كشف نيكولاي كوزانوف، الملحق السياسي السابق في السفارة الروسية في طهران، في نشرة تحليلية نشرها &المعهد الملكي البريطاني للشؤون الدولية " تشاتام هاوس" عن وجود مأزق كبير وخيارات صعبة أمام روسيا تجاه التعامل مع التوتر الخليجي بقيادة السعودية وإيران، وذلك على خلفية قطع السعودية علاقتها مع إيران، بعد الاعتداءات التي تعرضت لها سفارتها في طهران وقنصليتها في مشهد.
&
التصعيد السعودي ضد إيران، شمل جميع دول الخليج فضلا عن دول عربية أخرى ، حيث أكد وزراء خارجية دول الخليج تأييدهم الكامل للإجراءات السعودية في مواجهة الاعتداءات الإرهابية على مقريها الدبلوماسيين في إيران، وأكدوا&إدانة المجلس الوزاري الخليجي الشديدة ورفضه القاطع "الاعتداءات" الإيرانية وتحميل الحكومة الإيرانية المسؤولية عن "هذه الأعمال الإرهابية" بموجب القانون الدولي.
&
هذه الخطوات فرضت على موسكو خيارات صعبة، بين الوقوف مع شريكها الإيراني، او التنحي جانبًا والتزام الحياد الظاهريّ، بحسب ما أشار نيكولاي كوزانوف ، الذي أوضح أن أيًّا من الاستجابات الروسية على الخلاف القائم بين السعودية وإيران؛ فإن العواقب ستكون ذات تأثير سلبي على أهداف "الكرملين" &في الشرق الأوسط، وأضاف " فمن جهة سيؤثر صمت موسكو على ديناميكية العلاقات (الروسية - الإيرانية)، التي استثمرت موسكو جهودًا دبلوماسية واقتصادية لتحسينها.
&
وقال كوزانوف ، انه في ظل حالة الاقتصاد الروسي المتعثر، فلن&يستطيع الكرملين تحمل خسارة إيران، فضلًا عن احتياج روسيا&لإبقاء إيران في منطقة نفوذها، ومنعها من الانجراف إلى أحضان الغرب، واضاف " فبدون القوات البرية الإيرانية التي تقاتل المعارضين لنظام الأسد، ستواجه موسكو صعوبة في تحقيق أهدافها هناك، &فضلًا عن احتياج روسيا إلى الدعم العسكري والسياسي الإيراني، لإجبار المعارضة السورية والجهات الراعية للتفاوض مع بشار" على حد توصيف كوزانوف.
&
كما أوضحت النشرة التحليلية ، أن التزام&موسكو الصمت حيال الخلاف الدبلوماسي بين طهران والرياض، سيقدم دليلًا آخر لمعارضي التقارب (الروسي - الإيراني) من الإصلاحيين الإيرانيين من جهة ، والسياسيين الروس الموالين للغرب من جهة، بأن &البلدين غير قادرين على إقامة أي نوع من الشراكة الفعالة، وفي المقابل فإذا انحازت موسكو إلى الجانب الإيراني؛ فإن هذا سيؤثر في العلاقات بين روسيا ودول مجلس التعاون الخليجي بقيادة السعودية، وهي الدول التي يعتبرها "الكرملين" مصدرًا محتملًا للاستثمار في الاقتصاد الروسي، فضلا عن ان دعم هذه الدول وموافقتها ، لاسيما السعودية والإمارات، مهمة لنجاح المشاريع المشتركة مع مصر، مثل إنشاء منطقة صناعية مشتركة أو تطوير الصناعة النووية في مصر.
&
نيكولاي كوزانوف ، أوضح أن التحالف (الروسي - الإيراني) بات عنصر تقويض لجهود روسيا الرامية إلى تسوية الأزمة السورية، حيث أسفر هذا التحالف لجعل السعودية&أقل استعدادًا للحوار مع روسيا، وهو ما &يدفع موسكو بقوة إلى المواجهة الأوسع بين السنة والشيعة، ويسمح للقوى السياسية المناهضة لروسيا في المنطقة بتصوير الكرملين على أنه عدو للعالم السني، وأضاف " وهو ما سيمثل تهديدًا خطيرًا، ليس فقط للموقف الروسي في المنطقة، ولكن أيضًا للأمن الداخلي في روسيا، حيث يشكل السنة أغلبية المجتمع المسلم البالغ قرابة 15 مليونًا. حيث باتت التجمعات السلفية في المنطقة العربية ، تصور الروس بأنهم صليبيون جدد ، وذلك &منذ بداية الحرب الأهلية في سوريا.
&
نيكولاي كوزانوف ، تنبأ بأن تستمر روسيا في الصمت المحايد تجاه الأزمة بين الخليج وإيران ، وذلك كمحاولة لتحسين صورتها في العالم الإسلامي، وهي الصورة التي تضررت بشدة بعدما بدأت روسيا قصف المعارضة السورية، وفي مقابل ذلك رجح& كوزانوف أن يضر دعم روسا &لطهران &بعلاقاته موسكو &مع شريكها في الشرق الأوسط، إسرائيل، حيث أظهرت التصريحات الأخيرة للمسؤولين الإسرائيليين قلقًا بشأن تزايد التعاون (الروسي - الإيراني) في سوريا وخارجها، وأعربوا عن قلقهم صراحة من تغاضي الحكومة الروسية عن التحركات الإيرانية المعادية لإسرائيل.
&
وفضلا عن المعضلة الروسية مع دول الخليج، هناك معضلة أخرى &تتعلق بصورة روسيا على الساحة الدولية، حيث يحاول بوتين – بحسب كوزانوف - جاهدًا الحفاظ على صورته كزعيمٍ لا يترك شركاءه في ورطة، وحاميًا للقانون الدولي في بعض الأحيان فقط، بيدَ أن الهجوم على السفارة السعودية في طهران كان يشكل انتهاكًا واضحًا للمعايير الدولية، وانطلاقًا من هذا المنظور؛ قد لا يكون من مصلحة موسكو دعم دولة تتبنى سياسة عدم التدخل لحماية حقوق الدبلوماسيين الأجانب.
&
وحول الخيارات المطروحة للخروج من هذا المأزق ، قال نيكولاي كوزانوف إن السلطات الروسية لا تدرك الخيارات المثالية ونتيجة لذلك تحاول المراوغة وتفادي الحياد التام أو التحالف التام مع طهران، وقد حاولت للقيام بدور الوساطة بين البلدين، وهو ما سيتيح للكرملين تجنب كارثة دبلوماسية ويؤدي إلى تلميع صورتها دوليًا، لكن فرصة نجاح هذه المبادرة &ضئيلة - بحسب كوزانوف - &ذلك لان السعوديين لا يثقون في روسيا، ويعتبرونها حليفًا مواليًا لإيران، &بالإضافة إلى أن الرياض مهتمة بعزل طهران وليس إعادة دمجها، من أجل ذلك، يجب على موسكو الاختيار بين خيارين كلاهما مر، إما &الاستثمار أو النفوذ.

&