يبدو ان اسبانيا تذهب ابعد من السابق في مجال محو آثار فترة حكم الجنرال فرانسيسكو فرانكو، الدكتاتور الذي حكم البلاد ابتداءا من ثلاثينات القرن الماضي حتى عام 1975 وكان حليفًا لهتلر ولموسوليني.&

إعداد ميسون أبو الحب: قبل سنوات، ما كان يمكن تخيل ان يحمل شارع في العاصمة الاسبانية مدريد اسم شخصية نقابية عرفت بانتمائها الى الفكر الفوضوي. لكن هذا ما حدث قبل اسبوعين عندما وافق مجلس بلدية مدريد بالاجماع على منح احد شوارع العاصمة اسم ميلخور رودريغيز غارسيا المعروف ايضا باسم الملاك الاحمر.&
&
لم يحدد المجلس أيًا من الشوارع سيحمل الاسم الجديد، غير ان المتوقع ان يكون شارعا له علاقة بتاريخ الجنرال فرانكو وممارساته، وبالنتيجة سيتم تغيير اسماء 35 شارعا في مدريد خلال هذه السنة والسنة المقبلة لتعبر عن الجانب التعددي والديمقراطي والمنوع في المدينة، مع اعطاء مساحة كافية للنساء الغائبات حاليًا عن خارطة مدريد والمنسيات بين ضحايا الدكتاتورية.&
&
&
نسيان بلا تنفيذ
&
وكان حكم فرانكو قد انتهى منذ اكثر من اربعين عاما، غير ان الملاحظ هو ان الحزبين الرئيسيين اللذين حكما البلاد منذ عودة الديمقراطية في عام 1975، وهما الحزب الشعبي اليميني والحزب الاشتراكي، لم يفعلا الكثير لتنفيذ اتفاق غير مكتوب بضرورة نسيان الماضي الذي بدأ منذ الحرب الاهلية التي دارت بين 1936 و 1939 وطي صفحة وفتح صفحة جديدة في حياة اسبانيا.&
&
صحيح ان اسماء شوارع عديدة تم تغييرها وتمت ازالة العديد من النصب والتماثيل الخاصة بفرانكو منذ ذلك التاريخ، غير ان الامر لم يذهب بعيدا بما يكفي، لأن في مدريد تماثيل اخرى عديدة ما تزال موجودة وهي تشير الى فترة الدكتاتورية، ولان في اسبانيا ايضا جهات ما تزال تعارض اي توجه نحو محو الماضي ودفنه بشكل كامل.
&
ويقول مراقبون إن مؤيدي فرانكو ما يزالون موجودين، وهم يتابعون ما تفعله الحكومة والقرارات التي تتخذها وعادة ما يعبرون عن معارضتهم ورفضهم بعض القرارات والتحركات. فمثلا أقرت حكومة خوزيه رودريغيز زاباتيرو الاشتراكية في عام 2007 ما يدعى بقانون الذاكرة التاريخية ويقضي بتنفيذ خطوات اكثر للتخلص من آثار فرانكو، غير ان القانون لم ينفذ إلا بشكل جزئي جدًا حتى الان.&
&
&
مطالب جديدة
&
بعد الانتخابات الاخيرة فقد الحزبان الرئيسيان نفوذهما المطلق على البلاد مع ظهور حزبين جديدين احدهما الحزب اليساري بوديموس. فيما ضخت هذه الاحزاب الجديدة نفسا آخر في المشهد السياسي، حيث طالب حزب بوديموس مثلا بمحاكمة المسؤولين عن الجرائم التي ارتكبت في فترة فرانكو وبفتح مقابر فترة الحرب وتفحص محتوياتها، بينما دعت جماعات اخرى الى تشكيل هيئة الحقيقة والمصالحة على شاكلة الهيئة التي تم تشكيلها في جنوب افريقيا بعد الغاء حكم الابارتايد.&
&
على اية حال، يبدو ان امام اسبانيا طريقًا غير قصير لنسيان فترة فرانكو وتجاوزها ومحو آثارها بشكل كامل، وذلك رغم كل التغييرات التي اجريت حتى الان. علما ان هذه التغييرات لا تشمل مدريد فحسب، إذ ازيل اسما جنرالين من اعوان فرانكو من شارعين في بلدة نيرخا في منطقة كوستا ديل سول المعروفة بأنها انجبت عددًا من كبار المتحلقين حول فرانكو. وهذان الجنرالان كانا قد ارتكبا مجازر بحق الاف المدنيين ثم امضيا حياة كريمة ومترفة تحت ظل فرانكو، فيما رأى مراقبون ان ازالة اسمي هذين الجنرالين امر يستحق التوقف عنده، لانه يعطي املا بأن اسبانيا ستصل في احد الايام الى محو آثار تلك الفترة بالفعل.&

&