أكدت السعودية نشر طائرات حربية في قاعدة أنجرليك التركية، بهدف تكثيف العمليات ضد داعش. وترافق التصريحات عن احتمال شنّ البلدين عملية برية ضد التنظيم في سوريا، تحذيرات روسية واضطراب في الموقف الأميركي.

علي الإبراهيم: أدى وصول طائرات سعودية يوم السبت إلى قاعدة إنجرليك التركية، جنوب البلاد، الى استنفار موسكو بأسطولها الجوي في الساحل السوري. ففي الوقت الذي كانت فيه طائرات سعودية تحط رحالها في القاعدة التركية كان سرب من الطيران الروسي يحلق فوق شمال سوريا.

وتزامن ذلك مع قصف سلاح المدفعية الثقيلة، التابع للجيش التركي، مواقع لوحدات حماية الشعب الكردي التي سيطرت على بلدات قريبة من الشريط الحدودي. الساعات الماضية وما حملته من أنباء واردة من جنوب تركيا ومن قبلها تصريحات الرياض، تبدو وكأن صراع الشرق الأوسط دخل مرحلة مختلفة عن سابقاتها.

هذه التطورات الميدانية جاءت بعدما كشفت تقارير صحفية تركية صباح السبت عن وصول مقاتلات حربية وفرق تقنية سعودية لقاعدة إنجيرليك في مدينة أضنة، سبقه تصريح صحفي لوزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو أن "المملكة العربية السعودية أعلنت عزمها التصدي لتنظيم داعش"، في وقت أكد فيه وزير الخارجية السعودية عادل الجبير ان "بشار الأسد لن يحكم سوريا في المستقبل، وأن التدخلات العسكرية الروسية لن تساعده على البقاء في السلطة". وأضاف "قد يستغرق الأمر ثلاثة أشهر وقد يستغرق ستة أشهر أو ثلاث سنوات، ولكن لن يتولى المسؤولية في سوريا فترة أطول".

الإطاحة بالأسد وداعش

ووفقًا لمصادر مطلعة من المعارضة السورية المسلحة، فإن السعودية&وتركيا أجرتا محادثات على مستوى عالٍ بهدف تشكيل تحالف عسكري للإطاحة بنظام الأسد، والتصدي لتنظيم داعش من خلال قوات برية، وشن غارات جوية لترجيح كفة مقاتلي المعارضة السورية المعتدلة ضد نظام الأسد وداعش.

وتعتبر السعودية وتركيا أن الإطاحة بنظام الأسد أمر ضروري لإنهاء الحرب الدائرة في سوريا وتنتقدان بشدة دعم إيران وروسيا للنظام.

تعقيبًا، يقول الضابط المنشق عن قوات النظام محمد صطيف لـ "إيلاف" إن الخليجيين يسعون للضغط على قوات النظام السوري وحلفائه بهدف تحقيق تقدم في المفاوضات. يضيف: «يدرك الخليجيون& والاتراك جيدًا أن الدفع بالمفاوضات قدمًا لا يحصل ما لم تحقق قواتهم تقدمًا على الارض وتعزيز القدرة الميدانية للثوار السوريين".

غموض أميركي

إعلان السعودية استعدادها إرسال قوات برية إلى سوريا كشف اضطرابًا في موقف واشنطن من الحرب على داعش والنظام السوري، وفق مراقبين.& فقد أكد الرئيس الأميركي باراك أوباما في قمة دول العشرين التي عقدت في تركيا في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي أن "من الخطأ إرسال قوات برية لمحاربة داعش، وإن إرسال 50 ألف جندي إلى سوريا لن يحل المشكلة".

لكن وزير الدفاع الأميركي آشتون كارتر رحب بتصريحات وزير الخارجية السعودي خلال لقاء جمعه بنظيره الأميركي جون كيري استعداد الرياض لإرسال قوات برية إلى سوريا لمحاربة داعش إذا قرر التحالف الدولي الإقدام على تلك الخطوة.

