أصدر العاهل المغربي الملك محمد السادس السبت تعليمات لحكومة عبد الاله ابن كيران تنص على ضرورة مراجعة مناهج وبرامج تدريس التربية الدينية، في مختلف مستويات التعليم المغربي، بغرض تكريس التسامح والاعتدال، وذلك عقب دعوات حذرت من "الثقافة الدينية التكفيرية"، حسب ما ذكره بيان تلاه عبد الحق المريني الناطق الرسمي باسم القصر الملكي.&
&
وجاءت التعليمات الجديدة، عقب اجتماع للمجلس الوزاري الذي &ترأسه الملك محمد السادس في مدينة العيون كبرى محافظات الصحراء المغربية، حيث قدمت أمامه "الرؤية الاستراتيجية لإصلاح منظومة التربية والتكوين والبحث العلمي 2015-2030".
&
واصدر الملك تعليماته لكل من وزيري التربية الوطنية والأوقاف والشؤون الإسلامية، "بضرورة مراجعة مناهج وبرامج مقررات تدريس التربية الدينية، سواء في المدرسة العمومية أو التعليم الخاص، أو في مؤسسات التعليم العتيق".
&
وأوضح البيان أن المراجعة ستتم "في اتجاه إعطاء أهمية أكبر للتربية على القيم الإسلامية السمحة، وفي صلبها المذهب السني المالكي الداعي إلى الوسطية والاعتدال، وإلى التسامح والتعايش مع مختلف الثقافات والحضارات الانسانية".
&
وشدد العاهل المغربي على أن ترتكز هذه البرامج والمناهج التعليمية على القيم الأصيلة للشعب المغربي، وعلى عاداته وتقاليده العريقة، القائمة على التشبث بمقومات الهوية الوطنية الموحدة، الغنية بتعدد مكوناتها، وعلى التفاعل الإيجابي والانفتاح على مجتمع المعرفة وعلى مستجدات العصر.
&
وكان رشيد بلمختار وزير التربية الوطنية والتكوين المهني المغربي ،قد قدم عرضا في بداية اجتماع المجلس الوزاري حول التوجهات الاستراتيجية لسياسة الدولة، في ما يتعلق بالرؤية الاستراتيجية لإصلاح منظومة التربية والتكوين والبحث العلمي 2015-2030.
&
وركز الوزير بلمختار في عرضه على أن هذه الرؤية، تهدف إلى انبثاق مدرسة للإنصاف وتكافؤ الفرص، مدرسة عالية الجودة ومدرسة للانفتاح والارتقاء الاجتماعي. كما أكد أنه تنفيذا للتعليمات الملكية، سيتم إعطاء الأسبقية لجودة التعليم العمومي، وللانفتاح على اللغات الأجنبية، خاصة في تدريس المواد والتخصصات العلمية والتقنية وكذا للنهوض بالتكوين المهني لا سيما من خلال اعتماد التوجيه المبكر للتلاميذ والطلبة الذين لهم مؤهلات وميول في هذا المجال.&
&
وانطلاقا من الأهداف الاستراتيجية للإصلاح، قال الوزير ان الوزارة قامت الوزارة مجموعة من المشاريع، وبلورتها في عدد من التدابير المستعجلة والمهيكلة، تتوخى ضمان جودة التعليم وتعميمه بما يضمن ولوج الجميع للمدرسة، وتوفير مقومات الارتقاء الفردي والاجتماعي، إضافة إلى تحسين حكامة المؤسسات التعليمية.&
&
وجاءت تعليمات العاهل المغربي بعد عدد من الدعوات القديمة والجديدة التي حذرت من أن طريقة تدريس التربية الدينية في المدارس المغربية قد تؤدي إلى "نزوعات متطرفة" و"تشجع على الارهاب"، في بلد لديه أكثر من 1500 مقاتل في صفوف تنظيم داعش ، وفكك أكثر من 150 خلية منذ سنة 2002.
&
وكانت آخر هذه الدعوات رسالة صادرة عن جمعية "بيت الحكمة" التي تضم عددا من المثقفين والنشطاء، دعت فيها إلى ضرورة إنشاء "المعهد الوطني لتاريخ الديانات"، وتشجيع البحث الأكاديمي والعلمي المرتبط بالأديان المقارنة.
&
كما دعت الجمعية إلى "تنقيح مقررات التربية الإسلامية من كل المواد والمضامين التي من شأنها تغذية التأويلات والقراءات الخاطئة للدين الإسلامي أو للديانات الأخرى وإعادة الاعتبار لدرس الفلسفة والعلوم الانسانية وايلائه العناية اللازمة بالانتصار لقيم التنوير، والعقلانية".
&
وعبرت الجمعية عن تخوفها من اتساع المساحات التي أصبح يحتلها "الفكر الإرهابي، والثقافة الدينية التكفيرية أمام الفشل الذي تعلنه المنظومات التربوية والتعليمية، ومؤسسات التنشئة الاجتماعية، والثقافية، والاعلامية".