نصر المجالي: جدد العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني بن الحسين تحذيره من أن العالم يواجه حربا عالمية ثالثة بسبب الإرهاب، وقال إن أزمة اللاجئين السوريين أكبر المآسي الإنسانية في عصرنا، مضيفاً ان حربنا ضد (داعش) حرب لحماية ديننا وقيمنا ومستقبل شعوبنا.
&
وألقى الملك عبدالله الثاني كلمة اليوم الجمعة أمام مؤتمر ميونخ للأمن في دورته الثانية والخمسين، كما أجرى محادثات مع عدد من المشاركين.&
&
وقال العاهل الأردني: لقد استمعنا جميعا لتحذيرات أطلقها خبراء استراتيجيون من مخاطر التعلق بالماضي، وما يعنيه ذلك من الاستمرار في خوض حروب بائدة، بدل الالتفات إلى مخاطر الحاضر. وباجتماعنا هنا اليوم، علينا أن ندرك أننا بدأنا فعلا خوض الحرب القادمة، وهي صراع جديد ومعقد من أجل المستقبل.
&
واشار إلى أنه وصف الأمر بأنه "حرب عالمية ثالثة ولكن بوسائل أخرى"، وأكد أن المقصود هنا، ليس مجرد الإشارة إلى حجم التهديد الذي نواجهه والذي يأخذ طابعا عالميا أكثر فأكثر، ويؤثر بلا شك على المجتمع الدولي بأسره، بل إنه يشير أيضاً إلى ما تشترك به مثل هذه الحروب، وهو قدرتها على أن تكون عاملا في إحداث تغييرات هائلة. فالنصر أو الهزيمة في هذه الحرب سيشكل منظومة القيم العالمية، ويحدد طبيعة أمننا وأسلوب حياتنا لفترة طويلة قادمة، وعلى امتداد القرن الحادي والعشرين.
&
مصلحة استراتيجية&
&
وتابع العاهل الهاشمي: تجمعنا اليوم مصلحة استراتيجية أساسية تتمثل في ضرورة انتصار التحالف الدولي في سوريا والعراق؛ فالقضاء على عصابة داعش الإرهابية في هذين البلدين يتطلب تكاملا في جهودنا، وهو الأمر الذي يمثل أولوية في منطقتنا. ومع ذلك، فإن الانتصار في هذه الحرب من أجل المستقبل يتطلب منا أن نبذل المزيد. وعلينا أن نعترف أن هذه العصابة ليست سوى جزء من تهديد عالمي أكبر.
&
وحذر من أن الدول الفاشلة، والفوضى في مناطق النزاعات، والانقسامات الطائفية تشكل أرضية خصبة لانتشار وباء الإرهاب والتطرف. وهذا الوباء يحرض على العنف والوحشية، التي لا تقف عند حدود الدول، فهو يستقطب عناصره المغرر بهم من جميع أنحاء العالم. ونعلم، نحن المجتمعين في هذا المؤتمر اليوم، أكثر من غيرنا أنه ليس هناك أي منطقة في العالم، لا يستهدفها شر هذا الوباء.
&
نهج شمولي
&
ودعا الملك الأردني مجددا إلى أهمية اتباع نهج شمولي، إذ لا يمكننا أن ننجح فقط من خلال التركيز على القضاء على عصابة داعش في سوريا أو العراق، بينما هناك مجموعات إرهابية تابعة لها تعزز وجودها في أفريقيا وآسيا. لقد حان الوقت فعلا لنرتقي إلى مستوى جديد من العمل الدولي، الذي يتطلب منا جميعا توجيه مواردنا، وتنسيق الأدوار والمسؤوليات في ما بيننا، وتوحيد جهودنا العسكرية والأمنية.&
&
ونبه إلى أنه "يجب على بلداننا والمؤسسات الدولية العمل بشكل جماعي، وكتحالف دولي بكل ما تحمله الكلمة من معنى"، وقال ومن هنا "تقع علينا، نحن العرب والمسلمين، مسؤولية وواجب تصدر جهود محاربة الخوارج، فهذه حرب لحماية ديننا الحنيف، وقيمنا، ومستقبل شعوبنا في النهاية".
