بدأ الحديث عن سعي روسي لعزل المعارضة السورية عن العمق التركي، وذلك عبر تكثيف العمليات العسكرية في القرى المحاذية للحدود، بالإضافة إلى نسج تعاون وثيق مع الأكراد بهدف إضعاف أي قدرة على التحرك الميداني في هذه المناطق.

علي الإبراهيم: يحلّق الطيران الروسي على طول 200 كلم من الحدود السورية التركية الممتدة على مسافة 910 كلم، &مقبلة من قواعدها الجوية غرب البلاد في الساحل السوري وصولا إلى أقصى الشمال، فيما تقصف خلال تحليقها عشرات الأهداف التي تقول إنها تعود لتنظيمات متطرفة، فيما يؤكد آخرون أنها أهداف مدنية، أو تعود للمعارضة السورية المعتدلة.
&
فبعد انقشاع الغبار لكل غارة جوية، "تتكشف النوايا لخطط الكرملين الجديدة بالاشتراك مع الحليف الإيراني وميليشيات نظام الأسد الطائفية"، يقول المتابع، ويضيف: "لقد باتت روسيا تسابق الزمن من أجل إكمال السيطرة على جبل التركمان في ريف اللاذقية، والوصول إلى معبر اليمضية الحدودي الذي كان ولا يزال متنفس ريف اللاذقية المحرر باتجاه تركيا، وتقريبًا أصبحت على قاب قوسين أو أدنى من تحقيق ذلك بعد السيطرة على قرية الربيعة الاستراتيجية في الجبل ومن قبلها مدينة سلمى. واليوم وبشكل متوقع سيطرت ميليشيات إيرانية وعراقية مدعومة بطيران روسي على قرى وبلدات في عمق ريف حلب الشمالي، وأصبحت داخل نبل والزهراء".
&
وفي ظل تحالف ميليشيات حزب الاتحاد الديمقراطي، ذي الغالبية الكردية المسيطرة على عفرين وريفها، مع روسيا ونظام الأسد وإيران، ستكون الكتلة الممتدة بين عفرين ونبل والزهراء قادرة على اطلاق مهمة لتلك القوى المتحالفة لتحقيق مصلحة مشتركة طالما طمحت اليها، وهي التقدم باتجاه أعزاز بريف حلب وإغلاق معبر باب السلامة مع تركيا، وباتجاه أطمة بريف إدلب وإغلاق معبر باب الهوى، بحسب ما أوضح بعض الخبراء الميدانيين.
&
&
الحد من الدور التركي
&
إلى ذلك، تُعتبر تركيا المنفذ الأهم للمعارضة السورية بشقيها السياسي والعسكري وحتى الانساني، وتتخوف أنقرة من تواصل تقدم النظام السوري في ريف حلب واستمرار القصف الروسي، وهو ما يشكل عبئا أمنيا على تركيا، خصوصا أن هناك توقعات بسقوط مناطق مارع وأعزاز وتل رفعت بيد قوات النظام والميليشيات التي تدعمه. وتعتبر المناطق المذكورة القريبة من الحدود التركية السورية خطًا أحمر بالنسبة لأنقرة، وإذا ما سقطت فستؤدي إلى موجة نزوح كبيرة لأعداد تقدر بنحو مئتي ألف سوري.
&
بدوره يعتبر الصحافي التركي زاهد غل في تصريح لـ "إيلاف" أن الخطة الروسية منذ اليوم الأول هدفها التحرش بالاتراك والحد من تحركاتهم وخاصة بعد نشر منظومة صواريخ &S400في الساحل السوري"، وعن سعي الروس للسيطرة على الشريط الحدودي من خلال الغاراة الجوية والتقدم البري للحلفاء، واعتبر غل أن الضربات الجوية هدفها انتقامي وتهجير المدنيين فقط لا غير.
&
وأكد غل أنه "ومنذ اليوم الأول للغزو الروسي تم &استهداف فصائل الثورة السورية في محاولة لاجبارها على الاستسلام العسكري أو الاستسلام السياسي، سواء في مؤتمر جنيف أو غيره. ولكن، وبعد أشهر من الغزو، أدركت روسيا أن مهمتها العسكرية صعبة جداً، وانتقلت لتستخدم ضد الثوار خطة الأرض المحروقة، وتدمير كل هدف أمامهم في مدة قصيرة، ثم يحتل تلك المنطقة، وقد أعد للاحتلال الأرضي جيش الأسد وكتائب من الجيش الإيراني أرسلت خصوصاً من إيران للاحتلال الأرضي بعد بدء الغزو الروسي، وهذا يؤكد تحول القصف الروسي إلى الأعمال الانتقامية والتخبط السياسي، فأخذت الأعمال الروسية الانتقامية تقصف المدنيين كما في ريف حلب وإدلب حيث لا أهداف عسكرية أمامهم، فقصفوا المساجد والمستشفيات والمخابز والأسواق، ليعاقبوا الأهالي المدنيين أولاً، ويضغطوا على تركيا من خلال موجات النزوح ثانيا".
