يطعّم الفرنسيون، وخصوصًا الشباب، لغة تخاطبهم اليومي بكثير من الكلمات الانكليزية، في بدعة سماها الفرنسيون اللغة "الانكليسية". فهل تصمد لغة الثقافة العريقة أمام هجمة التهجين؟

باريس: إنه أسبوع اللغة الفرنسية، لكن هل تبقى هذه اللغة فرنسية كما عرفها الفرنسيون منذ فجر ثقافتهم؟ إنه سؤال بديهي اليوم، لا سيما مع دخول الكثير من الكلمات الإنكليزية إلى لغة تمسّك أصحابها على مر التاريخ بأنها لغة الثقافة والحضارات الراقية. فبحسب موقع لوكال، ونقلًا عن دراسة حديثة نشرتها صحيفة "لو باريزيان"، يُدخل 90 في المئة من الفرانكوفونيين، أي الناطقين بالفرنسية، كلمات إنكليزية إلى حديثهم اليومي، بنمط سمته الصحيفة "الانكليسية".

اللغة الهجينة

نسبت لو باريزيان إلى جان ملييه، الخبير اللغوي الفرنسي ومدرّس اللغة الانكليزية سابقًا، قوله: "لم تسيطر علينا هذه النزعة الإنكليسية من قبل كما تسيطر علينا اليوم، وهي في تصاعد مستمر".

فمن يرافق فرنسيين شبابًا اليوم يلاحظ كيف يرطنون بلغة هجينة مطعّمة بكلمات إنكليزية دخيلة، صارت في عداد الكلمات المستخدمة بشكل عادي في خطابهم اليومي، معظمها متصل بالتقنيات والتواصل الاجتماعي، تمت فرنستها من خلال إدخال حرفي (er) إلى آخرها، وهي خاتمة الأفعال في اللغة الفرنسية مثل skyper و forwarder، أو استعمالها في سياق فرنسي مثل عبارة dans l’open space، حيث dans فرنسية والباقي مستعار من الانكليزية، وهلمّ جرا.

وبيّنت الدراسة المذكورة آنفًا أن أكثر العبارات الهجينة استعمالًا كانت “relever le challenge” (رفع مستوى التحدي), "voyager low-cost" (سفر مخفض التكلفة) ), “sortir un best-of”تقديم الأفضل).

كسل لغوي

يردّ ماييه اجتياح الانكليسية للغة الفرنسية إلى كسل لغوي عند الفرنسيين، لأن كثيرًا من الكلمات الانكليزية أقصر من مرادفاتها الفرنسية وأكثر استخدامًا حول العالم، "وربما لا تتمتع بجرس جميل في الأذن، لكننا نستخدمها بشكل آلي".

يضيف: "إن استخدام الفرنسيين بعض أسماء الأصناف الانكليزية أمر طبيعي ومفهوم، مثل bulldozer أو scanner، عدا ذلك هذه المسألة خطرة لأنها تعني تأكّل اللغة الفرنسية، التي يجب أن نعمل على تعزيز معجمها اللغوي، فلم نستخدم كلمة look ما دام في لغتنا كلمات مثل aspect و apparence و tenue و allure".

ويلفت الخبراء أيضًا إلى تأثير الاعلانات على اللغة ونقائها. فثمة شركات فرنسية، مثل شركة Renault مثلًا، تكثر من استخدام الكلمات الانكليزية في حملاتها الدعائية، لإضفاء السمة العالمية على منتجها، وكذلك Air France. وحاولت الشركات الجديدة أن تسير على هذا المنوال، لكن أدركت سريعًا أنه لن يسعفها في تمددها خارج فرنسا.

اليوم، أمل الفرنسية في التخلص من "الإنكليسية" معقود على جهد الأكاديمية الفرنسية، حارسة اللغة الفرنسية وحاميتها، لكن غالبًا ما يذهب هذا الجهد أدراج الرياح أمام هجمة التهجين. فإلى متى يصمد الفرنسيون؟