&
شراكات دولية
&
ودعا العاهل الأردني إلى إقامة شراكات دولية واسعة لمحاربة الإرهاب، لأن الموضوع عالمي الطابع من حيث اتساع مداه. فجميع الشعوب مهددة من فكر هؤلاء الخوارج، القائم على العنف وازدراء قيمة الحياة البشرية. ولمواجهة هذا التهديد، يجب على دولنا أن تلتزم وتتمسك بالأفكار التي توحدنا في هذه الحرب، وهي إنسانيتنا، وسعينا لإيجاد حلول سياسية، وإيماننا بأهمية العدالة العالمية.
&
اللاجئون السوريون&
&
وقال الملك عبدالله الثاني إن أزمة اللاجئين السوريين تعد قضية ملحة تستحق الاهتمام، فهي من أكبر المآسي الإنسانية في عصرنا، وقد رأينا آثارها على شواطئنا وحدودنا. والأردن هو الأكثر تأثراً بهذه الأزمة، إذ يقابل كل خمسة من أبناء وطني، سوري يستضيفه بلدنا الآن.
&
كما يجب على عالمنا أن يوحد جهوده على المسار الدبلوماسي. فالقتل في سوريا يجب أن يتوقف إذا أردنا أن نمضي قدما نحو حل سياسي للأزمة هناك، يحمي استقلال ووحدة سوريا، ويمكن الشعب السوري من العيش بكرامة والتمتع بالحقوق التي يستحقها. إن التوصل لهذا الحل السياسي هو المفتاح لنكسب هذه الحرب، وهو ما سيمكننا من تركيز جهودنا على التهديد العالمي للإرهاب.
&
خطوات مهمة&
&
وقال الملك عبدالله الثاني: هناك خطوات رئيسة أخرى يجب علينا اتخاذها مجتمعين، ومنها دعم الحكومة العراقية في جهودها لتحرير المدن والقرى من سيطرة عصابة داعش الإرهابية، وهو أمر يتطلب دعم خطوات جادة نحو تحقيق المصالحة الوطنية في العراق، إذ لا ينبغي أن نسمح باستغلال الاختلافات الطائفية والدينية لتنفيذ أجندات سياسية أو كسب النفوذ والسلطة.
&
كما لا يمكن للمجتمع الدولي الحديث عن الحقوق والعدالة العالمية، فيما يستمر حرمان الفلسطينيين من حقهم في إنشاء دولتهم! لقد أدى هذا الفشل إلى حالة من الظلم والقهر، يستغلها داعش وأمثاله من العصابات الإرهابية. لقد دفع عالمنا كله ثمن ذلك. إن ترك الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي، دون حل، سيحوله إلى صراع ديني على نطاق عالمي. وهي مسألة وقت فقط، قبل أن نواجه احتمال اندلاع حرب جديدة في غزة أو في جنوب لبنان، لذلك، يبقى حل الدولتين الأولوية لنا جميعا.
&
تحديات البلقان
&
وتحدث العاهل الأردني إلى أمور تتعلق بأوروبا تحديداً. وقال إن لأوروبا مصلحة، بالتأكيد، في دعمنا كجيران لها على الجانب الآخر من البحر المتوسط. ومن الضروري أن لا نتجاهل أيضا التحديات التي تواجهنا في منطقة البلقان، والتي تستحق دولها، ذات الأغلبية المسلمة، دعمنا لاستباق خطر التطرف.
