يجمع صحافيو الجزائر على ريادة "إيلاف" في الاعلام الرقمي كمغامرة تحولت الى تجربة أسست لثورة إعلامية في العالم العربي بمشرقه ومغربه.

إيلاف من الجزائر: أشاد صحافيون جزائريون بتجربة "إيلاف" كأول صحيفة عربية إلكترونية، ورأوا في تجربة هذا الصرح الإعلامي انها جديرة بالدراسة بعد مرور 15 سنة على تأسيسها، خاصة في وقتنا الحالي الذي صارت فيه الصحافة الالكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي واقعًا طغى على الصحافة الورقية التقليدية.

وقد أطفأت "إيلاف" في 21 مايو ايار الحالي شمعتها 15 منذ تأسيسها عام 2001 كأول صحيفة عربية إلكترونية دخلت هذا المجال.

تستحق التأمل

يقول الصحافي أمين لونيسي المختص في الشؤون المغاربية، إن "تجربة "إيلاف" رائدة تستحق التأمل والمتابعة، إذ أن خوض كل تجربة جديدة يحتاج إلى مغامرة".

ويرى لونيسى أن "إيلاف" تحتاج إلى "الاستمرار بالنفس ذاته" للتمكن من اكتساح الساحة العربية كبوابة إخبارية، في وقت تشتد فيه المنافسة بالنظر إلى أن الفضاء الشبكي العربي يعج ببعض المواقع الالكترونية التي أدخلت منصات حديثة واستطاعت أن تحقق نسب نمو خلال الأعوام الأخيرة.

أما الإعلامية فتيحة زماموش فتؤكد أن "إيلاف" ستبقى "تجربة ثرية" لأنها شكلت "بداية لترسيخ الإعلام الالكتروني ولما كسبته من مصداقية ومقروئية أيضا في الوطن العربي والعالم كتجربة أولى في هذا المجال".

ومن جانبه، يذكر محمد أسحاق لخضاري &وهو إعلامي ومنتج أخبار إقليمي بأن "إيلاف" كانت قد فتحت عند تأسيسها على القارئ العربي "فضاء واسعًا متطورًا بشكل يكاد يكون خرافياً"، لكن لخضاري لا يوافق من يرون في تجربتها عام 2001 على أنها كانت مغامرة، وقال: "لم تكن مغامرة بل كانت استثمارًا في المستقبل وأجزم أنها كانت مدروسة بدقة، لان كل المؤشرات آنذاك كانت لصالح العالم الرقمي".

وبدوره، يوضح الكاتب الصحافي بموقع "الشروق الرياضي" علي بهلولي، أن "إيلاف" تجربة رائدة في الصحافة الإلكترونية العربية، لأنها انطلقت في زمن كان فيه بعض رجال المهنة العرب لا يعرف حتى كيف يُجالس جهاز الحاسوب لأسباب لا يتسع المقام للخوض فيها".

لكن &بهلولي يلفت إلى أنه يتوجب على "أهل هذه المؤسسة الإعلامية مراعاة جديد هذا المجال وإجادة كيفية مواصلة المشوار الشاق بكل نجاح".

الورق باقٍ

ورغم تخلي عدة يوميات عالمية عن طبعاتها الورقية، إلا أن الإعلاميين الجزائريين الذين تحدثت إليهم "إيلاف"&ما زالوا يعتقدون أن للورق مكانته في الوطن العربي.

ويقول بهذا الخصوص لخضاري لـ"إيلاف" إن "الإعلام الرقمي لا يزال في مرحلته الأولى كتطبيق متنامٍ للثورة الرقمية، ولأنه يوفر الوقت والتكلفة واللحظية أو الآنية وبدقة سيزداد انتشارًا ولا احد يتوقع إلى اين سيصل، لكن لن يكون في نظري بديلاً بصفة كلية عن الصحافة الورقية".

وبحسب لخضاري، فإن "التوثيق الالكتروني لا يغني عن التوثيق الورقي للأسباب التقنية ومشاكل مسح الذاكرة والقرصنة، أما الصحف الورقية ستتأثر بلا شك لكنها ستدعم موقعها بمواقعها الالكترونية، وفي الأخير السوق هي من ستحكم على الجميع".

