علقت مهام رئيسة البرازيل ديلما روسيف الخميس لمواجهة إجراء إقالتها بتهمة التلاعب بالحسابات العامة، على أن تنتقل السلطة إلى نائبها اللبناني الأصل ميشال تامر، في زلزال سياسي ينهي 13 عامًا من حكم اليسار في أكبر دولة من أميركا اللاتينية.

برازيليا: بعد مناقشات استمرت 22 ساعة في جلسة ماراتونية لمجلس الشيوخ، قرر 55 عضوا مقابل 22 التصويت لمصلحة اجراء اقالة الرئيسة. وصفق اعضاء المجلس الذين ساندوا اقالة الرئيسة مطولا. وكانت الغالبية البسيطة من اصوات مجلس الشيوخ، الذي يعد 81 عضوا، مطلوبة لتعليق مهام روسيف لمدة ستة اشهر في انتظار الحكم النهائي عليها.

مهام اقتصادية لتامر

واجراء اقالتها قد يستغرق اشهرا عدة، وستكون غالبية الثلثين مطلوبة من اجل التصويت على ارغام روسيف (68 عاما) على الاستقالة. في غضون ساعات يرتقب ان يتولى تامر من اليمين الوسط السلطة كرئيس موقت، منهيا بذلك اكثر من عقد من هيمنة حزب العمال، الذي تنتمي اليه روسيف على الساحة السياسية.

وهو يستعد لاعلان حكومة جديدة قائلًا ان اولويته هي مواجهة اسوأ انكماش تشهده البرازيل منذ عقود، وانهاء الشلل في البرلمان، بسبب المعركة التي كانت دائرة حول اقالة روسيف. وتنفي ديلما روسيف (68 عاما) المتهمة بالتلاعب بمالية الدولة، ارتكاب اي مخالفة وتنتقد ما تعتبره "انقلابا" دستوريا.

من المفارقات ان الرئيس السابق فرناندو كولور دي ميو الذي استقال في 1992 قبل ايام من اقالته بسبب الفساد، يشارك في المناقشات في مجلس الشيوخ. لكنه لم يكشف موقفه. وستطوي البرازيل، العملاق الناشئ في اميركا اللاتينية، صفحة 13 عاما من حكومات حزب العمال التي افتتحها في 2002 الرئيس السابق لويس ايناسيو لولا دا سيلفا الذي قاد الفورة الاجتماعية-الاقتصادية في سنوات الالفين.

من جهتها، ستلقي روسيف، اول امرأة تنتخب رئيسة للبرازيل في 2010، خطابا في حوالى الساعة العاشرة (13:00 ت غ) قبل ان تغادر القصر الرئاسي وتلتقي انصارها، كما قال مكتب الاعلام في حزب العمال. ودعا حزب العمال نوابه وناشطيه الى التجمع امام قصر الرئاسة اعتبارا من الساعة 8,30 تحت شعار "لن نقبل بحكومة غير شرعية".

اجواء حزن 

بعد ذلك، تتوجه ديلما روسيف، المناضلة السابقة التي تعرضت للتعذيب اثناء الحكم الديكتاتوري (1964-1985)، الى مقر اقامتها الرسمي في الفورادا حيث ستقيم مع والدتها خلال فترة محاكمتها. وفي تصريح لوكالة فرانس برس، قال احد معاوني الرئيسة طالبا عدم الكشف عن هويته ان "اجواء حزن" سادت الاربعاء قصر الرئاسة حيث جمعت روسيف اغراضها الشخصية.

واكدت سيدة تعمل في مكتب روسيف ان "الاجواء حزينة هنا، يبحث كثيرون منا عن فرصة عمل. لا نريد ان نعمل مع نائب الرئيسة". وخوفا من حصول صدامات، وضعت السلطات عوائق معدنية امام مجلس الشيوخ للفصل بين متظاهري الطرفين. وخلال فترة توتر وجيزة، اطلقت الشرطة الغاز المسيل للدموع على انصار ديلما روسيف. لكن الباحة الكبيرة بقيت مقفرة عمليا.

وتتهم المعارضة الرئيسة بارتكاب "جريمة مسؤولية" من خلال التلاعب عمدًا بمالية الدولة لاخفاء حجم العجز في 2014، عندما اعيد انتخابها في اقتراع موضع جدل، وفي 2015. وتقول روسيف ان جميع اسلافها لجأوا الى هذه "الاساليب" من دون ان يتعرّض احد لهم. وتؤكد انها ضحية "انقلاب دستوري" اعده ميشال تامر الذي سرع سقوطها من خلال دفع حزبه في اواخر مارس على الانسحاب من الاكثرية. واستبعدت روسيف الاستقالة، وقالت انها عازمة "على التصدي بكل الوسال القانونية والنضالية" لمنع اقالتها.

وضع متفجر 

وقد يجري اعضاء مجلس الشيوخ التصويت النهائي في سبتمبر، بين دورة الالعاب الاولمبية في ريو دو جانيرو (5-21 اغسطس) والانتخابات البلدية في اكتوبر. ويتولى تامر، الذي لا يحظى بشعبية، وبالكاد حصل على 1 الى 2 % من نوايا التصويت، حكم البرازيل على الارجح حتى نهاية الولاية في 2018.

وسيرث الوضع المتفجر الذي تتركه ديلما روسيف، اذ تواجه البلاد اسوأ كساد منذ الثلاثينيات وفضيحة الفساد الكبيرة في مجموعة بتروبراس والتطورات القضائية غير المتوقعة التي تلطخ صورة حزبه على اعلى المستويات. ويمكن ان يعتمد في مرحلة اولى على دعم اوساط الاعمال التي تأمل في حصول صدمة ثقة، كما ولو بحذر على دعم الاحزاب اليمينية التي سعت الى اقالة ورسيف.

ويعد تامر لمجموعة من التدابير الليبرالية وغير الشعبية التي يمكن ان تدفع بالنقابات للنزول الى الشارع: تصحيح قاس للميزانية واصلاح نظام التقاعد الذي يعاني من العجز وقانون العمل. وقال المحلل ثياغو بوتينو "سيرث الى حد كبير استياء البرازيليين من السياسة التقليدية التي يجسدها".