توصلت الهيئة التأسيسية لصياغة الدستور الليبي إلى صيغة توافقية لمشروع الدستور الليبي الجديد، الذي يأتي تتويجًا لمشاورات مكثفة رعتها الأمم المتحدة بمساندة عُمانية، حسب ما اعلنت وكالة الأنباء العمانية.

إيلاف من صلالة: اختتمت مساء اليوم الأربعاء في مدينة صلالة (جنوب سلطنة عُمان) أعمال اللقاء التشاوري للهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور الليبي بالتوصل إلى الاتفاق.

وفي بداية مراسم الجلسة الختامية للقاء التشاوري للهيئة التأسيسية لصياغة الدستور الليبي، ألقى الدكتور قاسم بن محمد الصالحي سفير سلطنة عُمان المعتمد
لدى ليبيا كلمة السلطنة، أعرب من خلالها عن البهجة والسرور لإعلان مسودة دستور ليبيا الجديد على أرض السلطنة، الذي يحقق العدل والمساواة والأمن والاستقرار بين الليبيين بكل أطيافهم ومكوناتهم.

بلا ضغوط

وقال إن ما تحقق من توافق خلال جلسات الحوار يعد مثالًا يحتذى به، ذلك أن كل الخلافات التي تقع بين الأخوة يمكن حلها من خلال قبول الرأي والرأي الآخر، مشيرًا إلى أن السلطنة تأمل أن تكون مسودة الدستور الليبي الجديد التي توافق عليها أعضاء الهيئة التأسيسية بداية عهد جديد مزدهر في ليبيا يضمن مشاركة الجميع.

من جانبه، ألقى الدكتور الجيلاني عبدالسلام أرحومة المكلف برئاسة الهيئة التأسيسية لصياغة الدستور الليبي كلمة في ختام اللقاء التشاوري للهيئة التأسيسية الليبية أعرب من خلالها عن شكره وتقديره للسلطنة على استضافتها أعمال اللقاء وتوفيرها الأجواء المناسبة للتشاور والحوار بين أعضاء الهيئة، الأمر الذي سهّل من مهمة الأعضاء في الوصول إلى توافقات حول قضايا مشروع الدستور الليبي الجديد.

وقال إن جميع ما حصل من توافقات إنما اتخذها أعضاء الهيئة بإرادتهم الحرة من دون ضغط أو إملاء أو توجيه، شاكرًا أعضاء الهيئة على حواراتهم الجادة والصادقة والمسؤولة، التي كانت غايتها الوصول إلى توافقات حول القضايا العالقة، ترضي الجميع، في إطار تحقيق مصلحة الوطن، لتبدأ مرحلة استقرار ليبيا وبناء مؤسساتها.

خير وسيط

كما ألقى الدكتور محمد الغنام المستشار الدستوري في بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا كلمة نيابة عن سعادة مارتن كوبلر الممثل الخاص للأمين العام رئيس بعثة الأمم المتحدة إلى ليبيا، أعرب فيها عن شكره للسلطنة على ما قدمته من دعم ورغبة في ترسيخ الوفاق والاتفاق وتوفير كل سبل النجاح، الأمر الذي انعكس إيجابًا على سير المشاورات وتحقيق التوافقات.

وثمّن الغنام الجهد الذي بذله أعضاء الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور الليبي الجديد، الذي يطابق المصالح العليا للشعب الليبي، ويهدف إلى إرساء دعائم الأمن والازدهار، آملًا أن يشكل هذا التوافق أساسًا ونقطة تحول في مسيرة ليبيا نحو التنمية والديمقراطية وترسيخ مبادئ وآليات الحكم واحترام حقوق الإنسان.

في السياق نفسه، عقد الدكتور الجيلاني عبدالسلام أرحومة المكلف برئاسة الهيئة التأسيسية لصياغة الدستور الليبي والدكتور محمد الغنام المستشار الدستوري في بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا وعدد من أعضاء الهيئة التأسيسية مؤتمرًا صحافيًا عقب اختتام اللقاء التشاوري تحدثوا من خلاله عن أبرز مواد الدستور الليبي الجديد والجهود التي بذلت خلال الجلسات الحوارية للخروج برؤى وتوافقات ترضي الجميع وتحقق طموحات الشعب الليبي.

وكانت أعمال اللقاء التشاوري قد انطلقت في 19 من شهر آذار (مارس) الماضي في مدينة صلالة، حيث يأتي اختيار السلطنة لعقد اللقاء التشاوري لما تحظى به من تقدير في جهود السلام ودورها في احتواء العديد من القضايا الإقليمية والدولية.

تسمية 3 عواصم

ويأتي هذا الدستور الجديد بعد مشاورات دامت قرابة ثلاثة أسابيع، قامت خلالها سلطنة عُمان بتوفير المناخ المناسب للحوار الهادئ والبناء لإنهاء حالة الانشقاق بين الليبيين، وتكللت الجهود بالنجاح في التوصل إلى الإعلان عن الدستور الليبي الجديد وإنهاء حالة الصراع للبدء في عملية بناء ليبيا الجديدة.

وكانت تصريحات سابقة لأعضاء الهيئة التأسيسية لمشروع الدستور، أكدت فيها توافق أعضاء الهيئة المجتمعين في سلطنة عُمان على أن تكون مدينة طرابلس عاصمة لـ ليبيا، وبنغازي مقرًا للسلطة التشريعية، وسَبْها في الجنوب مقر المحكمة الدستورية.

في حين، كان 22 عضوًا من أعضاء الهيئة، المعروفة إعلاميًا بـ "لجنة الستين"، أعلنوا رفضهم لمقترح تسمية ثلاث عواصم للدولة، وقاطعوا اجتماعات الهيئة التي دعا إليها المبعوث الدولي إلى ليبيا مارتن كوبلر.

وساهم تأسيس الهيئة بشكل مناطقي وجهوي، وكذلك الصراع السياسي والعسكري في شرق ليبيا، في تأخر صدور الدستور لأكثر من عام بسبب تفجر الخلافات بين أعضائها. ويطالب الأعضاء الممثلون لشرق ليبيا وجنوبها بتسمية ثلاث عواصم للدولة، ومنح مجلس الشيوخ صلاحيات أوسع، وهو ما يرفضه الأعضاء الممثلون لغرب البلاد.