ردت المملكة العربية السعودية على مزاعم بتوجيهها تهديدات إلى الأمم المتحدة، مما حدا بالمنظمة الدولية إلى التراجع عن قرارها بإدراج التحالف العربي على اللائحة السوداء بسبب انتهاكات تزعم أنه ارتكبها ضد الأطفال في اليمن.&

نصر المجالي وعبدالاله مجيد: قال سفير السعودية في الأمم المتحدة عبد الله المعلمي، إن المملكة لا تستخدم التهديدات ولا الترهيب، وإنها ملتزمة جدًا تجاه الأمم المتحدة. وتحدثت تقارير عن أن المملكة العربية السعودية هددت بقطع علاقاتها مع الأمم المتحدة، وحجب ملايين الدولارات التي تساهم بها المملكة في تمويل برامج مختلفة للمنظمة الدولية، إذا لم ترفع "التحالف العربي" عن قائمتها السوداء بالجماعات والدول التي تنتهك حقوق الأطفال في اليمن.

تقرير فورين بوليسي&
وحسب تقرير لمجلة (فورين بوليسي) الأميركية، نقلته عنها صحف أميركية وبريطانية، فقد أذعنت الأمم المتحدة إلى التهديد، الذي لم يُذكر في التقارير الصحافية من قبل.&

أضاف التقرير، الذي سارع إلى نفيه السفير المعلمي، "فإن دبلوماسيين سعوديين كبارًا قالوا لمسؤولي الأمم المتحدة إن الرياض ستستخدم نفوذها لإقناع حكومات عربية أخرى ومنظمة التعاون الإسلامي بقطع علاقاتها مع الأمم المتحدة، بحسب المسؤولين الأمميين". وجاءت التهديدات في سلسلة من الأحاديث المتبادلة بين كبار المسؤولين السعوديين، بمن فيهم وزير الخارجية عادل الجبير.&

سخيف ومشين
على هذا الصعيد، نفى المعلمي أيضًا تقارير تحدثت عن احتمال إصدار فتوى ضد المنظمة الدولية، ووصف الأمر بـ"السخيف والمشين"، مضيفًا أن الهدف من اجتماع هيئة كبار العلماء في السعودية هو إقرار وإصدار بيان يدين إدراج التحالف في اليمن على القائمة السوداء.

وكانت الأمم المتحدة أعلنت يوم الاثنين الماضي حذف اسم التحالف من القائمة السوداء، التي أعلنت في الأسبوع الماضي، وذلك إلى حين إجراء مراجعة مشتركة بين المنظمة الدولية والتحالف لحالات الوفيات والإصابة بين الأطفال أثناء الحرب في اليمن.

غضب&
أثار الحذف ردود فعل غاضبة من جماعات معنية بحقوق الإنسان، اتهمت الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بالانصياع إلى ضغوط الدول القوية، وقالت إن بان، الذي يمارس عمله في العام الأخير لولايته الثانية، يجازف بالإضرار بإرثه كأمين عام للأمم المتحدة.

يضم التحالف العربي بقيادة السعودية إلى جانب المملكة، كلًا من الإمارات والبحرين والكويت وقطر ومصر والأردن والمغرب والسنغال والسودان. وقالت المصادر، طالبة عدم نشر أسمائها، إن مكالمات من وزراء خارجية دول خليجية عربية ووزراء من منظمة التعاون الإسلامي، انهالت على مكتب الأمين العام، بعد إعلان إدراج التحالف على القائمة السوداء في الأسبوع الماضي. وتحدث مسؤول في الأمم المتحدة عن "ضغوط من هنا وهناك" لهذا السبب.

