بدأ بيرني ساندرز الحملة الرئاسية بثغرات عدة، فهو شبه مغمور ولا يملك المال ويواجه هيلاري كلينتون. لكن هذا المرشح الذي يتمتع بشعبية كبيرة في صفوف الشبان، حقق الثلاثاء فوزًا ساحقًا على وزيرة الخارجية السابقة في ولاية نيو هامشير.

نيويورك: يعبر بيرني ساندرز (74 عامًا) السناتور عن ولاية فيرمونت الصغيرة (شمال شرق)، والاشتراكي المعلن، عن رفضه الشديد لوول ستريت والتفاوت الاجتماعي المتزايد في الولايات المتحدة. وهو سياسي غاضب ينتقد نظامًا سياسيًا تتحكم فيه، كما يقول، وول ستريت ومجموعات الضغط وتواطؤ رجال السياسة مع عالم المال.

ويريد ساندرز المدافع الدؤوب عن الطبقة الوسطى، زيادة الحد الادنى للاجور 15 دولارًا في الساعة (7,25 دولارات حاليًا على المستوى الفدرالي)، وينادي بتأمين طبي شامل على غرار النموذج الاوروبي. ويقول انه يريد حكومة "تعمل من اجل الجميع ولا تقتصر جهودها على حفنة من الناس في القمة". ويعتبر التغيّر المناخي تهديدًا بالغ الخطورة.

ورغم دخوله المعترك السياسي منذ فترة طويلة، لا يزال يعتبر دخيلاً. ليس خطيبًا مفوهًا وليس شخصية جذابة. ولا يحرص هذا المثابر المعروف بشعره الابيض المشعث على إسماع الناس ما يرضيهم.

لكن بعد دونالد ترامب، فهو الذي يجتذب الجماهير الغفيرة إلى لقاءاته الانتخابية. ويضم جمهوره عددًا كبيرًا من الشبان المسحورين بهذا السبعيني الذي يجرؤ على الحديث عن "ثورة سياسية"، ويعد بمجانية التعليم الجامعي في بلد يبلغ فيه متوسط ديون الطلاب 35 الف دولار.

ويرى هؤلاء الشبان ان كلمة "اشتراكي" لم تعد تثير النفور كما كانت الحال عليه بالنسبة لاهاليهم. وتؤكد بعض الناخبات أنهن يفضلن "هذا العجوز الابيض" على كلينتون.

وقد فوجئ هو نفسه بالنجاح الذي احرزه، علمًا بأن استطلاعًا للرأي على المستوى الوطني جعله هذا الاسبوع شبه متساوٍ مع كلينتون (44 في المئة مقابل 42 في المئة).

وعندما تنتقد كلينتون تدني مستوى معرفته بالسياسة الخارجية، يرد بأن اهم عملية تصويت في التاريخ الاميركي الحديث، كان التصويت على الحرب في العراق، التي أيدتها كلينتون وعارضها هو.

وعندما يتهم بالتطرف، يطرح النموذج الاسكندينافي. ويضيف "اعتقد اني لا اطرح فكرة متطرفة اذا ما قلت إن من يعمل 40 ساعة في الاسبوع ينبغي ألا يعيش فقيرًا".

ولا يتردد في القول انه سيعمد إلى زيادة الضرائب.

ولا يريد بيرني ساندرز التطرق إلى المسائل الشخصية في حملة بلغ فيها الكشف عن الامور الشخصية حدًا غير مقبول. وهو يؤكد نزاهته، ويبدي استياءه من التهجمات المتزايدة لفريق كلينتون، التي "تشوه حصيلة ما حققه"، كما يقول، ويفضل "التركيز على المستقبل"، شعار حملته.

ويتباهى ايضا بأنه المرشح الذي حصل على اكبر عدد من الهبات المالية على امتداد تاريخ الولايات المتحدة. فقد ناهزت تلك الهبات ثلاثة ملايين قدمها اكثر من مليون شخص، ما يعني أن كلاً منهم قدم مبلغًا بلغ متوسطه 27 دولاراً، وليس ممولاً من أي مجموعة دعم "سوبر-باك" (لجنة العمل السياسي) القادرة على جمع مبالغ مالية طائلة لمرشحيها.

رجل نزيه

يرى فيه انصاره رجلاً نزيهًا وسط عالم سياسي مقولب. ويقولون انه لم يتنازل ابدًا عن معتقداته مذ كان عمدة بورلينغتون (1981-1989) اكبر مدينة في فرمونت (42 الف نسمة).

وقد انتخب في 1990 عضوًا في مجلس النواب واعيد انتخابه باستمرار حتى 2007، عندما اصبح سناتورًا. وكان مستقلاً طوال حياته السياسية، حتى العام الماضي عندما اصبح ديمقراطيًا من اجل الحملة.

ولد بيرني ساندرز في بروكلين من ابوين يهوديين بولنديين. وينتمي إلى عائلة متواضعة. وسرعان ما ابدى الشاب اهتمامًا بالسياسة. وعندما كان طالبًا في جامعة شيكاغو، انضم إلى "رابطة الشبان الاشتراكيين" وناضل ضد الحرب في فيتنام، وانخرط في صفوف الحركة المطالبة بالحقوق المدنية وانتسب إلى الحركات التي ترفض الحروب والعنف.

وبدأت مسيرته السياسية فعلاً عندما انتخب عمدة لبورلينغتون بفارق 10 اصوات فقط، بفضل تحالف سياسي وفاز على العمدة الديمقراطي.

وقد تزوج مرتين وله ولد. وهو حاليًا مع زوجته الثانية وهي ام لثلاثة اولاد من زواج سابق. واذا انتخب رئيسًا فسيكون اكبر رئيس يدخل البيت الابيض.