&
&
تنسيق
&
وضمن هذا الإطار، عزز التدخل الروسي &التنسيق بين حزب الاتحاد الديمقراطي الجناح السوري لحزب العمال الكردستاني وبين نظام الأسد، لا بل يمكن القول إنه فرض توسيع هذا التنسيق، باعتبار أن روسيا بدأت تستخدم الورقة الكردية ضد العقبة الأكبر تركيا، حيث أخذت روسيا تنفيذ ضربات جوية لصالح ميليشيات وحدات حماية الشعب الكردية، وهي الجناح العسكري لحزب الاتحاد الديمقراطي، في إطار دعم مشروعها التوسعي باتجاه مدينة أعزاز بريف حلب.
&
وفي هذا السياق أكد القائد الميداني ياسر عبد اللطيف من ريف حلب "أنّ روسيا وعن طريق طائرات تابعة لنظام الأسد أوصلت الكثير من الأسلحة إلى مدينة عفرين الخاضعة لسيطرة الوحدات، ورصدنا من خلال مصادرنا تجول ضباط روس في محافظة الحسكة برفقة ضباط من نظام الأسد وقيادات في ميليشيات وحدات الحماية الكردية، وهو ما يعني سعي الروس مع عصابة الأسد والميليشيات الكردية للسيطرة على أكبر قسم من الشريط الحدودي مع تركيا في محاولة لقطع طريق إمداد الثوار وقيام دولة مزعومة لهم وخنق الثورة، لكن الأرض لنا وسوف تكون الايام القادمة بإذن الله لصالحنا" على حد تعبيره.
&
معارك الشمال&
&
في المقابل، تخوض فصائل الثوار شمال مدينة حلب، معركة مصيرية. وخاصة مع تقدم قوات الأسد والميليشيات التي تدعمه في ظل غطاء روسي، واقتراب قوات الأسد من حصار المدينة بعدما نجحت في فصل الريف الشمالي عن الريف الجنوبي لحلب.&
&
ويرى الرائد ياسر عبد الرحيم قائد فيلق الشام، احد أبرز قادة مقاتلي المعارضة في حلب وريفها أن الوضع "خطير جدًا". ويضيف ان خسارة الثوار لمواقعهم في المحافظة: "تعني فقدان الخزان البشري الاساسي للثورة، والتهديد بكارثة انسانية جديدة من خلال النزوح".
&
هذا وأعلنت فصائل المعارضة العاملة في ريف حلب الشمالي، يوم أمس، عن تشكيل "المجلس العسكري الموحَّد" للتصدي للهجمة الشرسة على المنطقة بدعم جوي روسي، وقالت: "قرر ثوار الريف الشمالي بحلب تشكيل المجلس العسكري الموحَّد الذي يضم القوة العسكرية العاملة على الأرض في الريف الشمالي".
&
ودعت الفصائل المنتشرة في مدن وبلدات مارع وتل رفعت ومنغ وأعزاز وباقي القرى في المنطقة، جميع القوى في الريف الشمالي للانضمام إلى التشكيل الجديد للتصدي للحملة العسكرية الشرسة التي تقودها الميليشيات الإيرانية والعراقية واللبنانية بدعم روسي على المنطقة.
&
&
الفصائل الاسلامية&
&
في السياق ذاته، قال القائد العسكري في تنظيم جبهة النصرة محمد رحمة إن الثوار وجبهة النصرة أعلنوا معركة ضخمة في ريف حلب الشمالي تهدف لتحرير عدة قرى من قبضة قوات الأسد بهدف الاقتراب من أحياء مدينة حلب الشمالية الواقعة تحت سيطرة قوات الأسد بشكل أكبر، وبهدف إبعاد شبح حصار نظام الأسد للثوار والمدنيين في مدينة حلب.
