اتهمت وزارة الدفاع الروسية، تركيا، بانتهاك اتفاقية "السماء المفتوحة" بشكل منهجي، واصفة هذا الموقف بأنه سابقة خطيرة. وقالت إنها منعت مراقبين روسيين من التحليق في سمائها وفقًا لبنود الاتفاقية الدولية، من دون أن تقدم أي مبررات معقولة لهذا المنع.


نصر المجالي: قال نائب وزير الدفاع الروسي أناتولي أنطونوف، في تصريحات اليوم الجمعة، إن هذه الحادثة لم تكن أول انتهاك أقدمت عليه أنقرة لتلك الاتفاقية الدولية المعنية بضمان شفافية النشاط العسكري.
&
وكان بيان نُشر على الموقع الرسمي لرئاسة الأركان التركية، يوم الاثنين الماضي، قال إنّ طلعات المراقبة ستتم بوساطة طائرة من نوع (AN-30)، ومن المقرر أن يتواجد عدد من المسؤولين الأتراك في الطائرة، إلى جانب الخبراء الروس، الذين سيشرفون على عمليات المراقبة، طوال الفترة المحددة.
&
حظر مراقبة سابقة&
أضاف أنطونوف، أنه بدءًا من شباط (فبراير) من العام 2013 حظر الأتراك عمليات المراقبة في السماء فوق مواقع صواريخ "باتريوت" في جنوب تركيا.
&
وفي العام 2014، إدّعى المسؤولون الأتراك باستحالة ضمان أمن التحليقات في مناطق معينة من المجال الجوي التركي، بذريعة طلعات مكثفة للطيران الحربي المشارك في عمليات مكافحة "الإرهاب". وفي تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، طلبت أنقرة من موسكو "ضرورة تأجيل" بعثة المراقبة الروسية، بحجة إجراء عملية لضمان الأمن.
&
وأوضح أنطونوف أن الجانب الروسي، واستجابة للطلب التركي آنذاك، أجّل تحليق المراقبة، لكن الجانب التركي في كانون الأول (ديسمبر) الماضي منع الطائرة التي أقلّت المراقبين الروس من الدخول في جزء من المجال الجوي التركي المحاذي للحدود السورية ومحيط مطار ديار بكر، الذي ترابط فيه طائرات حربية تابعة لحلف الناتو.
&
لا التزام
كما ذكر أنطونوف أن المسؤولين العسكريين الأتراك لم يؤكدوا التزامهم بمذكرة التفاهم الموقعة بين موسكو وواشنطن بشأن ضمان أمن التحليقات في سماء سوريا.
&
وأوضح أن هذا الموقف التركي برز حتى قبل حادثة إسقاط قاذفة "سو-24" الروسية من قبل سلاح الجو التركي يوم 24 تشرين الثاني (نوفمبر) 2015.&وأعاد نائب وزير الخارجية الروسي إلى الأذهان أن الجانب الأميركي في إطار المذكرة، لم يلتزم &بإبلاغ أعضاء التحالف، الذي تقوده واشنطن فحسب، بل وضمن بأن جميعهم سيفون بشكل صارم بكل بنود هذه المذكرة.
&
إضافة إلى ذلك، أقدم الجانب التركي بشكل أحادي على إغلاق "الخط الساخن" الذي تم استحداثه في وقت سابق بين الطرفين لتفادي حوادث جوية غير مرغوب فيها، ولم يستجب العسكريون الأتراك لطلبات عاجلة من الجانب الروسي، حسب ما أوضحه أنطونوف.
&
وقال أنطونيوف: "وفي نهاية المطاف حدثت يوم 24 تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي العملية الغادرة لإسقاط القاذفة الروسية، ما أدى إلى قتل عسكريين روسيين".
&
أعاد المسؤول العسكري الروسي إلى الأذهان أنه بعد إسقاط القاذفة، نشر الجيش الروسي في سوريا مجموعة من وسائل الدفاع الجوي تضمن "الإنذار المسبق بشأن أي مخاطر تهدد الطائرات الروسية، وتسمح، في حال اقتضت الضرورة، باتخاذ إجراءات مناسبة بضمان أمن الطلعات".
&
معاهدة السماء المفتوحة&
يشار إلى أن الطلعات الروسية، التي رفضتها تركيا، كانت تأتي تطبيقًا لمعاهدة "السماء المفتوحة" الدولية. واستنادًا إلى المعاهدة، فإنّ المعدل الوسطي للطلعات التي تجريها تركيا في الأجواء الروسية، يصل إلى 4 طلعات مراقبة سنويًا، فيما تجري روسيا طلعتين سنويًا في الأجواء التركية.
&
وكانت معاهدة (السماء المفتوحة) أُبرمت العام 1994، بين 34 دولة، منها تركيا وروسيا، وكانت دخلت حيز التنفيذ في أول كانون الثاني (يناير) 2002، وهي تهدف إلى تعزيز الانفتاح والشفافية في الأنشطة العسكرية للدول الأطراف في المعاهدة، فضلاً عن تعزيز الأمن والاستقرار.
&
كما تهدف إلى تعزيز التفاهم المتبادل والثقة عن طريق إعطاء جميع المشتركين بها، بغضّ النظر عن حجم الدولة المشاركة، دورًا مباشرًا في جمع المعلومات عن القوات العسكرية والأنشطة التي تهمّها.
&
رفض أميركي&
إلى ذلك، كشف أنطونوف أن وزارة الدفاع الروسية عرضت على شركائها الغربيين إنشاء مركز استشاري في العاصمة الأردنية عمّان من أجل التنسيق بشأن سوريا، لكن واشنطن رفضت العرض.
&
أضاف أن وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو بادر إلى إجراء مكالمة هاتفية مع نظيره الأميركي آشتون كارتر في هذا الشأن يوم 19 كانون الثاني (يناير) الماضي، لكن الجانب الأميركي ألمح بوضوح إلى أنه لا يرى أي فائدة في ذلك.
&
وأوضح المسؤول أن وزارة الدفاع الروسية عندما وافقت على توقيع المذكرة الخاصة بأمن التحليقات في سوريا مع العسكريين الأميركيين، كانت تعتبر تلك المذكرة انطلاقة لتنسيق دولي في محاربة "الإرهاب"، إذ عرض الجانب الروسي على شركائه حزمة من إجراءات التعاون، بما في ذلك تبادل المعلومات حول الأهداف "الإرهابية" في سوريا، وفتح قنوات اتصال، وبذل جهود مشتركة لإنقاذ الطيارين في حال وقوع كوارث جوية.
&
وخلص أنطونيوف إلى القول: "لكنّ الأميركيين رفضوا جميع هذه المقترحات الروسية، مبررين موقفهم هذا بأن أهداف روسيا والولايات المتحدة في سوريا مختلفة تمامًا".
&