لانهام: يثير الخوف من الإسلام قلق المسلمين في لانهام، حيث يقول نبيل انه يشعر بهذه العدائية، وكأنها قوة خارقة غير مرئية، لكنه، وعلى غرار مسلمين آخرين في هذه الضاحية القريبة من واشنطن، يعلق آمالاً كبيرة على مركز إسلامي دشن حديثًا لكسب ثقة الأميركيين.

ويقول نبيل عبدول، وهو يجلس على السجادة الخضراء لمسجد في لانهام، في اشارة الى الخوف من الإسلام السائد في منطقته، "إنه هنا". ويضيف أن المرشح الجمهوري الى الانتخابات الرئاسية الأميركية دونالد ترامب الذي ينتهج خطابًا معاديًا للمسلمين، "قد يكون محقًا"، قبل أن يوضح أن "المسيحيين عمومًا لا يعرفون مسلمين معرفة شخصية. فالمسألة تتعلق بانعدام التفاهم".

ويقول عبدول (24 عامًا)، الذي يصف نفسه بأنه مبتدىء على الصعيد الديني، انه يعلق آمالاً كبيرة على مركز "ديانات" الأميركي الجديد، أكبر مركز ديني إسلامي في الولايات المتحدة بني حتى الآن، لمواجهة هذه الظاهرة العدائية.

وموّلت تركيا هذا المجمع الضخم في لانهام في ولاية ميريلاند التي تبعد 30 دقيقة عن العاصمة الأميركية. ويتوسط المركز مسجد يعكس العصر الذهبي للعمارة العثمانية.

ولدى تدشين المجمع الكبير قبل شهر، خصص الرئيس التركي رجب طيب اردوغان نصف خطابه للتنديد "بالأجواء المعادية للمسلمين"، التي تسود الولايات المتحدة في فترة الحملات الانتخابية السابقة للانتخابات الرئاسية في نوفمبر، ومعتبرًا أن هذا المركز يمكن ان يقلب هذا المسار.

وقد دعا ترامب الى اغلاق الحدود الأميركية امام المسلمين من جميع انحاء العالم. ولم يزر عبدول بعد المركز الذي يبعد مسافة خمس دقائق عن مسجده المؤلف من طابق واحد، ويعلو سطحه قرميد أحمر. وكان هذا المسجد الاخير بني العام 1994.

مواطنون أميركيون

وقال احمد الزعاري، مدير "هيئة المسلمين" التي تتخذ من المسجد القديم مقراً، "اننا نتحدث كثيرًا عن الخوف من الإسلام، لانها مشكلة تتفاقم". واضاف: "لذلك فالحديث عنها، هو واحد من ابرز نشاطاتنا منذ حوالى ستة اشهر".

واوضح أن الهيئة تمضي ساعات في توعية المؤمنين. وقال: "نهدف الى تعليمهم ممارسة الإسلام بطريقة تثبت للأميركيين اننا أميركيون مثلهم، واننا نحب هذا البلد، واننا نحترم قوانينه، واننا نحب هذه الارض".
&
وباختصار، يحض الزعاري المصلين على أن "يلمعوا صورة الإسلام"، وأن يثبتوا وطنيتهم، لاعتقاده أن على المسلمين ان يثبتوا على الدوام ولاءهم. ويراقب باهتمام "بروز" المسجد الجديد "حتى يضطلع بدور" همزة الوصل بين المجموعات.

ويقع المسجد الجديد في وسط منطقة سكنية، ولم يستدرج بناؤه أي تظاهرة أو تحرك عدائي، بينما اثارت مشاريع أصغر من مشروع المسجد في الضواحي ردودًا عنيفة.

ومرد ذلك، كما يقول احمد الزعاري، أنه مشروع قامت به الحكومة التركية، مشيرًا الى انه "يختلف بالكامل عن مشروع بناء مسجد يموله المسلمون المحليون".

ويشبه المركز قرية تنتشر فيها الحدائق. وقد صمم ليستقبل الأميركيين اكثر مما هو لاستقبال السيّاح. واقيم فيه متحف للفنون الإسلامية، وحمامات تركية واحواض سباحة اولمبية وملاعب رياضية... من اجل اجتذاب اكبر عدد من الناس.

عملية جذب

ويقول الامين العام لمركز "ديانات" احمد أيديليك إن هذه هي احدى نقاط القوة في المركز. ويضيف، وهو يخرج من مسجد المركز الذي تذكر عارضاته الرخامية والخطوط المرصعة بحروف من ذهب وألواح الزجاج، بالعصر الذهبي العثماني، أن التصدي للخوف من الإسلام "هو بالتأكيد أحد اهداف المسجد".

لذلك يعمل المسجد الذي دشن مطلع أبريل، علمًا أن الناس كانوا يؤمونه منذ عشرة اشهر، على استقطاب الناس. فقد حددت مواعيد لما لا يقل عن 400 زيارة لمجموعات تنتمي الى معتقدات مختلفة في الاشهر الستة الاخيرة.

وينظم المركز "انشطة بين الاديان" من خلال توجيه دعوات الى اعضاء الكنائس والكنس المحلية، ويضع في تصرفهم تجهيزاته.

ويؤكد احمد ايديليك أن كل ذلك "يبعث بالرسالة الصحيحة"، آملاً في إظهار "الوجه الحقيقي للإسلام". ويعرب عن ثقته بتحقيق هذا الهدف، لأن المفاهيم تتغيّر منذ افتتاح المسجد.

ويقول: "كل هذه الرسائل التي تعبر عن كراهية الإسلام والتعصب والبغضاء التي يرسلها رجال السياسة، تمت خلال الحملة الانتخابية"، معربًا عن امله في ان يتبدد الارتياب في غضون بضعة اشهر.
ويبدو السكان الذين يقيمون في محيط المركز متحمسين له.

وتقول أنجي روميرو (47 عامًا) من صالون التجميل الذي تملكه، ويمكن منه مشاهدة منارتي المسجد، "ليست لدي أي مشكلة. لديّ منظر شامل". لكنها لم تبدِ أي رغبة في اجتياز الشارع لزيارته.

وتقول المتقاعدة لويز ورنر: "الامر رائع للسياحة، ولتأمين مساحة ايضًا من اجل تلاقي الاديان". وتعتبر أن المركز يمكن ان "يساعد في حل المشكلة" الناجمة عن الخوف من الإسلام.

ويؤكد الامين العام لمركز "ديانات" "ترحيبه" بدونالد ترامب، معتبرًا أن "وجوده سيكون رسالة جيدة للمسلمين"، وقد يشكل مناسبة لدفن سلاح الحرب.