تباينت مواقف العراقيين من توجّه رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي إلى إجراء تغيير وزاري جوهري، لكنها عبرت في معظمها عن إحباط من امكانية تغيير الاوضاع والعمل على حل أزمات البلاد الحالية، معتبرين توجهه هذا، فرصة أخيرة له للبقاء في السلطة.


عبد الجبار العتابي من بغداد: في استقصاء قامت به "إيلاف" لمواقف نواب وسياسيين وأكاديميين ومواطنين حول رأيهم في إمكانية نجاح حيدر العبادي في توجهه لتنفيذ اصلاحات حقيقية يتطلع لها الشعب العراقي من اجل تخليص بلدهم من الازمات التي تضربه ومن الفاسدين الذين يعبثون بأموالهم ومقدراتهم، اعتبر البعض ان كلام رئيس الوزراء مجرد محاولات لخداع الشعب او تخديره، مشيرين الى انه ينتمي الى الطبقة السياسية ذاتها التي دمرت العراق طوال 13 عاما، فيما قال اخرون انهم لا يريدون من التغيير الوزاري الا العيش بأمن واستقرار ورفاه بعيدا عن سرقات اللصوص من المسؤولين.

وكان رئيس الوزراء حيدر العبادي قد طلب في كلمة متلفزة الثلاثاء الماضي تعاون البرلمان معه لإجراء تغيير وزاري جوهري من خلال ضم شخصيّات مهنية من الاكاديميين والتكنوقراط الى التشكيلة الوزارية الحالية من اجل عبور ما وصفها بالمحنة.

التوقيت خاطئ

عضو مجلس النواب العراقي محمد سعدون الصيهود عن ائتلاف دولة القانون برئاسة رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، اكد ان التغيير الان صعب لانه ليس في توقيته الصحيح.

يقول: "أجرينا مقارنة بسيطة مع ظروف المرحلة السابقة التي دعته فيها المرجعية الدينية الى القيام بالإصلاحات وطالبته بالاسم وكانت الجماهير المتظاهرة داعما قويا له من اجل الاصلاح، فكان هناك دعم كبير من المرجعية والجماهير، لكن اليوم لا يوجد مثل هذا الدعم سواء من المرجعية او الشعب وحينها كانت الكتل السياسية تتعرض للضغوطات وما كان لاي كتلة ان تعترض او تقف بوجه الاصلاحات التي يريد ان يذهب اليها الان".

أضاف: "الكتل السياسية اليوم حديثها واضح وهو انه (لا بد للعبادي ان يأخذ رأينا) وهذا يعني انهم لا يقبلون بإصلاحاته ، لذلك اقول ان التوقيت خاطئ... بتقديري ان التغيير الوزاري الذي يطالب به العبادي صعب لان من اجل تحقيقه لابد له ان يحصل على تفويض من الكتل السياسية وبما انه طلب منها هذا التفويض فإنها لن توافق لان التغيير يتعارض مع مصالحها".

وختم بالقول: "أمام العبادي خياران اما ان يشكل الحكومة التي يريدها ويرمي الكرة في ملعب البرلمان والكتل السياسية واما ان يكشف امام الشعب العراقي الذين يعرقلون الاصلاحات".

لا جدية في التغيير

يؤكد عضو مجلس النواب لقاء وردي عن اتحاد القوى الوطنية السنية ان دعوة العبادي لتغيير جوهري في الحكومة دعوة مستهلكة.

تقول: "ليست جديدة من العبادي الذي نسمع له منذ سنة انه سيحارب الفساد وسيلاحق المفسدين، ولكنه الى حد الان لم يضرب أي فاسد ولم يلاحق أي مفسد، لذلك انا ارى ان هذه الدعوة مستهلكة وغير حقيقية".

تضيف: "سبق لرئيس مجلس الوزراء ان قام بترشيق المناصب غير المهمة خلال المرحلة السابقة ووزع مهامها على الوزارات الاخرى ولا ادري اذا ما كان التغيير الذي دعا اليه سيكون كذلك، لذلك لا ارى انه جاد فيه".

آخر فرصة للعبادي

عضو مجلس النواب عبد الرحمن اللويزي عن كتلة "وطنيون"، يؤكد ان هذه الفرصة هي الاخيرة للعبادي.

