إعداد عبد الاله مجيد: تعرف الناشطة الاجتماعية وسيدة الأعمال ذات الأصل المغربي هنا عصافيري كيف توظف قدرات المرأة. وحين فتحت "مطعم الحساء المغربي" المشهور الآن في مدينة ملبورن الاسترالية قبل أكثر من 15 عامًا حرصت على تشغيل نساء كن يكافحن للإفلات من دوامة الفقر والعنف المنزلي، وتعليمهن مهارات لتقديم أكلات صحية ورخيصة الى الزبائن.

وأعادت عصافيري الكرة الآن بفتح مطعم آخر في ضواحي ملبورن يقدم وجبات مغربية للنباتيين فقط بتشغيل النساء في مطعمها ولكن الهدف هذه المرة هو تكسير القوالب النمطية في تصوير المسلمين وتبديد الخرافات عنهم.
&
إذ تلتقي مسلمات في المطعم بعد الظهر كل يوم أحد فيما تقدم عصافيري المعجنات العربية الشهيرة مع الشاي. ولكن زبائن المطعم لا يرتادونه من اجل الأكل فقط بل يقومون بجولات حول الموائد على طريقة "المواعيد السريعة" في فعالية ابتكرتها عصافيري لتمكين الاستراليين من سؤال المرأة المسلمة عن أي شيء.

وتجمع نحو 30 رجلا وامرأة حول الموائد للحوار مع المسلمات اللواتي توزعن عليها فيما خاطبتهم عصافير قائلة "لا شيء ممنوع، واسئلتكم يمكن ان تكون صريحة وسافرة تماما. الشرط الوحيد هو الاحترام، حيث تستطيعون ان تسألوا باحترام لماذا ترتدي المسلمة الحجاب، هل تنام بالحجاب، هل تستحم بالحجاب؟ وهدف هذه الممارسة هو إزالة الانقسامات الموجودة في بيئة تبسيطية لا تريد إلا شيطنة المرأة المسلمة والتمادي في تهميشها".

وأوضحت عصافيري ان كل امرأة يتحاور معها زبائن المطعم تعبر عن رأيها هي ولا تمثل الاسلام أو المسلمين عموما. واختتمت عصافيري كلمتها للزبائن بالقول "إذا طرح احد رأياً يقبل الظلم أو العنف أو اخضاع المرأة فان هذا يجب ان يخضع للتمحيص والرفض".

وعلى امتداد ساعة بعد كلمة عصافيري التي استقبلها الحاضرون بالتصفيق كان زبائن المطعم من الرجال والنساء يتنقلون بين الموائد للحوار مع المسلمات الجالسات حولها.

قضايا شخصية أيضًا

وتتناول الحوارات مواضيع مختلفة من علاقة الحجاب بالحركة النسوية الى ويكيليكس وقضية مؤسس الموقع جوليان اسانج. ولكن الحديث يتطرق الى قضايا شخصية ايضا. وعلى سبيل المثال ان حسنة باشا وهي استرالية مسلمة شدت الجالسين للحوار معها الى قصة زواجها القسري من رجل متزمت حين كانت في العشرين من العمر. وظنت ان والديها سيفتخران بزواجها من رجل كان بنظرهما الزوج المثالي.
&
وبعد حوالى عامين انهارت امام والدها واعترفت بأنها ليست سعيدة في حياتها الزوجية. واوضح والدها ان كل ما تريده العائلة هو سعادتها وانه اخطأ بتزويجها من رجل لا تحبه وستكون أول طليقة في العائلة ولكن عليها ان تنهي علاقتها برجل لا تنسجم مواقفه مع نظرتها الأكثر انفتاحا الى ما يجب ان يكون عليه المسلم. وقالت باشا انها حين سمعت والدها يقول لها ذلك شعرت وكأنها "ولدت من جديد".
&
وفي ضوء تجربتها نظمت باشا مجموعة من الندوات وانتجت افلام فيديو لتعليم المرأة الثقة والاعتزاز بنفسها.

ونقلت صحيفة الغارديان عن ماريا ديموبولوس المستشارة في قضايا التنوع والمساواة بين الجنسين انها بعد أن زارت مطعم عصافيري المرة الأولى قال لها رجل كان ايضا من رواد المطعم انه لن ينظر ابدا الى المرأة المسلمة كما كان ينظر اليها في السابق حين كان يعتقد انها لا تفكر تفكيرا مستقلا وان النساء المسلمات كلهن يطعن ازواجهن طاعة عمياء.

وقالت ديموبولوس إنها توصلت من خلال حواراتها مع مسلمات محجبات ان الحجاب لا يتعارض مع الحركة النسوية بل يمنحها بُعدا آخر ويمكن ان يسهم في تمكين المرأة. وأشارت الكاتبة حنيفة دين رئيسة تحرير مجلة "حلم سلطانة" الالكترونية التي تحررها وتنشرها مسلمات، الى ان "لا شيء أفهمه في القرآن يدعو الى الحجاب بل يدعو الى الحشمة فقط".

تتوجه إلى الرجال
&
وقالت دين إن اشد ما يثير الاحباط في تغطية الاعلام لقضايا الاسلام هو اقتباس آراء رجال وكأنهم يمثلون جميع المسلمين. ونقلت صحيفة الغارديان عن دين قولها "ان وسائل الاعلام تتوجه تلقائيا الى الرجال للتعليق وتطلب من أئمة ان يتحدثوا عن قضايا المسلمين، ولا تسأل النساء".

واتفقت عصافيري قائلة ان أقلية من الأشخاص يفسرون الشريعة بطريقة تميز ضد المرأة وتعدها مخلوقا خاضعا للرجل. وابلغت الزبائن ان مثل هذه الآراء يجب الطعن فيها وانها ليست محل ترحيب في مطعمها.

وقالت عصافير انها تعرف الكثير من المسلمات اللواتي يتحاورن مع زبائن المطعم عن قضايا الاسلام منذ سنوات "وهن نساء كريمات وذكيات ولكن المحزن انهن لسن في دائرة الضوء واريد ان أُعطي هؤلاء النساء في مجتمعاتنا منصة لاسماع صوتهن".

وتدرك سيدة الاعمال والناشطة الاجتماعية ذات الأصل المغربي هنا عصافيري ان مشروعها يواجه تحديات كبيرة لتغيير آراء مجموعات صغيرة تحتج على بناء المساجد أو اشخاص يعتدون على المسلمين في الشوارع. فالذين يرتادون مطعهما يكونون عادة متفتحين ذهنيا ويأتون لأنهم يريدون الاحتفاء بالتعدد الثقافي وتعلم المزيد عن التنوع في منطقتهم. وكانت كل المسلمات في المطعم تقريبا تعرضن الى اعتداءات شفهية أو جسدية في الشارع.