يكشف تسجيل وثائقي لجماعة "جيش الإسلام" السورية المعارضة عن سقوط مبنى شديد التحصين يقع تحت الأرض وصمّم من أجل قيادة المعارك في كامل المناطق السورية. وتشير المقاطع التي بثها "جيش الإسلام" إلى مقرّ ضخم من 7 طوابق مجهّز بتكنولوجيا متطوّرة للغاية.


إسماعيل دبارة: نشر تنظيم "جيش الإسلام" أحد أبرز فصائل المعارضة السورية المسلحة في ريف دمشق، فيلمًا وثائقيًا مؤخرا، يعرض مجريات معركة "الله غالب" التي أطلقها منذ العام 2015.

ويوثق الفيلم مراحل معركة "الله غالب"، التي أطلقها الفصيل بزعامة قائده الراحل زهران علوش في أيلول 2015.

وقتل زهران علوش وعدد من معاونيه في غارة للطيران السوري في ريف دمشق.

واحتوى التسجيل المصور على مفاجأة غير سارة لنظام الأسد، فقد تمكن مقاتلو "جيش الاسلام" من دخول مقرّ "هيئة الأركان الاحتياطية" وفرع الأمن العسكري في "ضاحية الأسد" قرب مدينة حرستا.

يكشف الفيديو تفاصيل بناء وتحصينات قاعدة عسكرية هامة لقوات نظام الأسد بالقرب من ضاحية حرستا أو ما يسميها النظام "ضاحية الأسد"، كاشفا النقاب عن واحدة من المنشآت التي توضح جزءاً من الخفايا التي تحتضنها دمشق تحت أرضها، وربما تحت أراضي المدن الأخرى التي ما زالت قوات النظام تسيطر عليها، بحسب تقارير صحافية سورية.

يعرض "جيش الإسلام" في تسجيله مشاهد لعملية اقتحام "مبنى الأركان الاحتياطي" في أيلول/ سبتمبر الماضي والمبنى الذي شيّده النظام، يقع تحت أرض العاصمة السورية، ويضمّ طرقا وبنى تحتية وإضاءة، ما يجعل المبنى الضخم بمثابة مدينة تحت الأرض.

ويشرح "جيش الإسلام" في الفيديو، تركيبة مبنى الأركان الاحتياطي بالإشارة بداية إلى مهبط الطيران الموجود في عمق جبل يوفر له الحماية من الاستهداف، وهو من أهم مداخل المبنى، ويقول "الجيش" إن هذا المبنى هو "الأكثر تحصينا" ومن أهم المباني التي سيطر عليها مقاتلوه خلال معركة "الله غالب".

يتألف المبنى من 7 طوابق تمتد تحت الأرض، وتحتوي على عدد كبيرة من غرف القيادة، وله عدد من المداخل الرئيسية والسراديب وفتح النجاة الممتدة في عمق الجبل، وتتميز هذه المداخل بتحصينها الشديد، فضلاً عن أنها تمتد لمسافات طويلة مموهة المداخل، ويقول "جيش الإسلام" إن هذه المنشأة محصنة بشكل كامل ضد جميع أنواع الأسلحة.

وظهر مقاتلون من "جيش الإسلام" وهم ينزلون عبر فوهات تمتدّ تحت الأرض، حيث مبنى الأركان الاحتياطي، وقال "أبو سمير" وهو قائد ميداني شارك في معركة السيطرة على المبنى، إن "مقاتلي الجيش تفاجأوا بعد نزولهم تحت الأرض بإيجاد سرداب للسيارات، وطريق معبد مجهز بالإضاءة"، وبحسب القائد العسكري المعارض، فإن طول الطريق الذي يمكن عبوره بالسيارة يصل إلى 3 كلم، وتتخلله مخارج نجاة من اليمين والشمال.

وبدا واضحاً حجم التجهيز الكبير للمبنى من خلال كثرة أعداد المكاتب الموجودة فيه والتي تعود لضباط في قوات نظام الأسد، وأوضح القيادي "أبو سمير" أنه بعد تجولهم في المبنى تحت الأرض، وصلوا إلى أبواب خضراء ضخمة، وأشار إلى أنهم فتحوا 5 أبواب متتالية تفصل بينها مساحات صغيرة، وقال إن "هذه الأبواب معدة للتطهير الكيماوي". وبيّن القيادي أن المبنى كان معدا ليكون غرفة عمليات كاملة تدار منه المعارك في سوريا ككلّ، وليس معركة العاصمة فقط.

يظهر الفيديو بعضاً من مكاتب أرفع الضباط في مبنى الأركان الاحتياطي، منها مكتب القائد العام، وفيه يمارس عمله بالإضافة إلى وجود مكان للنوم وغرفة اجتماع كبرى قال "أبو سمير" إنها مخصصة "لضباط الصف الأول في جيش النظام"، فضلاً عن وجود منظومة اتصال تمكن القائد العام من الاتصال بأي فرع أمني في سوريا.

ورجح القيادي أن يكون مبنى الأركان الاحتياطي هو المبنى الثاني بعد مبنى قيادة هيئة الأركان في دمشق الموجود بالقرب من ساحة الأمويين، وأنه في حال سقط المبنى الأول يجرى الانتقال للثاني.

ويضم المبنى أيضاً مكاتب لفرع المخابرات الجوية، والأمن العسكري، والإدارة السياسية، ورئيس شعبة المخابرات، بالإضافة إلى مكاتب لكافة قيادات جيش النظام بالاختصاصات المختلفة، من بينها مكتب مدير إدارة الكيمياء، ومكتب لقائد المدفعية والصواريخ.

ولم تشر الصحافة الرسمية في سوريا إلى أي معلومات تتعلق بسقوط هذا المبنى في قبضة المعارضة.

يقول جيش الإسلام إنّ من أهم نتائج معركة "الله غالب" كما يقول الإصدار، "إيقاف الهجمة الشرسة للنظام وميليشيات حزب الله على مدينة الزبداني، التي لم يدخلها نظام الأسد حتى اليوم".

كما كان من أهمها، "عثور جيش الإسلام على وثائق سرية جداً، تدين نظام الأسد وتكشف عن جرائمه، تعهد الجيش بإصدارها بالكشف عنها تباعاً".

كما تمكن الجيش من "العثور وسحب الأرشيف الكامل لاجتماعات هيئة الأركان، ووثائق عسكرية أمنية هامة من فرع الأمن العسكري الذي سيطر عليه خلال المعركة، فضلاً عن اكتشاف طرق الاتصال والرموز المستخدمة بين قوات الأركان ومؤسسات النظام".

يقول جيش الإسلام إنه سيطر على "أهم طريق إمداد اقتصادي وعسكري للنظام؛ ما رفع سعر صرف الليرة السورية أمام الدولار من 290 إلى 390 ليرة".

وخلال المعركة، قتل "جيش الإسلام" أكثر من 700 عنصر تابع لنظام الأسد والميليشيات الموالية له، فضلاً عن اغتنامه لأول مرة مدرعتين من طراز فوزديكا ومدافع ميدانية، وغيرها كثير، ولا يمكن التأكد بشكل مستقل من المعلومات التي قدمها "جيش الإسلام" في هذا الصدد.
&