أثار تشكيل ستيفان دي مستورا الموفد الأممي لمجلس استشاري نسائي سوري عاصفة من الزوابع، التي لم تنتهِ حتى اليوم، خصوصًا بعد إطلاقه في الأسبوع الماضي مؤتمرًا صحافيًّا، رأت فيه معارضات وناشطات، "هدمًا لسنوات طويلة من العمل والجهد الذي قامت به نساء سوريّا"، إضافة إلى إعلان المجلس الاستشاري النسائي بيانًا إشكاليًا ترك الكثير من ردود الفعل، لمطالبته برفع العقوبات الاقتصادية عن النظام السوري.&

دمشق: أرسلت شبكة المرأة السورية بيانًا ورسالة من اجل تجميد عضوية في مبادرة "نساء سوريا من أجل السلام والديمقراطية". واعلنت شبكة المرأة تعليق عضويتها في المبادرة احتجاجًا على ما ورد في البيان والمؤتمر الصحافي للمجلس الاستشاري النسائي، والذي تشارك فيه المبادرة، وبررت التعليق بتجاوز "عضوات المبادرة الوثائق التأسيسية لها من دون الرجوع الى الهيئة العامة".&

وقال بيان الشبكة، الذي تلقت "إيلاف" نسخة منه، انه اذا "أخذنا أن المبادرة توافقية، ولا تشكل تنظيمًا أو منظمة ذات رأي موحد، فإنه ليس من حق أي عضو تمثّلها في أي محفل تجاوز الوثائق التي تم التوافق عليها، وهذا ما تم الاتفاق عليه دائمًا، والتأكيد عليه أثناء الوصول للتوافقات، بينما يحق للعضو أن تعمل وفقًا لآرائها الخاصة عند العمل بشكل شخصي خارج المبادرة".

سوريا الآمنة&
وقالت الشبكة انه أُسقطت "كلمة (سوريا دولة مدنية ديمقراطية) ليستعاض عنها بـ (سوريا الآمنة)، وهي مقايضة بنظرنا للديمقراطية بالآمان، وهو ما يريده النظام تمامًا، وما يرفضه الشعب السوري الثائر، وأعاد تأكيده على رفضه ذلك بالتظاهرات التي عادت مع سريان وقف إطلاق النار الهش".

كما لفتت الشبكة الى أن المجلس الاستشاري النسائي أعلن عن المطالبة برفع العقوبات "وهو يخالف وثائق المبادرة، إذ جاء فيها (ترى المشاركات أن تُرفَع العقوبات الاقتصادية عن الشعب السوري فور التوقيع على الاتفاق بين الأطراف والبدء بالعملية الانتقالية، ولا يشمل هذا البند العقوبات المفروضة على الأشخاص والمؤسسات الخاصة)".

وقالت شبكة المرأة السورية "ومع إدراكنا لمعاناة شعبنا السوري الاقتصادية، ولكننا نخاف أن تُستخدم الأموال المُفرَج عنها من قِبَل النظام في تجديد حربهِ وسيستخدمها لأنه بأشدّ الحاجة إليها الآن". واكدت الشبكة "أن معاناة الشعب الاقتصادية ناجمة ليس فقط من العقوبات، ولكن بشكل أساسي عن الحرب الدائرة وانعدام فرص العمل وعن اقتصاد الحرب السائد وعن، وهو الأهم، الحصار الذي يفرضه المتحاربون – وخاصة النظام – على المدنيين واستخدام سياسة الجوع أو الركوع. نحن لا نعتقد أن رفع العقوبات سينعكس إيجابياً على أهلنا في المناطق المحاصرة".

لا حديث عن رفع الحصار & &&
كما جاء في وثيقة المبادرة العمل على رفع الحصار وإدخال المساعدات الإنسانية والطبية، بينما اقتصر بيان المجلس الاستشاري النسائي على طلب تسهيل إدخال المساعدات، من دون الحديث عن رفع الحصار وتحييد المدنيين وعدم استخدامهم كأدوات حرب. وشددت الشبكة على أنه "عند المطالبة بالإفراج عن المعتقلين،.. كان يجدر التنويه بأن العدد الأكبر هو لدى النظام السوري، وأن التعذيب الممنهج من قبله لهم أدى بالعديد منهم الى الموت، وما زالت الصور المسربة من قيصر تجوب العالم لتشهد على هذه الجريمة".&

ورأت الشبكة أن المؤتمر الصحافي الذى أقامه المجلس الاستشاري النسائي قد هدمَ عملاً طويلاً لنساء سوريا للوصول إلى توافقات مهمة في المبادرة، تعبّر عن معاناة المرأة السورية وتناضل لوجود نسائي حقيقي في سوريا المستقبل دولة ديمقراطية، دولة المواطنة الكاملة لكل مواطنيها.&

وحرصًا منها على هذا العمل وهذا الجهد المبذول لسنين، فإنها ارتأت أن تعلّق عضويتها في المبادرة، على أن تعود عنها إذا اتخذت المبادرة موقفًا واضحًا مما جرى، وأكدت عدم تبنّيها كل ما جاء في البيان وفي المؤتمر الصحافي، وقالت إن المبادرة غير ممثلة بالمجلس الاستشاري، وإن العضوات المشتركات في المجلس كنَّ يعبّرن عن رأيهن الخاص ولا يعبّرن عن رأي المبادرة وعليهنَّ التراجع والعودة الى التوافقات.

تسطيح دور النساء&
كما وقّعت المئات على بيان صادر من اللوبي النسائي لا يوافق على ما قالته العضوات في المجلس الاستشاري النسائي. وأكد البيان، الذي تلقت "إيلاف" نسخة منه، "أن السلام العادل والمستدام في سوريا لا يمكن أن يتم من دون انتقال جذري ديمقراطي، عبر هيئة حكم انتقالية بصلاحيات كاملة. اضافة الى التأكيد أنه يمكن تسطيح دور النسويات/النساء وتنميط أدوارهن بمفاهيم معلبة "كصانعات سلام ٍ مثلاً"، بعيدًا من دورهن السياسي والحقوقي النضالي ضد كل أشكال الاستبداد".

ورفض بيان اللوبي النسائي والموقعات عليه "رفع العقوبات عن النظام السوري إلا بعد تشكيل هيئة حكم انتقالية تستند إلى جنيف 1". واكد "أن سياسة الحصار والتجويع التي يستخدمها النظام كسلاح حرب لا علاقة لها بالعقوبات، إنما هي سياسة ممنهجة من أجل تركيع المجتمعات وقهرها".

وأكّد اللوبي مجدّدًا "أهمية الإفراج عن المعتقلين والمعتقلات والمخطوفين والمخطوفات ورفع الحصار عن كل المناطق المحاصرة في سوريا، وأهمية استمرار وقف العمليات العدائية ضد الشعب السوري التي أعادت الروح الشعبية الى الثورة".

وقال بيان اللوبي "مع احترامنا العميق لنضال بعض الشخصيات في المجلس الاستشاري على المستوى السياسي والنسوي، إلا أننا نرى أن المجلس الاستشاري لا يمثّل شريحة كبرى من النساء السوريات، وبالتالي لا يعبّر إلا عن رؤية شخصياته ومن يمثلن فقط".