رأت الإعلامية، راغدة درغام، أن الرؤية المستقبلية التي أعلنتها مؤخراً المملكة العربية السعودية لعام 2030 للتحول الوطني والاقتصادي تعتبر رؤية مدهشة بكل معاني الكلمة.
 
وقالت إنها مشروع نهضة مبني على أسس واقعية وعلمية وأنها ورشة عمل جماعية تهدف لاستبدال التأميم، والريعية والنماذج المقامة من أعلى لأسفل بالنهج الاقتصادي والاجتماعي الليبرالي، وفلسفة التميز والإبداع والسياسة القائمة على المواطنة والمشاركة.
 
وأضافت درغام أن تلك الرؤية جاءت لتضع الأسس الخاصة بقفزة تاريخية من شأنها قلب الأوضاع في المملكة العربية السعودية والمنطقة العربية. ومع ذلك، لا يمكن القول إن تلك الرؤية تشكل ثورةً أو انقلاباً، على غرار ما أضحت المنطقة العربية معتادة عليه فيما يتعلق بإحداث التغيير عبر الأيديولوجيات ودورات الغضب والانتقام.
 
ولفتت درغام أيضاً إلى أن الرؤية تمثل نقلة محسوبة للتنمية مقترنة بآلية للتنفيذ. وبينما أبدى البعض امتعاضه منها لتخوفه من تبعات التغيير وفقدان الامتيازات، فقد رحب بها آخرون باعتبارها محاولة تحديث مستنيرة للإصلاح والتنمية. فضلاً عن قدومها بما يضمن إسدال الستار على حقبة التغيير التدريجي في البلاد، لكن بدون فقدان الاحترام لذلك الفصل من التاريخ السعودي. وبمجرد أن تم إعلان الرؤية، تم إدخالها حيز التنفيذ ببعض التغييرات الفورية، حيث تم تدشين اتفاق جديد لا يعتمد على الامتثال الأعمى للدولة، وإنما على المشاركة في إحداث التحولات المستقبلية، من خلال الإبداع، الابتكار، أخذ المبادرات ومن خلال تبني التكنولوجيا في عديد المجالات التي من بينها الطب، التعليم، الزراعة، رأس المال البشري وكذلك التوظيف.
 
وتابعت درغام بقولها إن ما حدث في السعودية يعتبر اعترافاً بالحاجة للتطور، التغيير ومواكبة الثورة التكنولوجية بفلسفة جديدة وغير مسبوقة في المملكة العربية السعودية، وهو ما سيحظي بآثار إقليمية استثنائية في المجالات الاقتصادية، الاجتماعية والسياسية، خاصة وأن السعودية تقوم ببناء نظام سياسي إقليمي جديد.
 
ورأت درغام أن جزءً من سياسات دول الخليج الجديدة والاستثنائية هو تحرك السعودية لقيادة تحالف عربي في عملية العاصفة الحاسمة باليمن، والمواقف السياسية المتسقة فيما يتعلق بالقضية السورية والخطوات الاقتصادية التي تواجهها مصر.
 
وطبقاً لوجهة نظر القيادة، فإن الحرب في اليمن ليست خاسرة أو مكلفة، كما أنها لن تصبح مستنقعاً بالنسبة للمملكة العربية السعودية، على عكس ما يقوله الخبراء بهذا الصدد.
 
ونوهت درغام لحدوث ثورة هادئة في العلاقة بين القطاع الخاص والوزارات التقليدية بموجب رؤية 2030. فالنفط سيكون الآن خارج سيطرة الدولة كما سيتم خفض صلاحيات وزارة النفط لصالح مجلس إدارة شركة أرامكو، وهذه خطوة ليست ببسيطة، لأنها ستكون أول مرة تدير فيها شركة موارد النفط في الخليج وليس الحكومة.
 
ولفتت درغام في الأخير إلى أن الاستثمار والإصلاح الاقتصادي ليسا الملامح الوحيدة للقفزة الكمية بالرؤية السعودية، لأنها ركزت كذلك على القضية المتعلقة بتحسين حياة المغتربين والاستفادة منهم اقتصادياً وتحسين دور المرأة السعودية في القوى العاملة من خلال زيادة الحصة المخصصة لمشاركتها بالعمل بنسبة من 22 لـ30%.