وجاءت تصريحات الجبير بعد أيام من إعلان مماثل صدر عن العميد أحمد عسيري، المستشار بمكتب وزير الدفاع السعودي والمتحدث باسم قوات التحالف العربي في اليمن. أما كيري فاكتفى بالترحيب بالتزام المملكة بمحاربة داعش، مشددًا على التزامها بالحوار لحل مشكلات المنطقة.

هذا الترحيب الأميركي المرتبك قابلته تهديدات إيرانية وتشكيك روسي بالهدف السعودي من الدخول البري إلى سوريا. فقد رأى متحدثون إيرانيون أن دخول قوات سعودية إلى سوريا "سيكون بمثابة انتحار"، وشكك آخرون في قدرتها على الإقدام على مثل هذه الخطوة. وقالت موسكو إن إرسال تلك القوات يرمي للإطاحة بنظام الأسد.

تركيا دعم وانتقاد

وبشكل عام تدعم تركيا الإطاحة باﻷسد، ولكن دائماً ما تقول بأنها كدولة غير عربية، فهي غير مستعدة للقيام بدور أكبر في سوريا دون تدخل موسع من السعودية. وكانت تركيا قد انتقدت قوات التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة بسبب توجيه الضربات ضد أهداف "داعش" وعدم توجيه ضربات للنظام السوري.

ويرى الصحافي محمود نابي المهتم بالشأن التركي أن: "الموقف التركي يؤيد منذ البداية التدخل العسكري البري في سوريا للقضاء على تنظيم داعش ونظام الأسد، إضافة الى حزب الاتحاد الديمقراطي الذي ترى فيه امتدادًا لمنظمة بي كي كي، التي ترى فيها تهديدًا على الأمن القومي التركي، الذي تعتبره من أشد أولوياتها، إلا أنها لا تود فعل ذلك بمفردها، إنما تحت مظلة قوات التحالف الدولي، وهذا ما أعلنه وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، في مؤتمر صحفي عقب قصف المدفعية التركية لمواقع حزب الاتحاد الديمقراطي بمحيط مطار منغ بريف حلب الشمالي، حين قال إن بلاده شددت منذ تأسيس التحالف الدولي أن القصف الجوي لن يكون كافيًا للقضاء على تنظيم داعش ونظام الأسد، ويجب أن يترافق بعملية برية تشارك فيها كافة دول التحالف، مشددًا على أن هذه المسألة لا تخص تركيا بمفردها أو السعودية وحدها". لافتًا إلى أن التطورات في سوريا تهدد الأمن القومي التركي"، ومشددًا على أن بلاده ستتخذ كافة التدابير اللازمة للتصدي لكافة التهديدات المحتملة على تركيا.

بدوره، قال القائد العسكري في أحرار الشام يوسف عبود إن "الأسباب التي تدفع تركيا والرياض للتدخل البري في سوريا هو التدخل العسكري الروسي السافر، الذي غيّر الكثير من موازين القوى على الأرض، وتسبب في كارثة إنسانية لم تعد تحتمل، ووحشية الأسد الذي بات لا يفهم سوى بلغة السلاح بعيداً عن المفاوضات التي فشلت".

طهران تتخوف

وأشار القائد العسكري في جيش الفتح محمد فيصل، إلى أن هناك تقارباً بين السعودية وتركيا بشأن الثورة السورية، مضيفاً أن إيران من المرجح أن تقدم مساعدات أكثر لإنقاذ الأسد وداعش من ضربة أصبحت وشيكة.

وكشفت التصريحات المتتالية عن قادة عسكريين في الحرس الثوري عن فزع إيراني يتملك طهران من إعلان السعودية استعدادها التدخل في سوريا. وسارعت إيران بإطلاق التهديدات ضد السعودية، وبنفس الوقت أعلنت على لسان قائد الحرس الثوري، محمد علي جعفري، عن عدم نية طهران لزيادة قواتها المقاتلة في سوريا إلى جانب نظام الأسد والميليشيات الموالية له.

أما نائب قائد الحرس، حسين سلامي، فقال في تصريحات الأحد، "حذرنا السعودية من مغبة التدخل في سوريا، وأنهم يعلمون أن المنطقة ستشهد أحداثًا مفجعة ومؤلمة إذا ما تدخلوا في سوريا".