وبدورها، تؤكد فتيحة زماموش أن "الإعلام الالكتروني صار يأخذ حيزاً اكبر بل ويزاحم الصحافة الورقية دون أن نقول انه سيكون بديلاً لها، لان الصحافة الورقية تظل تجربة لها خصوصياتها ومساحة استقبالها للقارئ لا يمكن أن نغفلها"

أما أمين لونيسي فيرى أن القول إن الإعلام الالكتروني" سيكون بديلاً في العالم العربي عن النسخ الورقية أمر لا مفر منه، لكن هذا الانتقال بحاجة إلى وقت وتكيّف كما يختلف من دولة إلى أخرى رغم الاعتماد المتزايد على المواقع الالكترونية".

واضاف: "سمعنا في دول غربية عن تخليها عن الورق مؤخرًا، لكن في المنطقة العربية لم يحدث هذا الأمر بعد ويحتاج إلى أعوام أخرى، فالأمية التقليدية لا تزال متفشية حتى لا نتحدث عن الأمية الالكترونية، لكن يمكن الإشارة إلى تناقص مبيعات الصحف بشكل كبير".

أما علي بهلولي فقال إن "الصحافة الورقية أصبحت في حرج شديد، لأن شقيقتها الإلكترونية باتت تسبقها إلى معالجة المادة الإعلامية، كما "سلبت" منها جمهورًا عريضًا صار يتفادى مطالعة الجريدة"، وأشار إلى أن "ما تعيشه الصحافة الورقية هذه الأيام مرّ به المذياع والمسرح والسينما بعد اختراع التلفاز".

شعرة المصداقية

وبخصوص إمكانية تهديد مواقع التواصل الاجتماعي مكانة الصحافة الالكترونية، استبعد من تحدثوا مع "إيلاف" ذلك، بالنظر إلى افتقاد مواقع التواصل الاجتماعي لمصداقية تساوي تلك التي اكتسبتها الصحف الالكترونية.

وترى الاعلامية فتيحة زماموش أن "مستقبل الإعلام الالكتروني مقرون بالانتشار عبر الشبكة العنكبوتية، ويمتلك شقًا هاماً جدًا، وهو الصدقية في تداول المعلومات، أما الأخبار على شبكات التواصل الاجتماعي فتبقى رهينة المصداقية".

لكن رغم ذلك، يرى محمد إسحاق لخضاري أن "مواقع وبرامج التواصل الاجتماعي ستواصل اكتساحها وتوسعها وتطورها كما أننا سنشهد زوال بعض المواقع وظهور أخرى، لان المنافسة شرسة وقاتلة في قطاع يتطور بجنون نحو الافضل طبعا".

ونبّه الصحفي علي بهلولي على أنه "ينبغي التعامل مع مواقع التواصل الاجتماعي بحذر، فالمعلومة عادة ما تكون مفخّخة ووهمية، كما أن الناشر يبقى مجهول الهوية بخلاف الإعلامي المحترف الذي ينتمي إلى مؤسسة معلومة، ناهيك عن خطر هذه المواقع في تشجيع الناشئة على الابتذال ونشر اللغة العامية، وصرف القارئ عن المطالعة لأنها تولي عناية فائقة للصور والفيديوهات".&

وقال: "أحبذ أن أركن مواقع التواصل الاجتماعي في زاوية تبادل الآراء والتجارب والتواصل بين البشر، وللإعلام أهله".

أما أمين لونيسي فيقول: "مع أن هذا العصر أضحى كل مواطن صحافياً حراً ينقل الخبر لحظة وقوعه عبر مواقع التواصل الاجتماعي، التي تعتبر&سلاحًا ذا حدين، فقد يقع خلالها&القارئ العادي محل تضليل ومغالطات وخير الأدلة ثورات الربيع العربي التي كان يتم الاستناد إليها في تمرير بعض المعلومات المغلوطة وغيرها".
&