&
إن هذه الدول هي جبهة لأوروبا في مواجهة التطرف وهي خط دفاعكم الأول، فلا شيء يمكن أن يكون أكثر تكلفة عليكم من تنامي عدم الاستقرار والتطرف في منطقة البلقان. ومن الأهمية بمكان قطع الطريق وسد جميع المنافذ أمام المتطرفين ممن يسعون إلى زرع الفرقة والانقسام في ذلك الجزء من قارتكم. كما أن أحد أبرز التحديات اليوم يكمن في قدرة البعض، ممن يستغلون الدين كغطاء للترويج لأجندات سياسية في دول البلقان لا تخدم مصالح أوروبا. وهو أمر يجب أن نعمل معا لمنعه.
&
ودعا العاهل الهاشمي من منبر مؤتمر ميونيخ للأمن إلى الانفتاح على دول البوسنة والهرسك والبانيا وكوسوفو "يجب أن تكون هذه الدول، إضافة إلى دول أخرى في منطقة البلقان، جزءا رئيسا من تكوين أوروبا، وإحدى دعائم أمنكم وازدهاركم، ونماذج للتعايش والاعتدال والتسامح، وليكونوا بذلك الجبهة المدافعة عن استقراركم في أوروبا".
&
وأعرب عن أمله في أن يتمكن مؤتمر ميونخ للأمن من معالجة هذا التحدي، حتى لا نجد أنفسنا مجتمعين مجددا، بعد عدة سنوات، لمناقشة تهديدات كان بإمكاننا استباقها ومنع حدوثها.
&
وختم الملك عبدالله الثاني كلمته بالقول: إنكم، كقادة على مستوى بلدانكم والعالم مجتمعون هنا، تعلمون أكثر من غيركم طبيعة ما نواجهه من تحديات. وأنتم من يستطيع مساعدة بلداننا، وعلى أحسن وجه، للعمل معا ومواجهتها. وإن لم نتصرف الآن، فإن الأخطار ستتعاظم؛ وإن لم ننسق جهودنا، فسوف نخسر المزيد من فرص النجاح.
&
لقاءات&
&
وعلى هامش مؤتمر ميونيخ للأمن عقد الملك عبدالله الثاني عقد لقاءات منفصلة مع عدد من رؤساء الوفود والمسؤولين المشاركين في المؤتمر.
&
فقد اجتمع مع كل من مبعوث الأمم المتحدة والجامعة العربية إلى سوريا ستيفان دي مستورا، ورئيس إقليم كردستان العراق مسعود بارزاني، ووزير الدفاع الإسرائيلي موشيه يعلون، حيث جرى تناول تطورات الأوضاع على الساحتين الإقليمية والدولية.
&
وأكد الملك خلال اللقاء مع دي مستورا ضرورة التوصل إلى حل سياسي شامل للأزمة السورية، ينهي دوامة العنف ويحفظ وحدة سوريا أرضا وشعبا، ويحد من تداعيات الأزمة. كما شدد على ضرورة دعم المجتمع الدولي للدول المتأثرة بأزمة اللجوء السوري، وفي مقدمها الأردن.
&
وتطرق اللقاء إلى مخاطر الإرهاب وعصاباته المتطرفة على منظومة الأمن والسلم في المنطقة والعالم، وأهمية التصدي لهذا الخطر ضمن استراتيجية شمولية وجهد تشاركي من قبل مختلف الأطراف المعنية إقليما ودوليا.
&
لقاء بارزاني
&
وتناول لقاء العاهل الأردني مع رئيس إقليم كردستان العراق التطورات التي تشهدها الساحة العراقية، والتأكيد على أهمية دعم الجهود الرامية لدحر عصابة داعش الإرهابية.
&
وشدد الملك، خلال اللقاء، على دعم الأردن لكل ما يصب في تعزيز أمن واستقرار العراق وشعبه.كما جرى بحث تطورات الأوضاع في المنطقة، وعدد من القضايا الإقليمية.
&
وفي اللقاء مع وزير الدفاع الإسرائيلي، تم بحث العلاقات بين البلدين، وتطورات الأوضاع في المنطقة، وسبل إحياء مفاوضات السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
&
&

&