يرى خبير اقتصادي أن الازمة الحقيقية في الاقتصاد العالمي لم تأتِ بعد، وقال توماس ديجيسن متحدثًا امام اكثر من 200 مستثمر وخبير اقتصادي في لندن الشهر الماضي، "الانهيار قادم ولكن لنأمل ان يحدث بعد سنتين من الآن".&
&
وما يثير الكلام ومخاوف عن ازمة خطيرة في العالم هو انخفاض اسعار السلع الاساسية بمستوى الثلثين منذ ارتفاع الذروة المسجل في 2014. واسوأ الاسعار سجلها النفط، حيث انخفض سعر خام برنت من 115 دولارًا للبرميل الواحد في صيف 2014 الى 27.70 دولارًا في منتصف كانون الثاني (يناير).&
&
هذا ويرى خبراء أن الاقتصاد العالمي سبق وان واجه ازمات مشابهة في الماضي، ولكنهم يقولون ايضا إن عوامل عديدة اهمها النفط تجتمع لتخلق الازمة الحالية في عالم خرج لتوه من حالة كساد. والى جانب النفط هناك ايضًا أداء الصين والعالم الناشئ والاسواق المالية.&
&
ولكن ذيجيسن يقول إن الازمة الحالية تختلف بعض الشيء عن سابقاتها، "نحن الان في وضع غير مألوف تمامًا، حيث تسود في الاسواق مشاعر ذات طبيعة لم نعرفها سابقاً"، واضاف انه عكسا للفترات السابقة نرى ان اسعار السلع الاساسية والاسهم وشروط الائتمان اصبحت كلها تواجه اوضاعًا خطرة بعض الشيء، حسب قوله.&
&
وكان من المفترض ان يكون لانخفاض اسعار النفط الذي فقد 75 بالمائة من قيمته، اثر ايجابي بالنسبة للعالم المستهلك غير أن ما يحدث هو ان هذا الانخفاض يعرض للخطر ماليات كل الدول المصدرة من نيجيريا الى اذربيجان ويهدد بإعلان شركات النفط الصخري في الولايات المتحدة افلاسها. &
&
والمشكلة هنا، حسب قول خبراء، هو ان هناك دائرة مفرغة تبدأ بانخفاض اسعار النفط الذي يخلق مشاكل تمس كل جزئيات الاقتصاد وقد يجر العالم الى ازمة واسعة جدًا وخطيرة.
&
ولكن هل سيحدث ذلك؟
&
يثير الاقتصاد العالمي الكثير من القلق مع اظهار كبريات الدول الناشئة في العالم اشارات الى تدهور في الاشهر الستة الماضية، حسب اولفييه بلانشار، وهو خبير نفطي مخضرم في صندوق النقد الدولي.&
&
وقال بلانشار الذي غادر الصندوق العام الماضي بعد ان عمل فيه لسبع سنوات، "معدل نمو الصين اقل مما يعلن عنه رسميًا وأداء روسيا والبرازيل سيئ للغاية، وجنوب افريقيا تقف على عتبة فترة كساد، وحتى في ما يتعلق بالهند، تذكر توقعات أن أداءها قد لا يكون جيدًا". واضاف أن المشكلة في الاقتصاد انه يتحرك ويتصرف مثل قطيع عند حدوث أي هزة.
