تحوّلت الإعلامية اللبنانية ليا سلامة إلى قضية رأي عام في فرنسا بعد حلقة حوارية مع الرئيس فرانسوا هولاند، وذلك على خلفية كلمات قاطعت بها ضيفها.

خاص "إيلاف" من باريس: كان الحدث لقاءً تلفزيونيًا يوم الخميس الماضي 14 (أبريل) نيسان 2016، يجريه الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند مع ثلاثة محاورين يجيب خلاله عن أسئلة مواطنيه. وبين المحاورين إعلامية فرنسية، لبنانية الأصل، صارت هي الحدث. فطريقة إدارتها للحوار استدعت مناقشات مستفيضة تنوعت بين من اعتبرها لامعة وجريئة، ومن رأى فيها نوعًا من العدوانية، لا بل الوقاحة.&

الإعلامية تدعى ليا سلامة، وهي ابنة وزير الثقافة اللبناني سابقًا والبروفيسور في جامعة Sciences Po في باريس والمرشح لمنصب الأمين العام لمنظمة الأونيسكو غسان سلامة. اشتهرت ليا &في فرنسا من خلال إطلالاتها الإعلامية، فهي معروفة بالـ"قنّاص" في برامج إذاعية وتلفزيونية عدّة، وحصلت على جائزة فيليب كالوني كأفضل محاورة للعام 2015.&

ضوء أخضر

مدير شبكةFrance Televisions &اختار سلامة لمحاورة الرئيس الفرنسي عبر قناة "فرنسا 2"، لأنها "مثيرة" على حد تعبيره، وكان يقصد على الأرجح أنها قادرة على إحراج هولاند وأخذ ما تريد من مواقف وردود فعل. وربما هذا ما دفع سلامة إلى لعب دور القنّاص في هذا اللقاء أيضًا، فلولا ضوء أخضر من إدارة المحطة لما اختارت الإعلامية اللامعة هذا النهج في الحوار، أو لكانت المحطة اختارت غيرها، على سبيل المثال مديرة الشؤون السياسية في المحطة، التي استبعدت عن هذه المهمة.

أسلوب ليا سلامة لقي انتقادات كثيرة وإطراءات ومدائح في الوقت نفسه. فهي لم تتردد في مقاطعة هولاند واستفزازه. لكن "الخضّة" على وسائل التواصل الزرقاء كانت عندما تطرّق الرئيس إلى السياسة المعتمدة في موضوع اللاجئين. قال هولاند: "حول مسألة المهاجرين، موقفنا مع أنجيلا ميركل مشترك".&

كانت هذه لحظة مفتاح في اللقاء. أجابته سلامة بسرعة مذهلة واستنفار: "هل هذه مزحة؟" فردّ هولاند أن لا مزاح في هذا الموضوع.&

انتشر هذا الفيديو بسرعة عبر مواقع التواصل وأضيفت إليه نكات أو عبارات دعم أو شتم للمحاورة. البعض حيّا سلامة على جرأتها ومعرفتها، معتبرًا أنها نجحت في كسر الأسلوب النمطي للحوار السياسي في فرنسا. لكن غالبية التعليقات انتقدت أداءها. "ليس هكذا يُحاور الرؤساء"، قال المنتقدون، وذكّروا بأن على الصحافي احترام موقع ضيفه وعدم مقاطعته كي لا يصبح المحاور هو الحدث. حتى أن بعضهم وصفها بالمدّعية والمغرورة، ساعية إلى الشهرة. وظل السؤال: هل كان هذا الأداء هو الهدف من اختيار سلامة لإدارة الحوار؟

سياسة اللجوء

ليس تبريرًا لأداء سلامة في المقابلة، يقول المتابعون، ولا لتعليقها "هل هذه مزحة" بالتحديد. لكن تلك اللحظة التلفزيونية تدعو إلى إعادة قراءة مواقف فرنسا وألمانيا في ما يخص سياسة اللجوء. والواقع أن المواقف كثيرًا ما كانت متناقضة. فألمانيا لطالما كانت منفتحة في موضوع استقبال اللاجئين، لا بل أنها كانت أقرب من الموقف اليوناني، في حين بقيت فرنسا أكثر انغلاقًا، وبخاصّة بعدما أعلنت باريس عدم قدرتها على استقبال اللاجئين.&

من جهة أخرى، الحقّ يقال إن موقف فرنسا وألمانيا لا يختلف في مسألة ضبط الحدود حفاظًا على منطقة "الشينغن"، إضافة إلى الرأي المشترك في الاتفاق بين الاتحاد الأوروبي وتركيا. وانطلاقًا من هذه النقطة دافع الرئيس الفرنسي عن عبارته الشهيرة، بحسب ما أوضح بعض المعلقين.

إلى ذلك، لم يلقَ الحوار التلفزيوني الضجّة التي كانت متوقّعة، إذ جاءت نسبة المشاهدة &مخيبة لآمال محطة France2 ولم تتخطَ الـ14% من إجمالي المشاهدين، في حين أن برامج وحلقات أخرى تحصل على نسبة أعلى بكثير. صحيح أن مقابلات فرنسوا هولاند تشهد تراجًعا في نسبة المشاهدة، واللقاء الذي سبق هذا الحوار حصل على نسبة 17% بحسب اليومية الاقتصادية الفرنسية "أصداء"، إلا أن نسبة المشاهدة في لقائه الأخير كانت الأقل على الإطلاق.&

على كلّ حال، ليا سلامة قطفت "حوار العمر" بالتأكيد رغم الآراء المتناقضة في أدائها. وهذه المرّة افتخر بها أهل بلدها الذين تتحدث لغتهم العربية بطلاقة، رغم أن معظمهم لم يعرف عنها شيئًا من قبل. المهم، أن هولاند يزور الآن بلد ليا سلامة، لبنان الذي يعاني شغورًا رئاسيا منذ سنتين، وسيناقش مع المسؤولين موضوعي الفراغ الرئاسي واللاجئين السوريين. وفي الموضوعين، لا مزاح!