لندن: أرجع قضاة عراقيون متخصصون بالنظر في الجرائم انخفاض شكاوى التحرش الجنسي في محاكم البلاد إلى الأعراف المجتمعية والعشائرية وخشية بعض النساء على سمعتهن بسبب عرض مثل هذه الانواع من القضايا ذات الخصوصية على المحاكم، وأوضحوا أن عقوبة التحرش الحبس مدة لا تزيد عن سنة أو غرامة مالية.

وأشار القضاة إلى أن جريمة التحرش الجنسي لم تبلغ مستوى الظاهرة بعد، موضحين أن المشرّع العراقي يعاقب مرتكبها بالحبس لمدة سنة أو الغرامة المالية بغض النظر عن جنسه أو قربه من الضحية. وقال تقرير للسلطة القضائية العراقية اطلعت على نصه "إيلاف" نقلاً عن القاضي عماد الجابري إشارته إلى أن "أغلب النساء لا يقمن بتحريك شكوى عن جرائم تحرش تطولهن"، حيث أرجع خشيتهن إلى "ارتباط الموضوع بجوانب عشائرية".

وفي مقابل ذلك، يقول الجابري إن "الحاح مرتكب هذه الجريمة في مضايقة المرأة قد يجعلها تخرج من دائرة الصمت وتلجأ مباشرة إلى الإجراءات القانونية لأخذ حقها". وأوضح أن "المشرّع العراقي تطرق إلى التحرش في قانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969، وأفرد له المواد (402،401،400) تحت عنوان "الجرائم المخلة بالحياء" وعقوبتها الحبس مدة لا تزيد عن سنة أو غرامة مالية.

وأشار الجابري إلى أن "الواقعة بحاجة إلى أدلة لكي يتم تجريم مرتكبها وفي مقدمة تلك الأدلة الشهود".. وأوضح أن "التحرش يتضمن الكلام المخل بالحياء الذي لا ينسجم وطبيعة الأعراف المجتمعية". وكشف عن "وجود أفراد تابعين للشرطة ينتشرون في الأماكن العامة لرصد تلك الحالات وإلقاء القبض على المتحرش بغية اتخاذ الإجراءات القانونية بحقه".. لافتاً إلى أن "المفرزة القابضة على المتهم تعدّ شاهدة امام القضاء على الواقعة".

وأضاف الجابري أن المشرع لا يفرق بين "شخصية المتحرش سواء كان على علاقة عائلية بالمرأة ام لا".. وقال "إننا أمام جريمة وننظرها وفق القانون وبالتالي يصدر القرار من محكمة الموضوع بحسب الأدلة المتوفرة".

لكنه اشار إلى أن "صدور بعض الكلمات من أشخاص تجاه نساء يختلف تفسيره بين بيئة واخرى".. متابعاً: "ليس كل ما يعتبر تحرشاً في الاماكن الريفية يعدّ كذلك في المدن".
وعرّف القاضي الجابري المواد القانونية المخلة بالحياء على أنها "أي كلام يصدر من شخص أو فعل سواء كان ذكرًا أو انثى".. موضحًا أن "القانون تطرق إلى العموميات وترك التفصيل إلى المحكمة وفق بيئة اطراف الدعوى".

من جانبه، اشار القاضي الثاني علي حسين نجم الى أن جريمة التحرش "متواجدة على مستوى ضيق ولم تبلغ بعد مستوى الظاهرة".. واعتبرها "حالات فردية تتم بين الحين والآخر في مناطق متفرقة من العاصمة". ولم يستبعد نجم "ارتباط انخفاض دعاوى التحرش على النساء بالأعراف المجتمعية وخشيتهن على سمعتهن من طرح مثل هذه الشكاوى أمام المحاكم".

وتحدّث عن "دعاوى وردت إلى القضاء بهذا الشأن في بعضها نتوصل إلى ان الرجل لم يكن يقصد فيها الإساءة أو خدش حياء المشتكية". وقال موضحًا "في حالات يتطلب منا اللجوء إلى خبير يقدر تقريره إلى المحكمة وفقاً للقانون من أجل حسم الخلاف حول الكلام الذي يعدّ خدشاً بالحياء من عدمه".

وكان منتدى الاعلاميات العراقيات قد اعلن في ايلول (سبتمبر) الماضي في احدث استبانة اجراها ان اعداد النساء اللواتي يتعرضن للتحرش اللفظي والجسدي يبلغ 77% وأن 12% من هذه النسبة يتعرضن (احيانا) للتحرش.

وقد اظهرت الاستبانة التي اطلقتها الاعلامية نبراس المعموري رئيسة المنتدى الى أن وجود دوريات الشرطة قرب مدارس البنات يقلل من تعرض الطالبات للتحرش. وأضافت أن العادات والتقاليد اثرت في عدم الافصاح عن هذه الحالات وان الكثير من الموظفات والعاملات&يستمرن في العمل رغم تعرضهن للتحرش خوفا من قطع الراتب. وخلصت الاحصائية الى ان العراق يعتبر ثاني دولة في نسبة التحرش.

وفي 26 من الشهر الماضي، اشار تقرير اعلامي الى تنامي ظاهرة ازدياد حالات التحرش الجنسي في معظم وزارات دوائر الدولة العراقية، فضلاً عن مساومة الموظفات العراقيات وإرغامهن في بعض الأحيان على ممارسة زواج المتعة سرًا كشرط أسياسي للحفاظ على المنصب والاستمرار بالوظيفة.