دعا رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي البرلمان الى التعاون معه لاجراء تغيير وزاري جوهري في حكومته لتضم شخصيّات مهنية وتكنوقراط وأكاديميين وطالب جميع الكتل السياسية بالتعاون معه ايضا "في هذه المرحلة الخطيرة".
&
وقال العبادي في كلمة متلفزة الى العراقيين مساء اليوم وتابعتها "إيلاف" انه "منذ أن تشرفنا بتحمل المسؤولية برئاسة الحكومة ورغم التحديات الأمنية الخطيرة واحتلال داعش لثلث مساحة العراق، فقد وضعنا ضمن برنامجنا أهدافاً أساسية، كان موضوع الإصلاح الإقتصادي والماليّ والإداري في مقدمتها، إضافة إلى مكافحة الفساد".
&
وتيرة الاصلاح رتيبة
&
لكنه اشار الى ان وتائر العمل ظلت رتيبة، "ولم تستجب إلى ما تبنيناه والتزمنا به أمام مجلس النواب وشعبنا العزيز بالعمل عليه.. ومن أجل احداث قفزة تحفيز نوعية، اطلقنا ثلاث حزم إصلاحية رئيسية في معالجة الترهل والتسرب في قواتنا المسلحة، وفي تنشيط القطاع الخاص، وتوجت بحزمة الإصلاحات الشاملة في شهر آب (أعسطس)من عام 2015 التي باركتها المرجعية الرشيدة وابناء شعبنا، حيث تناولت محاور أساسية ذات صلة بالمفاصل التي ركزنا عليها في البرنامج الحكومي، فتمّت على الفور إجراءات الترشيق في المناصب العليا، وإلغاء عدد من الوزارات ودمج أخرى، وتقليص أعداد الحمايات، وتخفيض رواتب المسؤولين في الدرحات العليا بنسب كبيرة، وإخضاع عقارات الدولة المشغولة من قبل الكوادر العليا والوظيفية إلى الضوابط المعتمدة قانونياً".
&
السياسيون والبرلمان لم يتعاونوا على انجاز الاصلاحات
&
واضاف قائلا "كان طموحنا أن تتظافر جهود جميع السياسيين والكتل السياسية والنواب في العمل لتحقيق ما أسلفناه، غير أن ذلك لم يتحقق على نحو وجازم وواضح، وجوبهنا بحملة تشويه لم نرد عليها تغليبا للمصلحة العامة، وقد تزامن ذلك مع انهيار كبير في اسعار النفط في الاسواق العالمية في العام الماضي وكذلك في هذا العام؛ لتهبط الى 85% عما كانت عليه قبل سنتين اي ان ما دخل العراق من ايرادات لايشكل سوى 15% مما كانت عليه سابقا".
&
واشار الى انه مع ذلك فقد "استطعنا ان نعبر ببلدنا عاماً ونصف العام من الضغط الماليّ، وتحديات نفقات الحرب، وحفظنا البلد من انهيار كان وشيكاً بكل المعايير المالية والاقتصادية، حين اضطر فيها عديد من الدول إلى اعلان خطط قاسية بالرغم من ارصدتها الكبيرة واحتياطياتها الضخمة والتي لايملكها العراق.
&
وقد اضطرّنا ذلك، إلى تقديم موازنة تقشفية للعام 2016 لتلافي تحميل الخزينة أعباء الاقتراض الداخلي والخارجي". واوضح انه اتخذ اجراءات واسعة لدعم حقيقي للقطاع الخاص وايضا الشراكة بين القطاع الخاص والقطاع الحكومي وإقراض المشاريع الصناعية والزراعية والسكنية، وكذلك المشاريع الصغيرة والحرفية وخصوصا شريحة الشباب والذين يحتاجون الى دعم خاص لايجاد فرص عمل حيث بلغت التخصيصات المالية بحدود 6,5 تريليون دينار عراقي (حوالي 6 مليارات دولار) &لهذه المشاريع مجتمعة.&
&
كوادر مهنية لرئاسة الهيئات المستقلة
&
واوضح العبادي الى انه قد انتهى للتو من وضع معايير مهنية نموذجية لاختيار الكوادر المتقدمة لرئاسات الهيئات المستقلة، ووكلاء الوزارات، والمستشارين، والمدراء العامين، وستصبح هذه المواقع متاحة وبشكل مباشر لكل من يمتلك الكفاءة ويجد في نفسه المقدرة على تحمل مسؤولياتها.
&
وفي مجال الإصلاح الضريبي والكمركيّ اشار الى تحديد التزامات مهمة على المؤسسات المعنية، ليس لزيادة الإيرادات غير النفطية فحسب، بل لمحاربة الفساد والفاسدين، وتوفير الحماية والتشجيع للمنتجات الصناعية والزراعية، وستظهر آثار هذه الخطوة خلال الايام المقبلة خصوصا في مجال العدالة على المنافذ الحدودية لجمهورية العراق ومن كل المنافذ.
&
واشار الى الانتهاء من اعداد دراسة شاملة لإعادة هيكلة الوزارات، حيث ستلغى الحلقات الزائدة كي تنصرف الدولة إلى عملها الحقيقي في خدمة المواطنين، وتسهيل اعمالهم، مع كل ما سيتحقق من خفض متطلبات المواقع الفائضة وبالتالي ينعكس ايجابا على الموازنة العامة للدولة.
