فيما يتجه العلماء إلى المحطات العائمة لتوليد الكهرباء من الرياح، وإنتاج الطاقة من التيارات البحرية في أعماق المحيطات، يعكفون على تجريب كرات كونكريتية مجوفة لإنتاج الطاقة وخزنها.

برلين: ينتظر الباحثون الألمان انتهاء موسم السياحة في جنوب ألمانيا كي يبدأوا مشروع إنتاج الطاقة من قاع بحيرة "بودنسي" الشهيرة بوساطة كرة أسمنتية مجوفة قطرها 3 أمتار. إذ تعتبر هذه البحيرة، الواقعة بين ألمانيا وسويسرا والنمسا من أهم المناطق السياحية على حافة جبال الألب، ولا يمكن الشروع في دحرجة هذه الكرات الهائلة إلى قاع البحيرة إلا بعد حلول الخريف المقبل.

يفترض في المرحلة الأولى تجريب كرة واحدة في نهاية أيلول (سبتمبر) المقبل، على أن تلحقها عشرات الكرات الأخرى عند نجاح التجربة. واختار العلماء بقعة من البحيرة يزيد عمقها على 100 متر، كي تستخدم كمخزن لاحتواء الكرات المجوفة.&

علمًا أن معدل عمق البحيرة يرتفع إلى 91 مترًا، إلا أن عمقها في بعض المناطق يزيد على 200 متر. وتستمد البحيرة ماءها من نهر الراين، الذي ينبع من جبال الألب، ويبلغ طولها 63 كم، ومساحتها 473 كم مربعًا.

تحتوى الكرة على صمام يسمح بدخول الماء إلى جوفها بقوة ليحرك تربينًا ينتج الكهرباء ويوصله بوساطة كابل يمتد تحت الماء ويصل إلى الأرض. يتم بعد ذلك توزيع الكهرباء بوساطة كابلات تحت الأرض إلى المدن القريبة. ومن الطبيعي، فإن الماء يتسرب من فتحة أخرى في الكرة إلى البحيرة من جديد.

كرات&قطرها 30 مترًا
ليست تجربة الكرة من قطر 3 أمتار إلا محاولة أولية ستليها محاولة من"وزن" آخر. إذ ينوي العلماء، في حال نجاح الكرة الأولى، دحرجة كرات بأحجام أخرى أكبر يبلغ قطر بعضها 30 مترًا.&

سيختار العلماء عمق 200 متر في البحيرة لتجربة هذه الكرات الضخمة. وعلى هذا الأساس تكون الكرات من هذا الحجم مؤهلة لإنتاج وحفظ طاقة تبلغ 20 ميغاواط ساعة، كلما جرى ملؤها وتفريغها من الماء.

يكفي هذا القدر من الطاقة، بحسب العلماء، لتزويد 5 بيوت بالطاقة على مدى سنة. وهذا يعني أن ملؤها وتفريغها من الماء 100 مرة في السنة، سيكفي لسد حاجة 500 منزل، على مدار الساعة، وطوال سنة كاملة. ومن المخطط له أن يجري تفريغ الكرات وملؤها يوميًا بغية وصول أقصى طاقة تكفي لتزويد مدن صغيرة بالكهرباء.

يساهم في المشروع معهد فراونهوفر لتقنية الريح والطاقة المتجددة وشركة هوختيف المتخصصة بتقنيات البناء. وأطلق علماء المؤسستين على المشروع اسم "مشروع إنتاج وحفظ الطاقة في قاع البحيرة" StEnSEA - Stored Energy in the SEA.

ملائمة للبحار
يقول علماء معهد فراونهوفر إن ضغط الماء العالي يلعب دورًا إيجابيًا، لا سلبيًا. إذ إن قدرة الكرات على إنتاج الطاقة تزداد بازدياد ضغط الماء، لأن الماء يخترق صمام الكرة بقوة أكبر لتحريك التربين الداخلي.&

على هذا الأساس، فإن النظام ليس خاصًا ببحيرة بودنسي فقط، لأن الكرات من قطر 30 مترًا تنتج الطاقة على أكمل وجه في عمق 500 متر، وهذا يجعلها مناسبة للبحار أيضًا. أما العمق الأقصى الذي تتحمله الكرات من هذا الحجم فهو 700 متر، وربما يتضرر هيكل الكرة تحت ضغط أكبر.

وتنتج الكرات بطاقة أولية ترتفع إلى 85% من الطاقة، التي صممت لإنتاجها، وثبت من التجارب المختبرية أن تجميعها وربطها مع بعض بشبكة من الكابلات، يضمن أعلى إنتاج للطاقة. وهكذا سيتم في التجربة اللاحقة دحرجة 80 كرة كبيرة إلى قعر بحيرة بودنسي، وبحيث تكون قريبة من بعضها لتشكل محطة كاملة لإنتاج الكهرباء.

مشاريع مماثلة
الجدير بالذكر أن هناك مشاريع أخرى مماثلة لإنتاج الطاقة في قيعان البحار، إلا أنها لم تتحقق حتى الآن، وسبقها المشروع الألماني في بودنسي. ويخطط معهد ماساتشوسيتس الشهير للتقنية لتجربة كراة مماثلة من المعدن، وتعد شركة هايدروستور الكندية العدة لاستخدام بالونات ضخمة تعمل حسب المبدأ نفسه في قاع البحر. وهنا يجري نفخ وتفريغ البالونات من الماء بهدف إنتاج الطاقة حسب الحاجة.
&