قام المصور الفوتوغرافي البريطاني "Dario Mitidieri" بعمل جلسة تصوير "فوتوسيشن" لعائلات سورية فقدت كل منها فرد من أفرادها من منظور جديد، بحيث يدمج فيه ما بين استخدام التقنيات البصرية والبعد الإنساني.
&
وجال المصور على ثلاث مخيمات في البقاع اللبناني وطلب من العائلات السورية الوقوف للحصول على جلسة تصويرية، وكان المميز في تلك الصور التي التقطها هو حرصه على إظهار مكان فارغ في الصورة يعود لأحد أفراد العائلة المفقودين.
&
وعمد المصور كذلك إلى استبعاد بيئة المخيم من خلال التقاط صوره على خلفية كرومية، ليعود فيما بعد ويضيف إليها مناظر من سوريا أو المناطق التي أبعد عنها هؤلاء اللاجئين.
&
ورأى المصور من خلال تجربته هذه أنه يعيد رسم صورة المعاناة الإنسانية للسوريين بطريقة جديدة تذكر العالم أن كل من هؤلاء الضحايا الذين يمرون على نشرات الأخبار كأرقام، هم بشر مثلنا لديهم عائلة وأحباب وأطفال. ويحرص في صوره على إظهار النقص والفراغ الذي شكله غياب فرد من الصورة، من العائلة، من حياة العائلة، من عواطفهم.
&
وكان الجزء الأهم في صور "داريو ميتيديري" هو الجزء المفقود، الجزء الغير ظاهر للعيان، الفراغ في صورة ميتيديري له معنى، وله قصة، له حكاية من الألم تمتد لتلامس كل واحد من الأشخاص الظاهرين في الصورة.
&
والأشخاص الظاهرين في الصورة يقفون إلى جانب الفراغ، يضعون أياديهم قربه، ويحاولون لمسه، أو يحاولون استذكار وجود عزيزهم المفقود من خلال هذا الفراغ.
&
ولاقت صور ميتيديري اهتماماً ملحوظاً من قبل المهتمين بفن التصوير الفوتوغرافي ونشرت صحيفة الجارديان البريطانية تحقيقاً كاملاً عن الصور التي يقوم بعملها. حيث حصل على إعجاب الكثير من النقاد الذين رأوا فيها فكرة فنية جديدة ذات بعد إنساني عميق.
&
ويقول "داريو"، بحسب صحيفة "الجارديان": كان من الصعب العثور على المتطوعين حيث كانوا خائفين جداً سواء على أنفسهم أوعلى أقاربهم المفقودين وفى بعض الحالات كان هناك احتمال كبير جداً أن الشخص المفقود ميتاً، ولكن فى النهاية تفهمت بعض العائلات لالتقاط الصور بعد التأكيد على أن لا أحد يريد نشر أسمائهم الكاملة أو أسماء المفقودين لاستخدامها فقمت بتصوير 10 عائلات.
&
وتابع داريو: "لقد استخدمت فى جلسة التصوير نوع من الإعدادات التى استخدمت تاريخياً فى جميع أنحاء العالم أمام الكاميرا، والتى يفهمها المصورون المحترفون جيداً، خاصة فى الحروب، فمثلاً كان على أن أخذ الكراسى معى من بيروت لعدم توافرها فى مخيمات اللاجئيين، ولإظهار السياق الكامل اتخذت من خلفية الجبال من وراءهم، للإشارة لتركهم وطنهم سوريا، وإظهار الخيام لتحديد المكان الذى يعيشون فيه الآن".
&
وأكمل المصور "عادة عند التقاط الصور يظهر الشخص بها سعيداً، خاصة التى يكون مجتمع فيها مع الأسرة، فهى برأيى تكون مناسبة سعيدة، ولكن هذه المرة كانت الصور تغلب عليها طابع الحزن، وعند طلب الابتسامة منهم ردوا قائلين كيف يمكننا أن نكون سعداء والذين نحبهم فى عداد المفقودين".