استطاع العلماء أن يحطموا الرقم القياسي لتنمية الأجنّة البشرية في المختبر، وذلك ضمن دراسة أثارت سجالًا حول القوانين الناظمة لهذا القطاع، والتي تحدد سقف 14 يومًا للتنمية داخل المختبر.

لندن: حطم باحثون الرقم القياسي في تنمية أجنة بشرية في المختبر وإبقائها حيّة ونشيطة بعد المرحلة التي تنغرس خلالها بصورة طبيعية في رحم الأم، وقد اعتُبر الانجاز محطة مهمة في هذا الحقل، ولكن النتائج التي حققها فريقان من الباحثين في الولايات المتحدة وبريطانيا تضع العلماء في مواجهة مباشرة مع قوانين عمرها عشرات السنين تمنع تنمية الأجنة الممنوحة في المختبر أطول من 14 يومًا.&

وفي حين أن عمل الباحثين كان ضمن الحدود المرسومة بتنميتهم الأجنة في المختبر لمدة 13 يوماً تكفي لبدء خلايا الجنين عملية اكتساب الشكل البشري، فإن الانجاز اطلق دعوات الى إعادة النظر بالحدود التي ينص عليها القانون.&

مرحلة حرجة

وتُحدد سقف الأربعة عشر يومًا لتنمية الجنين قوانين سارية في 12 بلدًا على الأقل بينها بريطانيا. وفي حين ان علماء سيرحبون بتمديد هذه الفترة، فإن مثل هذه الخطوة ستلاقي مقاومة اطراف عديدة، بينها منظمات دينية تعارض الأبحاث في حقل الأجنة البشرية اصلًا.&&

ونقلت صحيفة الغارديان عن ماجدلينا زرنيكا غويتز، رئيسة فريق الباحثين البريطانيين في جامعة كامبردج، قولها: "نستطيع الآن، وللمرة الاولى، أن ندرس نمو الانسان في هذه المرحلة الحرجة من حياتنا، وهو وقت انغراس الجنين".&

وكانت أطول فترة لتنمية أجنة بشرية في المختبر قبل الدراسة الجديدة تسعة ايام، والشائع سبعة ايام.&

وتعد التقنية التي استُخدمت في تنمية الأجنة كما طورتها جامعة كامبردج البريطانية وجامعة روكفلر في نيويورك بتمكين العلماء من اكتساب معارف جديدة عن المراحل الأولى لنمو الانسان في رحم أمه واسباب الاسقاط المبكر وطرق انتاج خلايا جذعية لعلاج الأمراض على اختلافها. ولكن الدراسة اثارت سجالاً حول القوانين التي تحكم دراسة الأجنة البشرية.

الخط البدائي

ويُسمح في عدة بلدان مثل بريطانيا للعلماء بدراسة أجنة زائدة من عمليات التخصيب الاصطناعي، ولكنهم لا يستطيعون تنميتها في المختبر أكثر من 14 يومًا، وبعد ذلك يجب التخلص من الأجنة. وتحدد مرحلة الأيام الأربعة عشر متى تتكون الشخصية الفردية للجنين لأنه لم يعد قادرًا على الانشطار الى توأمين.&وفي هذه الفترة تقريبًا، يشكل الجنين ما يُسمى الخط البدائي، وهو شريط رفيع من الخلايا يبدأ بتمييز الرأس عن الأطراف.

وبالطريقة الجديدة لتنمية الأجنّة، يعتقد كثير من العلماء انه سيكون بالامكان عمّا قريب تنمية أجنة بشرية لفترة أطول من 14 يومًا، وبذلك ممارسة ضغوط على الحكومات لتعديل قوانينها.&

ودعا الباحثون، الذين حققوا الرقم القياسي الجديد، إلى تنمية أجنة بشرية في المختبر الى إعادة النظر بسقف الأربعة عشر يومًا، واجراء نقاش عالمي يراعي وجهات النظر الثقافية والدينية في البلدان المختلفة.&

ويتيح تمديد الفترة للعلماء امكانية الاجابة عن أسئلة اساسية تتعلق بطريقة نمو الجنين الى انواع مختلفة من الأنسجة، وكيف يتكون الحيوان المنوي والبويضة فيها، ولكن رئيسة فريق الباحثين البريطانيين زرنيكا غويتز اكدت انها لا تدعو الى تغيير القانون. واوضحت أن التمكن من تنمية الأجنة فترة اطول من 14 يومًا يوفر كمًّا هائلاً من المعلومات للعلماء، ولكن القرار بشأن ذلك لا يعود اليهم.& واضافت أن القواعد مفيدة وسيلتزم بها العلماء دائمًا، ويجب أن يكون المجتمع عمومًا هو الذي يضع هذه القواعد.&

إعادة النظر

من جهة أخرى، قال عظيم صوراني، مدير ابحاث السلالات الجرثومية ودراسة التعديلات الجينية للخلايا في جامعة كامبردج، إنه يؤيد اعادة النظر بقاعدة الأربعة عشر يومًا، واضاف: "أرى ان دليلاً توفر لصالح السماح بتنمية الأجنة أطول من 14 يومًا، حتى قبل ظهور هذه الأبحاث".&

وأوضح البروفيسور دانيال برايسون، استاذ علم الأجنة في جامعة مانشستر، أن سقف الأربعة عشر يومًا وُضع قبل أكثر من 20 عامًا، ولكن بسبب الفوائد التي يمكن أن تتحقق من الدراسة الجديدة في معالجة انعدام الخصوبة وتحسين طرق الانجاب بالمساعدة ومعرفة اسباب الاسقاط المبكر للجنين واضطرابات الحمل، فإن مبررًا قد يتوفر في المستقبل لإعادة النظر بهذا السقف.