&
ويرى بلانشار ان انخفاضًا بنسبة 20 بالمائة في سوق الاسهم المالية لفترة تزيد على ستة اشهر سينتهي الى انخفاض في الاستهلاك بنسبة تتراوح بين 0.5% و 1.0% وهو ما سيشكل صدمة كبرى حسب قوله.&
&
اول دومينو
&
تتركز المشكلة حاليًا في قطاع الطاقة ويتوقع خبراء ان تعلن شركات عديدة تعمل في مجالي النفط والغاز افلاسها خلال هذا العام، واولها شركات النفط الصخري الاميركية. وفي حالة تعمقت المشاكل فقد يحدث تسونامي اقتصادي يؤدي الى افلاس شركات اكثر في اهم اقتصاد في العالم. &&
&
هذا ولا تقتصر مشكلة المديونية على الولايات المتحدة فحسب، فعلى الصعيد العالمي اصدرت صناعة النفط والغاز سندات بقيمة 1.4 ترليون دولار واخذت 1.6 ترليون دولار أخرى في شكل قروض مشتركة ما رفع ديون القطاع الى 3 ترليون دولار، حسب بنك التسويات الدولية الذي حذر من وهم الديمومة الذي قد يتحول بسرعة الى كارثة.&
&
والسؤال الذي يطرحه الاقتصاديون والمستثمرون حاليًا هو الى أي حد يمكن للعدوى ان تنتقل من قطاع الطاقة الى قطاعات اخرى لتأخذ شكل وقف البنوك القروض ثم عدم القدرة على استعادة القروض القائمة وهو ما قد يخلق ظروفًا ملائمة لبدء مرحلة خطيرة، حسب قول خبراء. &
&
وقالت برونكا رزيبكووسكي من مؤسسة اوكسفورد ايكونومكس الاستشارية، إن "الظروف التي تمهد لما هو سيئ مثل تزايد الديون السيئة (غير القابلة للاسترداد)، وفرض قيود اكبر على القروض المقدمة للشركات وامور اخرى مشابهة، موجودة حاليًا في الولايات المتحدة"، واضافت ان هذه الاشارات تعكس وجود كساد عالمي غير انها لاحظت ان الازمة لم تأخذ مداها الحقيقي بعد.&
&
ولاحظ مراقبون ان مؤشر S&P500 خسر &اكثر من 12.5% على مدى 45 عامًا مضت موزعة على 13 مرة، ست منها ادت الى حدوث حالة كساد في الولايات المتحدة ما يعني حاليًا وحسب رأيهم ان هناك احتمالاً بوقوع انهيار اقتصادي عالمي في أي لحظة وبنسبة 50%. &
&
ولاحظ دينيس خوزيه من مؤسسة باركليس أن اسعار الاسهم انخفضت بنسبة 10% في اوروبا خلال الاشهر الستة الاخيرة، وأشار الى أن هذا الانخفاض حدث سابقا 14 مرة، ورافقت ذلك حالة كساد في سبع منها".&
&
خطر الدولار
&
يلاحظ مراقبون ايضا ان مؤشرات الاقتصاد الكلي في اضخم اقتصاد في العالم بدأت تتراجع هي الاخرى، ما يعني وجود تباطؤ اقتصادي بدأ ينتشر في الولايات المتحدة.&
&
ولاحظ ديفيد فوكيرتس لاندو كبير الاقتصاديين في دويتشه بانك أن الاقتصاد يسير على عجلة واحدة حاليًا هي المستهلكون، مشيرًا الى ضعف الاستثمار وتراجع في اسعار صرف العملات، وهو ما يؤذي المصدرين ويقلل من ارباح الشركات. وقال "الوضع ليس صحيًا تمامًا" ثم توقع تراجعًا في معدلات النمو في الولايات المتحدة الى ادنى من 2% خلال هذا العام ثم وصفه بالقول "هذا رقم خطر".&
&
احد الاسباب هو ارتفاع سعر الدولار الذي كسب اكثر من 22% من قيمته منذ منتصف 2014. وبدأت نتائج ذلك تظهر في اماكن اخرى بعيدة، اذ اثر ذلك على الصين التي اضطرت الى التدخل لدعم عملتها بمبلغ وصل الى 140 مليار دولار.&
&
ويرى خبراء أن عملة صينية ضعيفة ستخلق موجة جديدة من الانكماش في بيئة عالمية ضعيفة، وستزيد الضغط على معدلات صرف العملات في الاسواق الناشئة.&
&
الاحتياطي الفيدرالي؟
&
ماذا يمكن ان يوقف حدوث الازمة الفعلية؟ سؤال يجيب عليه خبراء بالقول إن الانظار كلها تتجه الى الاحتياطي الفيدرالي الاميركي غير ان من الصعب توقع الاجراءات التي قد يتخذها.&
&
في هذه الاثناء، يرى مراقبون أن اسعار النفط ستعود الى الارتفاع في النصف الثاني من العام مع انخفاض الاستثمار في الصناعة النفطية وتوقف تدفق انقطاع النفط الصخري.
&
ومع ذلك يعبر العديد من المحللين عن مخاوف من أن يتصرف الاقتصاد العالمي بطريقة قد تؤدي الى انهيارات غير محسوبة.&