هو حالة فرضت نفسها بقوة داخل الشارع الأميركي وعلى مستوى العالم برمته، خرج بصورة فظة ليقارب بعض الأزمات العاصفة من زاوية متشددة تلامس حدود التطرف والإيغال عميقًا في تحفيز الغرائز وتحريك الشعبويات المريضة في غير مكان. وبناء عليه، تحوّل دونالد ترامب إلى واحد من أخطر الأشخاص في العالم بحسب مجلة دير شبيغل الألمانية، التي أعدت تحقيقًا يحلل شخصيته وتصريحاته المثيرة للجدل.

إعداد ميسون أبو الحب: خصصت مجلة دير شبيغل الالمانية في عددها الاخير تقريرًا مطولاً تحدثت فيه عن السياسي الاميركي المثير للجدل دونالد ترامب ووصفته بأنه اخطر رجل في العالم، واختارت هذه الجملة عنوانًا لتقريرها.&
&
وعلى غلاف المجلة وضعت صورة ترامب، وخلفه علم اميركي يحترق ونقرأ الى جانبها عبارة "دونالد ترامب، الخطيب الذي يثير عواطف الدهماء"، ونقرأ في مكان آخر داخل التقرير "جنون: الرجل الذي يحرض على الكراهية في اميركا".
&
وقالت دير شبيغل إن هذا الرجل يقود حركة جديدة "طابعها شمولي وتعتمد على الكراهية" ووجدت بأنه لا شيء يمكن أن يضعف الغرب والسلام في العالم اكثر من انتخابه رئيسًا للولايات المتحدة ثم كتبت تقول إن اميركا جورج بوش ستبدو منطقية وعقلانية مقارنة بأميركا دونالد ترامب. &&
&
قاسية لا ترحم!
&
وتقول المجلة إن ترامب يخفي خلف شعاره "كي تستعيد اميركا عظمتها مجددًا" رؤية تستهين بكل المعاهدات والمواثيق الدولية وبالاقليات الاثنية وبمعايير المنطق ومبادئه الاساسية.&
&
ورأت المجلة أن هذا الملياردير الذي يبلغ التاسعة والستين من العمر يجسد شكلاً جديدًا من اشكال القسوة والوحشية، بمعنى آخر أنه يمثل حركة شعبية محافظة وبيضاء تريد أن تقود الولايات المتحدة في اتجاه معاكس تمامًا بعد ثماني سنوات من حكم اوباما.&
&
وترى المجلة ايضًا أن ترامب عندما يصف بلده بأنه قد اصبح ضعيفاً وواهنًا، وأنه قد تدهور، فهو يعني بذلك أن اميركا في حاجة الى رجل حقيقي يقودها (أي انها تحتاجه هو).&
&
ولكي يرسخ هذه الصورة التي تعبر عن سطوة وتسلط في الأذهان، يستخدم ترامب كل انواع واشكال الاتصال بالآخرين وطرقه. فهو لم يغفل انتقاد أي من منافسيه الجمهوريين اولا، فوصف جيب بوش بالقول إنه "واهن ويفتقد الى الحيوية"، وقال عن ماركو روبيو "إنه يتعرق كثيرًا"، ورأى ذلك عائقًا للتعامل مع زعماء اقوياء مثل فلاديمير بوتين، حسب قوله.&
&
أما مع منافسته الرئيسية هيلاري كلنتون، من الحزب الديمقراطي، فاستخدم صيغة تفتقد الى الحياء عندما قال "هيلاري لا تشعر زوجها بالاكتفاء، فكيف لها ان ترضي اميركا؟". وهذه كلمات قالت دير شبيغل إنها جريئة بطريقة سوقية، ولكنها جعلت الملايين يعتقدون انه قوي الشخصية فأصبحوا يؤيدونه.&
&
صفات فاشية
&
ورأت دير شبيغل ان اكثر ما يثير القلق في الواقع وبشكل غير محدود هي استراتيجية ترامب التي تعتبر امتدادًا لاستراتيجيات حركات فاشية تتغذى على إثارة التوتر بين الطبقات والاديان والاعراق والاصول الاثنية. فهو لا يترد في اطلاق تصريحات عنصرية تكشف عن عدم امتلاكه اي رؤية دولية كما يركز في حملته وبنرجسية عالية على شخصيته هو وحده وكأنها الشيء الوحيد الذي يمكنه عرضه على الاخرين.&
&
وقالت دير شبيغل إن ترامب لا يخاف من التسخيف ويسخر من الاعلام وعزت ذلك إلى عدم امتلاكه ذهنية نقدية. وفي الوقت نفسه يعتبر ترامب أن كل ما في شخصيته جيد ويجب ان يعرف ذلك الآخرون وأن يستفيدوا منه.&
&
ونقرأ في تقرير دير شبيغل "إنها حقا لمعجزة انه لم يكن الشخص الذي اخترع السيلفي" وهي جملة قالها مايكل دانتونيو، وهو مؤرخ ومن كتاب سير الحياة اجرت معه دير شبيغل حوارًا مطولاً. &
&
واضاف دانتونيو أنه زار احد قصور ترامب المهمة فصدم لأنه دخل مكاناً لا حياة ولا روح فيه حيث لا يوجد أي كتاب.