&
وقال انه مع الحرص على ممتلكات الدولة، من أراض وعقارات وغيرها، فسيصار بعد مرحلة الكشف الدقيق عنها خلال الايام المقبلة، إلى الاستفادة منها في مجالات الاستثمار وتحفيز القطاع الخاص، متزامنة مع العمل الذي يجري حالياً لاعادة هيكلة الشركات المملوكة للدولة، بحيث تصبح شركات رابحة ومنتجة؛ تنعكس آثارها على تحسين وضع العاملين فيها.
&
توزيع اراض للمواطنين
&
واشار الى انه سيصدر خلال الاسبوع المقبل قرار مهم بشأن توزيع الاراضي السكنية للمستحقين من جميع المواطنين في القطاعين الخاص والحكوميّ على حد سواء، في بغداد وفي المحافظات الاخرى، وتتزامن هذا مع توفير الخدمات الاساسية لقطع الاراضي التي توزع للمواطنين حيث يمكن بناء مدن متكاملة مع بنى تحتية صحيحة حيث سيجد من تخصص له الأرض الخدمات الاساسية فيها.
&
واوضح في إطار رؤية واضحة للبناء الاقتصادي والتنمويّ تم الاتفاق مع عدد من الدول برفد العراق &بالمستشارين والخبراء والمهنيين والمتخصصين، ليكونوا الى جانب المستشارين والخبراء العراقيين من اجل تقديم رؤية شاملة باتجاه تنويع الانشطة الاقتصادية واستثمار مواردنا البشرية والطبيعية بشكل صحيح ومتوازن وسليم.
&
كشف ملفات الفساد
&
وخاطب العبادي العراقيين قائلا "إن تحقيق ما تقدم، وغيره من اجراءات وسياسات، يقتضي تهيئة قاعدة عمل صحيحة تتصدى للفساد أولاً، وان مجلس مكافحة الفساد في طريقه لتبني قرارات مهمة لمعالجة ضعف الاداء خلال المرحلة الماضية، والكشف عن مفاصل الفساد في جميع مرافق الدولة، ولابد لنا من الاستعانة بالخبراء والاستشاريين واساتذة الجامعات لتقويم إدارة الدولة وتحسين ادائها ضمن منظومة الاصلاح الشامل(الاصلاح الاداري والاصلاح المالي والاصلاح الاقتصادي)".
&
وقال ان الامر يقتضي ايضا "اعادة النظر بمنظومة القوانين التي تنظم الاقتصاد والمال وادارة الدولة من خلال مراجعة شاملة تساند رؤيتنا في أن نجعل من خدمة المواطنين وتنمية قدراتهم وتوفير ظروف عيش مناسبة أهدافاً اساسية في برنامجنا وبرنامج هذه الحكومة".
&
الوزراء اختارتهم الكتل السياسية
&
واضاف انه قد تم اختيار الوزراء في حكومته الحالية على أساس اختيار الكتل السياسية في مجلس النواب كما ينص الدستور على ذلك وضمن التمثيل السياسي وحجم الكتل السياسية في المجلس وقد اقرها البرلمان على هذا الاساس .. لكنه قال "غير انني ومن منطلق المسؤولية والمصلحة العليا، ومن مستلزمات المرحلة لقيادة البلد الى بر الامان ادعو الى تغيير وزاري جوهري، ليضم شخصيّات مهنية وتكنوقراط وأكاديميين، وأدعو في هذا الاطار مجلس النواب الموقر وجميع الكتل السياسية للتعاون معنا في هذه المرحلة الخطيرة".
&
وختم العبادي كلمته بالقول "أقول لكم بثقة تامة، اننا وبمؤازرتكم سنتجاوز هذه المرحلة، وهذه المحنة، ونطمئنكم بأننا نملك رؤية واضحة وسياسة تفصيلية للخروج من الأزمة بأقوى مما كنا عليه سابقا".
&
السيستاني ممتعض من عدم جدية الاصلاحات
&
وكان المرجع الشيعي الاعلى في العراق آية الله السيد علي السيستاني قد اعلن عن طريق معتمده خطيب جمعة كربلاء إنه لن يتطرق لأمور السياسة بعد اليوم في خطبته المعتادة في صلاة الجمعة التي كانت على مدى سنوات مصدر إرشاد للعراقيين وتوجيهات للحكومة ومسؤوليها.
&
ولم يحدد الصافي سببا للكف عن الحديث في السياسة خلال الخطب التي تركزت في الآونة الأخيرة على معارك الحكومة ضد متطرفي تنظيم داعش ومساعي مكافحة الفساد لكن مراقبين اشاروا الى ان السبب وراء هذا الموقف هو امتعاض المرجع من الاداء الحكومي الضعيف وتباطؤ الاصلاحات ومواجهة الفساد المستري في مؤسسات الدولة.
&
والشهر الماضي عبر السيستاني عن انزعاجه من عدم جدية الاصلاحات التي يقوم بها العبادي وقال معتمده أحمد الصافي في خطبىة الجمعة بكربلاء ان المرجعية الشيعية العليا تطالب منذ العام الماضي السلطات الثلاث لرئاسات الجمهورية والبرلمان والحكومة والجهات المسؤولة الاخرى باتخاذ خطوات جادة في اصلاح اوضاع البلاد ومكافحة الفساد وملاحقة كبار الفاسدين والمفسدين .. مشيرا الى ان العام انقضى ولم يتحقق شئ واضح على ارض الواقع وهو امر يدعو للاسف الشديد. واضاف ان المرجعية تكتفي في الوقت الحاضر بهذا الموقف في اشارة الى امكانية اتخاذ موقف اكثر وضوحا من عزوف الحكومة عن اتخاذ اجراءات عملية وجدية ضد الفساد وملاحقة كبار الفاسدين.