يعتبر كلود شانون، الذي توفي عام 2001، رائد عصر المعلومات، فبصماته تظهر بوضوح على كل جهاز إلكتروني نمتلكه، وكل شاشة حاسوبية نحدق بها، كل وسيلة من وسائل الإعلام الرقمي.

أشرف أبوجلالة: فاز المهندس وعالم الرياضيات لدى معهد كاليفورنيا للتقنية، روبرت ماكيليس، قبل 12 عاماً، بجائزة كلود شانون، التي تعتبر أعلى وسام في مجال نظرية المعلومات.&

وخلال محاضرة له في ندوات دولية في شيكاغو، تطرق في نقاشه للعالم الذي تحمل الجائزة اسمه وتوفي عام 2001. وتصور ماكيليس أن موسوعة جالاكتيكا ستشمل يوماً ما تلك النبذة الذاتية التالية "كلود شانون: من مواليد كوكب الأرض عام 1916. ينظر إليه عادة باعتباره والد عصر المعلومات، وهو من صاغ مفهوم سعة القناة عام 1948. وخلال عدة عقود، وضع علماء رياضيات ومهندسون مجموعة طرق عملية للتواصل بثقة عند معدلات بيانات داخل 1 % من الحد شانون".

وتلك العبارة الرتيبة "سعة القناة" هي العبارة التي تشير لمعدل الحد الأقصى الذي يمكن أن تنتقل من خلاله البيانات من خلال وسيط معين دون فقدان السلامة. والحد شانون من الصعب إلى حد بعيد الوصول إليه في العالم الحقيقي، كما الحال مع الصفر المطلق (درجة الحرارة التي ينعدم عندها ضغط الغاز المثالي) أو سرعة الضوء.&

لكن توفير وسيلة لحساب ذلك الحد هو ربما أقل الانجازات الكبرى الخاصة بشانون. فأولاً وقبل كل شيء، قام شانون بتقديم النظرية التي تقول إن المعلومات من الممكن أن تٌحَدَّد كميتها بشكل مطلق. وفي احدى النظريات الرياضية الخاصة بالاتصالات عام 1948، قال شانون إن البيانات يجب أن تقاس بوحدة القياس "البت Bit".

وقال في هذا السياق جيمس غليك مؤلف كتاب The Information : "سيكون من الزائف بشكل صارخ مقارنة شانون بآينشتاين. فآينشتاين يشغل حيزاً كبيراً وهو يستحق، لكننا لا نعيش في عصر النسبية، وإنما نعيش في عصر المعلومات. وبصمات شانون هي التي تظهر بوضوح على كل جهاز إلكتروني نمتلكه، كل شاشة حاسوبية نحدق بها، كل وسيلة من وسائل الإعلام الرقمي. ويمكن القول إنه واحد من هؤلاء الناس الذين حولوا العالم بهذا الشكل، وبعد التحول، نُسِيَ العالم القديم".

وتابع غليك بقوله "وذلك العالم القديم كان يتعامل مع المعلومات على أنها غامضة وغير مهمة. أما العالم الجديد، عالم شانون، فهو عالم تفخيم المعلومات وتواجدها بكل مكان".

وقال دافيد فورني وهو مهندس كهرباء وأستاذ مساعد بمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا " تمكن شانون من تطوير مجال كامل من لا شيء. وعلى الفور، بدأ يستعان بوحدة القياس (البت) لقياس أصوات العصافير، كلام البشر والنبضات العصبية".

ورغم عمل شانون بشكل كبير مع التكنولوجيا التناظرية، إلا أنه يوصف كذلك بأنه والد العصر الرقمي، الذي تعود أفكار أسلافه ليس فقط لورقته البحثية عام 1948 وإنما كذلك لأطروحة الماجستير الخاصة به، التي تم نشرها قبلها بعشرة أعوام، وهي الأطروحة التي وصفها عالم الكمبيوتر، هيرمان غولدشتاين، بأنها واحدة من أهم الأطروحات التي تم كتابتها على الإطلاق، حيث حولت تصميم الدوائر من فن إلى علم.