وقال: "العراقيون وبصفتي أحدهم يريدون أن يكون التغيير حقيقياً وليس عملية (تدوير) وإعادة إنتاج للوجوه نفسها&ويجب أن يستند التغيير الى معايير المؤهل العلمي والكفاءة والخبرة والاختصاص، اعتقد ان على العبادي ان يكون جادا هذه المرة وإلا سيضيع آخر فرصة حقيقية لنجاحه".

دعوة متأخرة ولكن

من جهته، اكد النائب حسن سالم رئيس كتلة (الصادقون) النيابية ان التغييرات تحتاج الى مهنية عالية وضرورة اخراج البعثيين والمفسدين من مفاصل الدولة.

وقال: "اولا ان خطوة العبادي في اجراء تغيير جوهري جاءت متأخرة خاصة ان البلد يعاني أزمة اقتصادية وعجزا في الموازنة، وكان من المفترض ان تشكل حكومة تكنوقراط في بادئ الأمر، ولاسيما ان هنالك ضوءا اخضر من المرجعية الدينية والشارع العراقي، لكن رئيس الوزراء لم يستثمرها بالشكل الأمثل".

واضاف: "التغيير الجوهري الذي نادى به العبادي يحتاج الى دراسة مستفيضة والاصلاحات الحقيقية تحتاج الى مهنية عالية ، ويجب أن يتم اخراج البعثيين والفاسدين من الحكومة، لاسيما اننا نشهد الكثير من الخروقات على الجبهتين الداخلية والخارجية الموبوءة والمرتبطة بأجندات خارجية".

ضحك على الذقون

تؤكد مستشارة رئيس مجلس النواب عذراء عبد الامير أنّ التغيير المزعوم "ضحك على الذقون".

تقول: "في اعتقادي ان دعوة رئيس الوزراء الى تغيير جوهري هي ضحك على الذقون، سيحدث دمج ثانٍ للوزارات دون أي فائدة تذكر والدمج عبارة عن اخراج شخص معين باسم وزير واعطائه الراتب نفسه والموظفون يدمجون، العراقيون يريدون اسماء جديدة لاناس ذوي اختصاص وشهادة عالية وخبرة في المجال من اجل ان يتبوأ منصب الوزير ولاينتمي الى كتل سياسية".

وتابعت: "للاسف فقد الشعب الثقة بالتغيرات التي تتزعمها الحكومة وذلك نتيجة تراكمات وتجارب سابقة فلم ولن نلمس من التغيرات الا (دمج) وزارة مع اخرى والدمج عبارة عن اخراج شخص وزير والاستمرار باستلامه راتبه السابق والموظفون يدمجون مع موظفي الوزارة الاخرى وستزداد البطالة المقنعة، فهل هذا هو التغيير، انني شخصيا لا اسمي ذلك تغييرا بل (ضحكا على الذقون).

القضاء على الفساد

يؤكد عمار منعم، مستشار في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، ان التغيير فرصة أخيرة للعبادي.

يقول: "ما يريده العراقيون من التغيير الوزاري ان يكون حقيقيا ويؤدي الى نتائج ايجابية تنقل البلاد من واقعها الحالي الى واقع افضل اهمها القضاء على الفساد ومحاسبة الفاسدين وتوفير الخدمات للناس، وهذا بالتأكيد لا يأتي الا عن طريق تشكيلة حكومية من الشخصيات الكفوءة، وعلينا ان نعي ان العبادي انتبه الى ذلك بعد ان سحبت المرجعية الدينية يد الدعم من الحكومة لانقاذ ما يمكن انقاذه".

يضيف: "الكتل السياسية لن تستسلم وسوف تبدي مقاومة لمواجهة قرار العبادي ولكن الحل الاخير بيده لان الازمة التي يمر بها العراق خانقة ولا يمكن تجاوزها من دون برامج عمل صحيحة وجرأة في اتخاذ القرارات ومواجهة الصعوبات والتحديات بقوة بالاعتماد على الشعب كما يجب ان لا يكون التغيير تغيير وجوه بل تغييرا جذريا للسياسة العامة التي ستجعل المرجعية تعود الى تأييده وكذلك الجماهير".