تحليلات أمام "إيلاف"&
يشار على هذا الصعيد إلى أن مصادر دبلوماسية في كل من نيويورك ولندن كانت أعطت أمام "إيلاف" تفسيرات لتراجع الأمم المتحدة وحذف اسم (التحالف العربي) من لائحتها السوداء، لأسباب تتعلق بموقف كوري جنوبي "غير معلن" وبطموح مستقبلي للأمين العام في سدة رئاستها.&

وقالت المصادر الدبلوماسية في تحليلها لقرار حذف اسم "التحالف العربي"، الذي تقوده المملكة العربية السعودية لاستعادة الشرعية في اليمن من قائمة انتهاكات حقوق الأطفال، إن التراجع يؤكد فعلًا عدم تورط التحالف في أية انتهاكات في حرب اليمن، كما إن الدبلوماسية السعودية النشيطة ومعها النظيرات الخليجيات ساعدت على التراجع.&

لكن هذه المصادر أشارت من جانب آخر، إلى معلومة مهمة في تحليلها أمام "إيلاف"، وهي مرتبطة بطموح الأمين العام، الذي تنتهي ولايته هذا العام، لتولي منصب عالٍ في كوريا الجنوبية، قد يكون رئيس الجمهورية، فضلًا عن علاقات سيول المتينة مع دول الخليج العربية.

مبالغ فيه&
إلى ذلك، كان السفير السعودي قال يوم الاثنين الماضي إن التقرير السنوي للأمم المتحدة بشأن الدول والجماعات المسلحة التي تنتهك حقوق الطفل في الحرب "مبالغ فيه بشدة"، وطالب بتصحيحه.

تضمنت الشكاوى السعودية الرئيسة، أن الأمم المتحدة لم تستند في تقريرها إلى معلومات من الحكومة اليمنية المدعومة من السعودية، كما اتهمت الرياض المنظمة الدولية بعدم التشاور مع التحالف. لكن ستيفان دوجاريك المتحدث باسم الأمم المتحدة قال الثلاثاء إنه جرى التشاور مع السعوديين.

وقالت مصادر دبلوماسية عديدة إن وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (أونروا)، سوف تتضرر على نحو خاص لو أعيد إدراج التحالف على القائمة السوداء. والسعودية هي رابع أكبر مانح للأونروا بعد الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وبريطانيا، وقدمت قرابة مئة مليون دولار إلى الوكالة في العام الماضي.

كما إن الكويت والإمارات، العضوين في التحالف، مانحتان كبيرتان للأونروا، إذ قدمتا إلى الوكالة قرابة 50 مليون دولار في 2015. وقال دوجاريك إنه إلى جانب السعودية، فإن الأردن والإمارات وبنغلادش، اتصلت بمكتب بان للاحتجاج على الخطوة، وقال دبلوماسيون إن مصر والكويت وقطر عبّرت لمكتب بان عن شكواها.

رفع إسرائيل&
وفي إطار ما زُعم عن تهديد سعودي بقطع التمويل عن برامج للمنظمة الأممية، فإن تقرير (فورين بوليسي) أشار إلى أن الولايات المتحدة كانت حذرت في العام الماضي من أن الكونغرس قد يقطع تمويلات أميركية للأمم المتحدة إذا أدرجت إسرائيل على القائمة السوداء نفسها الخاصة بالكيانات المسؤولة عن قتل أطفال. وكان أن تم رفع إسرائيل عن القائمة قبل إعلانها.&

وفي معرض مطالبته برفع التحالف العربي عن القائمة السوداء، قال سفير السعودية لدى المنظمة الدولية للأمم المتحدة عبد الله المعلمي إنه ليس من العدل أن تُرفع إسرائيل قبل إعلان القائمة، في حين أن التحالف العربي أُدرج عليها ثم رُفع.&

وقال المعلمي: "علينا أن نطرح السؤال: لماذا حُذفت إسرائيل من القائمة في العام الماضي؟، وإسرائيل مسؤولة عن جرائم بحق الأطفال أكثر بكثير حتى من الأعداد غير الصحيحة التي يتضمنها التقرير عن اليمن". وكانت إسرائيل أُدرجت على قائمة تضم أيضًا تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" وتنظيم القاعدة وطالبان. &
&