذر. لكنه قال بعد اصراري قال: الكرادة لم تغسل وجهها من الدمار الكبير الذي حل بها، وها نحن نراها كئيبة وتعيش اجراءات امنية معقدة. &

كما توقفت عند امرأة محجبة واشترت شجرة صغيرة وثياب سانتا كلوز لطفلتها، قالت: هذه السنة الوحيدة التي اشتري فيها هذه الاشياء للاحتفال مع الاخوة المسيحيين لانني تألمت جدًا للتهجير الذي تعرض له المسيحيون في نينوى ومصادرة منازلهم التي كتب عليها تنظيم داعش حرف (ن) باعتبارهم نصارى .

واضافت: "اردت ان احتفل بميلاد السيد المسيح فهو ليس للمسيحيين فقط، بل لكل العالم، فالشجرة اعلق عليها امنياتي والثياب لطفلتي، اما احتفالي برأس السنة الميلادية فهو لانني اتمنى ان يجعل الله سنة 2017 سنة خير وسلام على العراق وأن تتحرر الموصل من الارهابيين لكي يعود اليها اهلها".

ميلاد مجيد

في بعض المقاهي، الكثيرون يتحدثون عن اعياد الميلاد ويهنئون المسيحيين بالمناسبة الدينية ويتعاطفون معهم، لاسيما الذين تعرضوا للتهجير في محافظة نينوى ويستذكرون ما تعرضت له كنيسة النجاة ويتمنون لانفسهم وللعراق الخير والسلام، ومن ضمن الاحاديث التي كانت، قول احمد عبد السلام: اتمنى للاخوة المسيحيين عيد ميلاد مجيد مثلما اتمنى لكل العراقيين ان يعيشوا بسلام، فقد مللنا الحروب والاسلحة والكراهية والفساد وانصاف الانسانيين واللاانسانيين.

من جانبه، قال زميله كريم: "اهنئ كل الناس والاصدقاء والاحبة من المسيحيين والمسلمين وباقي الاديان والمعتقدات بمناسبة ميلاد يسوع العظيم ورأس السنة، واقول لهم جميعا: ميلاد مجيد، اتمنى ان يحمل بشائر الخير والامان لكل شعوب الارض خاصة التي تعاني من آلام الحروب".

إلى ذلك، قال رعد مجيد: "العراق بلد الاديان والمعتقدات ولا يحلو الا بهم جميعًا، ولا يمكن للعراق ان يعيش من دون كل هؤلاء، واعتقد ان العراقيين جميعًا يحتفلون مع اي احتفال لطائفة معينة وانا عشت الكثير من هذه الاحتفالات".

واضاف: "في هذه الايام تحتفل الضمائر الحية فى كل العالم بميلاد الحبيب يسوع المسيح، وفى مثل هذه الايام، مثلما يفعل اخوتنا المسيحيون، علينا ان نصلي ونطلب ان يعم السلام وتزهو المحبة خاصة في الموصل الحبيبة ولتشرق شمس الحرية والامان في عراقنا &الغالي".

أطول شجرة&

عبر مواطن عراقي اسمه &ياسر سعد، وهو رجل أعمال عراقي مسلم، عن تضامنه مع أبناء بلده من الديانة المسيحية، فأنفق 24 الف دولار لنصب أطول شجرة عيد ميلاد في العراق، نصبت في متنزه الزوراء وسط بغداد.

ويبلغ طول الشجرة 85 قدمًا، فيما تجاوز قطرها 10 أمتار، وقد تحولت إلى موقع يقصده البغداديون لمشاهدة أنوارها والتقاط الصور أمامها.

وتهدف هذه المبادرة إلى مشاركة المسيحيين احتفالهم بعيدهم ولمساعدة العراقيين على نسيان معاناتهم، وخصوصًا ما يتعلق بمعركة الموصل، حيث تقاتل حاليًا القوات العراقية جماعات داعش.
&