&
وقال المؤرخ إن الطموح والنرجسية هي الدوافع الوحيدة التي تحرك ترامب واضاف "إنه لا ينظر الى أي شيء بجدية او بعمق". وقال ايضا "لا اعتقد انه قرأ أي شيء على مدى حياته حتى عندما كان طالبًا".&
&
لم يهمل تقرير دير شبيغل أي جانب من جوانب شخصية ترامب واعماله وتصريحاته وهو الذي يملك ثروة شخصية هائلة غير ان ذلك لم يمنعه من وصف كلنتون وزوجها بالقول إنهم "وصوليون ومهووسون بالمال وانتهازيون ومجرمون".&
&
لماذا؟&
&
والان ما الذي يجذب مؤيدي ترامب له؟ ولماذا يؤيده الكثيرون؟ نقلت دير شبيغل عن خبراء قولهم إن عددًا لا بأس به من الاميركيين يعانون من عدم القدرة على تحسين مدخولهم حتى اصبحوا يعتقدون أن الحلم الاميركي ما عاد حقيقيًا وانه خارج متناول اياديهم. يضاف الى ذلك انعدام ثقتهم بالنخب السياسية والاقتصادية وشعورهم بغضب يتفاعل داخلهم مما يعتقدون أنه مؤامرة تحاك ضد رجل الشارع البسيط. ولاحظت دير شبيغل ان هذا الشعور منتشر ايضًا بين الديمقراطيين، وهو ما يفسر تساوي نتيجة ساندرز الاشتراكي مع نتيجة كلنتون تقريبًا. &
&
ورأت دير شبيغل ان ترامب يعرض نفسه مثل رئيس عصابة يقود حركة شمولية قد تغيّر الولايات المتحدة الى الابد، ولاحظت ان بروزه وصعوده المحتمل أمر مخيف لا سيما بالنسبة للالمان الذين سبق ان عاشوا تحت ظل نظام شمولي ثم نبهت الى أن كل ما يعرف ترامب عن اوروبا يقتصر على جملة قالها حديثًا في فلوريدا، وهي "يجب تخليص اوروبا من سموم المهاجرين"، وشبه هؤلاء بأفعى سامة.&
&
وتابعت المجلة، اذا ما اخذناه بكلماته فستصبح الولايات المتحدة محاطة بجدار هائل، ولن تتعامل تجاريًا إلا مع قلة محدودة، وسيضطر 11 مليون مهاجر الى مغادرة الولايات المتحدة في حملات مداهمة وترحيل مرعبة وستنتهي الايام التي كانت فيها الولايات المتحدة بلد مهاجرين.&
&
وقالت المجلة ايضًا، إن كانت هناك فكرة اساسية وراء حملة ترامب فهي قدرته وقابليته على القيادة. ترامب وعد مؤيديه بالقول "سنحقق الكثير من المكاسب، وإذا جرى انتخابي فستضجرون من كثرتها". وقالت دير شبيغل: يبدو انه يريد ان يحكم بالطريقة نفسها التي اصبح بها مليارديرًا.
&

&