ثمة هوة تفصل بين الديموقراطي بيرني ساندرز "الاشتراكي" المعلن، والجمهوري دونالد ترامب، قطب العقارات الليبرالي، إلى أقصى الحدود، غير أن كليهما تمكنا من إعطاء زخم لحملة السباق إلى البيت الأبيض بفوزه في الانتخابات التمهيدية في ولاية نيوهامشير.


&

واشنطن: يبقى أن هناك قاسمًا مشتركًا بينهما، وهو أن حملتيهما تزدهران من دون دعم لجان العمل السياسي "سوبرباك"، التي تدعم خصومهما بملايين الدولارات من الأموال الخاصة، ما يعزز صورتهم كمرشحين راضخين لمموليهم الأثرياء.

لم يفت كلّ من ساندرز وترامب أن يجعلا من هذه النقطة حجة لا تقبل النقض في حملتهما الانتخابية، فأعلن السناتور ساندرز "أنه نظام يقوّض الديموقراطية الأميركية، حيث يتمكن أصحاب مليارات ووول ستريت وأوساط الأعمال من صرف مبالغ مالية غير محدودة (...) من أجل مرشحين"، في حين جمع ساندرز تمويله، البالغ 75 مليون دولار، من مساهمات ناخبين يقارب متوسطها 27 دولارًا على حد قوله.
&
أما منافسته لنيل الترشيح الديموقراطي هيلاري كلينتون، فهي أيضًا جمعت أموالا طائلة من ممولين افراد ضمن السقف القانوني المسموح به، وقدره 2700 دولار للشخص، لكن عليها ان تواجه اتهامات بالتواطؤ مع وول ستريت.
&
ومع احتدام المنافسة، تستهدف الانتقادات الموجهة الى كلينتون لجنة العمل السياسي، الداعمة لها، ولو انه من المفترض مبدئيا الا يكون للمرشحة تأثير مباشر عليها، وقد تمكنت من جمع حوالى 41 مليون دولار، اكثر من نصفها مصدره القطاع المالي، ومن بين المساهمين فيها المستثمر الثري جورج سوروس، الذي قدم وحده سبعة ملايين دولار، بحسب بيانات مركز "سنتر فور ريسبونسيف بوليتيكس".
&
نظام "فاسد"&
من الجانب الجمهوري، يعلن دونالد ترامب ايضا انه يرفض ان "يسيطر" عليه مانحون يتهمهم بنشر "الفساد" في النظام السياسي. وهو يمكنه اتخاذ مثل هذا القرار في ظل ثروته الشخصية المقدرة بـ4.5 مليارات دولار.
&
اما خصومه الجمهوريون، فيعوّلون على لجان سوبرباك، التي ظهرت عام 2010، والتي لا تلتزم باي سقف لتمويلها، وهم يستفيدون من الالغاء التدريجي للقيود المفروضة على التمويل السياسي من الشركات.
&
وتمكنت لجنة "رايت تو رايز" (الحق في النهوض) الداعمة للجمهوري جيب بوش من جمع 118 مليون دولار لتمويل حملات اعلانية وبريدية، من دون ان تتمكن من تعزيز موقع بوش المتأخر في استطلاعات الرأي.
&
وقال المسؤول السابق في اللجنة الانتخابية الفدرالية لورنس نوبل لوكالة فرانس برس ان "المال لا يمكن ان يعوّض عن ثغرات مرشح سيئ، لكنه يسمح بابقائه في السباق، في وقت كان يفترض ان يخرج منه".
&
نتيجة الانتخابات نفسها يمكن ان تكون على المحك. وقال المستشار السابق للرئيس باراك اوباما في المسائل الاخلاقية نورمان ايسن لفرانس برس "حين تكون المنافسة شديدة، ويكون لكل صوت وزنه، فان لجان سوبرباك يمكن ان تحدث فرقا".

شبهات معممة&
في ما عدا استثناءات نادرة، لا تساهم الشركات بصورة مباشرة في هذه اللجان. واوضح بوب بيرساك من مركز "سنتر فور ريسبونسيف بوليتيكس" لوكالة فرانس برس "انها لا تريد ان تظهر على انها مقربة جدا من حزب معيّن، خشية اثارة استياء زبائنها وعملائها".
&
والواقع ان قادة الشركات او المقربين منهم هم الذين يقدمون الاموال. وهكذا قدم رئيس مجموعة "اوراكل" للمعلوماتية لورانس ايليسون 3 ملايين دولار للجنة تدعم المرشح الجمهوري ماركو روبيو، في حين قدم قطبا النفط في تكساس الشقيقان ويلكس 15 مليون دولار للمرشح الجمهوري تيد كروز.
&
بعض الممولين تحركهم دوافع محض ايديولوجية، في حين يقدم البعض الآخر الاموال على امل كسب مكانة خاصة لدى الرئيس المقبل للولايات المتحدة.
وقال بيرساك ان "المرشح على اطلاع كامل بهوية كبار مموليه، وغالبا ما يقضي وقتا معهم، وهذا يقود الى قيام علاقة مميزة".
&
غير ان هذا التقارب له كلفة سياسية. وقال نوبل ان المرشح "يقوّض مصداقيته حين يقبل هذه المبالغ المالية الطائلة من قادة (اعمال). فان قراراته، وحتى التي تستند منها الى الاسس الاكثر متانة، سينظر اليها على الدوام بتشكيك".
&
هذا ما ينعكس على ما يبدو على هيلاري كلينتون. وقالت مدافعة عن نفسها بشأن العلاقات التي تنسب اليها مع مصرفيي وول ستريت "اذكروا امرا واحدا كان لهم تأثير عليّ فيه. انني اهاجمهم يوميا".
&
غير ان الشبهات المعممة يصعب تبديدها، وهي تتغذى من نقاط الغموض في آلية التمويل. ومن نقاط الغموض هذه الامكانية المتاحة للشركات لتمويل منظمات غير ربحية، مثل غرفة التجارة الاميركية وجمعية "اميريكانز فور بروسبيريتي" وسواهما، بصورة مباشرة وفي غياب اي شفافية، وبعدها تقوم هذه المنظمات بضخ ملايين الدولارات في النظام السياسي.
&
وقال ايسن ان "لجان سوبرباك امر سيئ، لكن هذه المنظمات اسوأ". ومن هذه المنظمات "كروسرودز جي بي اس" التي يقدر حجم المبالغ التي قدمتها في انتخابات 2012 بحوالى 72 مليون دولار من غير ان تكشف هوية مساهميها. ولم تشأ اي من المنظمات الرد على اسئلة وكالة فرانس برس.
&