وتابع: "اعتقد ان العبادي جاد في محاولته للتغيير الجوهري والاصلاح لانها فرصته الاخيرة فقد بلغ السيل الزبى من الازمات والسلبيات وعليه لابد من تغيير حقيقي والا فالسفينة ذاهبة الى الغرق".

العبادي طبيب في تخدير الجماهير

من جهته، يؤكد الدكتور أثير محمد شهاب، استاذ في جامعة بغداد ان الاصلاحات كذبة.

ويقول: "حيدر العبادي متورط في الفساد وهو غير صادق، وكل ما يسعى له هو الافادة من الوقت لخداع العراقيين".

واضاف: "خير ما يمكن قوله ما سمعته من طالبة متميزة ضمن الصفوف التي ادرسها حيث قالت: الإصلاحات ضمن المفهوم النحوّي تُعرب ضميراً مُستتراً بلا أدنى تقديرٍ حتى ! وهي اجابة تمثل وعي الشاب العراقي بما يحدث في مستقبل هذا البلد المظلوم".

وتابع: "سبق لي ان حضرت في مجلس وكان العبادي حينها نائبا وادركت لحظة تسلمه منصب رئيس الوزراء ان البلاد تسير الى الهاوية، انه طبيب في تخدير الجماهير ودكتور في تهديم مستقبل البلاد ويمكنني القول انه كذاب كذاب ومتورط مثلهم !

الشجاعة او الاستقالة

اما الدكتور اكرم الربيعي وهو ‏‏رئيس مركز استشاري للبحوث والدراسات‏‏‏، فقد أكد ضرورة ان يكون العبادي شجاعا.

وقال: "يجب ان لا يكون التغيير الوزاري المرتقب اذا حصل مجرد تغيير شخوص ،بل المطلوب ان يكون التغيير جادا في انعكاس فائدته للناس واذا كان التغيير باستقدام اهل الاختصاص وليس كما حصل اي من حصص الكتل السياسية فان فائدته ممكنة".

واضاف: "لكنني لا اعتقد ان الكتل السياسية ستقبل بالتغيير ،لا أعتقد ذلك والاسباب معروفة، اما ما الذي سيفعله العبادي في هذه الحالة، فاعتقد انه سيكون أمام خيارات متعددة اما ان يكون شجاعا ويعلن أمام الشعب بالأسماء من يعرقل مشروعه أو يعلن استقالته أو يخضع لهم".

لا يمتلك الجرأة

الى ذلك يؤكد عبد السلام كاظم، وهو سائق سيارة اجرة، انه كمواطن بسيط يريد ان يكون العبادي قويا وينقذ العراق من وضعه السيئ.

يقول: "مللنا الازمات والمشاكل مثلما مللنا من الذين يسمون انفسهم قادة وهم لا يفكرون الا في مصالحهم الشخصية والحزبية وجعلوا العراق الغني فقيرا لانهم سرقوه، لا اعتقد ان العبادي قادر على تغيير شيء لانه لا يمتلك الجرأة ولانه واحد من الثلة التي تسرق فلا يمكنه ان يكون مختلفا عنهم لانهم سيفضحونه، لذلك اعتقد ان ما يقوله مجرد محاولة منه لخداع الشعب العراقي وفي الاخير يرمي الاسباب على الاخرين".

التغيير نكتة

يصف محمد علي عباس، موظف، دعوة العبادي للتغيير بأنها"نكتة بايخة"، ويتابع: "وقفت المرجعية الدينية معه وقالت له اضرب بيد من حديد ولم يفعل شيئا وفوضه الشعب لاجراء الاصلاحات ولكنه لجأ الى ترقيعات، والان يريد ان يقوم بتغييرات جوهرية بعد ان تخلت عن المرجعية والشعب".

واضاف: "الشعب يريد ان يكون العراق معافى وان يكون خيره لابنائه ويعيش العراقيون بسلام ولا فقير فيه ولا محتاج ، لكن الحكومة الفاشلة هي سبب هذا التردي ونحن نسمع عن فساد يجنن العاقل،السياسيون يدعون التقوى والايمان وكلهم لصوص".

وتابع: "انا اشعر باليأس الا اذا قام الشعب من نومه وثار على الفاسدين لانه لا العبادي ولا غيره من السياسيين الحاليين سيفعلون شيئا لصالح البلد".