في وقت يحذر فيه العلماء من نهاية عصر النفط، يعثر باحثون أميركيون وألمان على ماسات نانوية في النفايات المتخلفة عن تكرير النفط.

إيلاف من برلين:&تتجمع كريستالات كربونية صغيرة بكثرة في أنابيب منشآت تكرير النفط، وتسبب قطع المجرى، فيتخلص منها المهندسون بين فترة وأخرى كنفايات ضارة. لكن علماء من شركة "شيفرون النفطية" استطاعوا تمييز عدة أنواع من هذه الماسات النانوية (تسمى أيضًا ديامنتويدز)، يشبه بعضها الماس الطبيعي تمامًا، وتصلح الأنواع الأخرى للاستخدام في الصناعة الإلكترونية وإنتاج الأدوية والعقاقير.

كريستالات ماسية

جمع الباحثون شتيغاو ليو وجيرمي دال وروبرت كارلسون، من شركة شفرون، الكريستالات الصغيرة، التي لا تُرى بالعين المجردة، من أنابيب منشآت تكرير النفط في عام 2003، وتوصلوا إلى أن الضغط العالي تحت الأرض حوّلها فعلًا إلى ما يشبه ماساً نانوياً.&

ويعود الفضل إلى شركة "موبيل أويل" التي اكتشفت هذه الكريستالات الصغيرة في النفط في تسعينيات القرن الماضي، وطوروا طرق التخلص منها كنفايات، إلا أنهم كما يبدو لم يدققوا فيها كما فعل علماء شركة شيفرون الآن.

انتقل دال وكارلستون إلى جامعة ستانفورد الأميركية في كاليفورنيا، وواصلا أبحاثهما على الكريستالات الصغيرة بمشاركة الباحث الألماني بيتر شراينر من جامعة غيسن الألمانية. يقول شتاينر إن جزء الكريستالات الصغيرة الشبيه بالماس صلب للغاية، لا يتأثر بالاشعاعات المختلفة، ولا بالمواد الكيميائية، وهو شفاف وذو مواصفات إلكترونية مميزة، وموصل جيد للحرارة.

يعمل العلماء حاليًا على تمييز الكريستالات الأكثر قربًا من الماس، والبحث عن طريقة لتحويلها إلى ماس حقيقي، إذ يعتقدون أن ذلك ممكن. ويتحدثون عن خرق علمي في قضايا البصريات وعلاج أمراض العين بواسطة هذه الكريستالات التي يقل حجمها عن ذرة السكر.

كما زهرة اللوتس

أظهرت النتائج المختبرية الأولى على الماس النانوي المستخرج من نفايات النفط انه عالي الكفاءة إلى حد استخدامه في صناعة أجهزة بصرية مدهشة، بحسب شراينر. ونجح الأخير، بالتعاون مع زميله الاوكراني اندريه فوكين، بإنتاج نوع بالغ النقاء وعالي الوظيفية من هذا الماس. ويقول إنهم أدخلوا عليها تعديلات من ناحية الشكل، تتيح استخدامها في إنتاج الأجهزة الإلكترونية المختلفة.

وأفلحوا أيضًا في إنتاج شريحة رقيقة منها، لا يزيد سمكها عن سمك ماسة واحدة، ولصقها على سطح معدني، فعملت الشريحة على طرد الماء والأوساخ عنها كما تفعل زهرة اللوتس. وانتجوا منها أيضًا ماسات تشبه كرة القدم، فأصبحت مناسبة أيضًا لإنتاج ترانزيستورات نانوية.

عقاقير ضد الزهايمر وباركنسون

يرى الباحثون إمكان مزاوجة هذا الماس الصغير الصلب مع الأنابيب النانوية المعدنية لإنتاج مواد صناعية جديدة غاية في المتانة. كما يتيح استخدامها تطوير صناعة المكثفات في الأجهزة الإلكترونية، لأنها صلبة ولا تتأثر بالضوء.

المهم هو استخدامها في صناعة عدد من الأدوية التي تمتد بين عقاقير معالجة إنفلونزا الطيور وفيروس إنفلونزا - أي. الأهم هو العمل على استخدامها في إنتاج ما يسمى "العقاقير الماسية"، التي يدخل الماس الصناعي في إنتاجها، مثل "امانتدين" المستخدم في علاج باركنسون، وتصنيع "ميرمانتين"، وهو العقار الماسي الوحيد المجاز في الصيدليات ضد مرض الزهايمر. هذا يعد بخفض أسعار هذه العقاقير لتكون متاحة لكل المرضى.

وقال جيرمي دال إن التوصل إلى أفضل أنواع الكريستالات النانوية في النفط، وأكثرها قربًا إلى الماس الحقيقي، لم يكن سهلًا؛ إذ فحص فريق العمل أكثر من 1000 نوع من النفط كي يتوصل إلى أكثرها غزارة بالماس النانوي عالي النقاء. وأتضح أن أغزر النفط بهذه الكريستالات كان النفط المستخرج من خليج مكسيكو.