&
وتشن جبهة النصرة بالاشتراك مع غرفة عمليات جيش الفتح معارك في ريف حلب الجنوبي وتحرز تقدما وذلك لتخفيف الضغط عن ريف حلب الشمالي، من خلال شن عمليات وقصف مواقع تابعة لقوات الأسد والميليشيات التي تدعمهم.
&
وردا على الاتهامات التي بثها ناشطون عن تخلي &تنظيم جبهة النصرة عن ريف حلب الشمالي قال رحمة: "يوم أمس دك استشهادي معاقل ميليشيات الأسد في قرية حندرات المحتلة بمفخخة أدت لقتل وجرح العشرات، استطعنا من خلالها تحرير منطقتي المثلث والعمارات في قرية حندرات، ونقطة الكمين في قرية دوير الزيتون".
&
التدخل التركي
&
المعطيات السابقة للحملة الشرسة التي تشنها قوات الأسد والميليشيات التابعة له سيكون لها تأثير وتغير بموازين القوى على الأرض، خاصة إذا ما تقدمت تلك القوات باتجاه الشريط الحدودي بشكل أكبر، والتي من الممكن أن تدفع تركيا للتدخل مع السعودية بقوات برية خاصة مع الحديث عن اعداد قوات برية للتدخل في سوريا عبر البوابة التركية.
&
لكن رغم ذلك فإن سقطت حلب قبل تحركات تركية سعودية، فلن يكون الأمر هينًا بالنسبة إلى جميع المهتمين بالثورة السورية. مما يعني فعليا وصول النزاع إلى الأراضي التركية عبر تطويق حدودها بحزام علوي كردي، يسعى له الروس ونظام الأسد، خاصة في ظل المحاولات التي تشير إلى سعي روسيا لاستقطاب ميليشيات حزب الاتحاد الديموقراطي السوري لتركيا .
&
ويؤكد القائد العسكري في احرار الشام الاسلامية محمد عبود أنه "على الجميع التحرك وتقديم الدعم اللازم ليس بالكلام فقط وانما بالسلاح لوقف تقدم هذه العصابات قبل فوات الأون، رغم أننا نعيد ترتيب اوراقنا ونتوحد لصد تلك الهجمة، إلا أننا بحاجة للسلاح الكافي لصد هذه الحملة المدعومة من إيران وروسيا"، كما وطالب تركيا باتخاذ خطوات جادة.
&
اختبار القوة&
&
ومع اشتداد المعارك الدائرة شمال البلاد، تبدو الصورة أكثر وضوحا، فمحادثات جنيف لم تنهر وحسب، وإنما يبدو أن الثقة في قيام الولايات المتحدة بدور إيجابي في النزاع الدائر في سوريا قد انهارت تماما.&
&
ويتعرض الرئيس الأميركي باراك أوباما ووزير خارجيته جون كيري إلى انتقادات كبيرة؛ بسبب الدور المتخاذل &للإدارة الأميركية خلال الأسابيع الأخيرة وممارستها ضغوطًا مجانية على المعارضة للانخراط في المفاوضات في الوقت الذي تواصل فيه روسيا والنظام عملياتهما العسكرية. حيث تعكس الصورة الكبرى تحولا كبيرا في خطة الولايات المتحدة تجاه سوريا عبر إعطاء الأولوية لمكافحة الإرهاب على إيجاد تسوية مناسبة للصراع السوري نفسه، ويأتي هذا التحول بشكل كبير استجابة للتأثير الروسي.
&
وفي ظل التحول الأميركي الملحوظ والضغوط الكبيرة التي مارستها الولايات المتحدة على المعارضة وحلفائها في غياب أي ضغوط مقابلة على قوات النظام أو روسيا من أجل تقديم تنازلات، حتى ولو إنسانية، فإن هناك شعورا متفهما بـ”الخيانة” تجاه الولايات المتحدة من قبل فصائل المعارضة السورية، وربما أيضا بين صفوف داعميهم الرئيسيين في أنقرة والرياض.
&
ويستمر تدفق اللاجئين السوريين إلى الحدود مع تركيا لليوم الخامس على التوالي ، في ظل استمرار الطيران الحربي الروسي شن غاراته على قرى وبلدات ريف حلب الشمالي، وتقدم قوات نظام الأسد والميليشيات التابعة له على الأرض.
&
وبحسب مصادر محلية فإن عدد النازحين يقدر بنحو سبعين ألفا بالقرب من معبر باب السلامة في ريف حلب وأطمة وخربة الجوز في ريف إدلب.
&

&